أكرم القصاص

المستقبل بعد الثانوية العامة وما قبلها

الأربعاء، 02 أغسطس 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أن تعلن نتائج الثانوية العامة، حتى ينشغل الطلاب وأسرهم باختيارات الجامعات، وأى كلية وأى تخصص يضمن لهم مستقبلا فى العمل والحياة، قد تكون هناك نسبة تعرف ما تريد، لكن حتى هذه النسبة تندفع وراء المجموع، ورغبات الأهالى، أو توجهات المجتمع، لكن ربما لا تكون هذه خياراتهم، أو تتناسب مع قدراتهم.
 
خلال عقود، كانت هناك كليات «القمة»، الطب والصيدلة والهندسة وطب الأسنان، لكن هذه الكليات يحتاج خريجوها للمزيد من الدراسة والتخصص، وقد يواجهون تعثرا فى الحصول على فرص عمل، أو ينتهى المطاف بوظائف لا يحبونها ولا ترضى حاجاتهم المادية والمعنوية، ويواصلون حياتهم بالقصور الذاتى.
 
سوق العمل لا علاقة له بأعداد وتخصصات الخريجين، وحتى التقسيم القديم للمؤهلات العليا، لم يعد كافيًا، خلق توزيعًا لا علاقة له بالنتيجة وطبيعة العمل، هذه التفاصيل يعرفها الكل ويشاهدونها ويتجاهلونها ويسيرون فى طريق يرسمه السياق العام، والنتيجة معروفة وواضحة، وندور حولها، والسبب تراكمات نظام تعليمى ظل يتجاهل المجتمع وسوق العمل، وتغيب فيه الاختيارات. ولم يعد هناك ما يسمى الاختيار المضمون، الذى يحسم الطريق نحو المستقبل، والكثير من الخريجين لا يجدون عملًا، ويضيعون وسط الزحام ونقص الوظائف.
 
الحال اليوم أصبح أكثر تعقيدًا، الجامعات عامة وأهلية وخاصة تحاول كل منها تقديم مهارات إضافية لخريجيها، على اعتبار أن اللغات والتخصصات الدقيقة قد تسهل للخريج الحصول على وظيفة. 
والحديث هنا لأغلبية ربما لم تحصل على مجموع يعطيهم الاختيار السهل، وبالطبع نتحدث عن أغلبية، وليس عن نماذج استثنائية تحقق تواجدًا من النجومية والثراء، لاعبو الكرة والنجوم الكبار والأثرياء المعدودون، وأغلبهم لا علاقة لتميزهم بالدراسة، ولا توجد خيارات واضحة جاهزة للأعمال والثراء، والعلماء والباحثون ليسوا على قوائم الثراء، ومع هذا فإن اختيار العلم فى الدول الكبرى يضمن استقرارًا وتكافؤ فرص، والأمر كله مرتبط بنظام تعليم مرن، يجعل من السهل تغيير المسار وتعديل الاختيار. 
 
الشاهد أن سوق العمل لا علاقة له بأعداد وتخصصات الخريجين، والتقسيم القديم للقمة والقاع فى الكليات أو التفرقة بين الفنيين وأصحاب المؤهلات العليا، هو الذى خلق تقسيمًا لا علاقة له بالنتيجة وطبيعة العمل، فالمثل الأعلى قد يكون عالمًا أو لاعب كرة أو طبيبًا أو مهندسًا أو معلمًا، بينما المكاسب ترتبط أكثر بأهم حاجات الإنسان، الطعام والملابس والفسح والترفيه، فعليًا كل مهنة فى العالم مهمة، وكل شخص مهيأ للقيام بدور ما، لكن ما نراه بعيدًا عن كل هذا.
 
مكتب التنسيق يوفر عدالة فى توزيع أماكن بالجامعات، لكنها لا تضمن مكانًا أفضل للشاب، ولا توجد وصفة جاهزة فى حال اتباعها يحصل الشاب على عمل جيد بعد التخرج، وبالتالى الأهم هو أن يحصل الطالب على مناهج ومعارف تمكنه من الاختيار والسير نحو المستقبل، بشكل قد لا يكون مرتبطًا بالدراسة المباشرة.
 
وقد يكون المطلوب فى المدى المتوسط هو الخروج من واقع تعليمى شكلى إلى حقيقة تقود إلى مستقبل أفضل، وربط التعليم بالمهارات التى يضطر الخريج لتحصيلها من كورسات أو تدريبات، المهم ألا يتوقف الشاب عن التحصيل، وأن يتفهم طبيعة التحول فى المجتمع، وكيفية تحديد الاختيارات بما يتناسب مع طموحاته، مع فتح أبواب التدريب والتطوير والبحث، كجزء من التعليم المباشر، وأن يشغل هذا مساحة لحوار مستمر، بحيث لا نبذل جهدًا فى تعليم الشباب، ونتركهم لحيرتهم، وأن يحدث هذا بهدوء، وبمشاركة واسعة، باعتبار الأمر عملية مستمرة منذ ما قبل الثانوية وما بعدها، وبعد الجامعة.
 
P.8

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة