أكرم القصاص

صناعة الدراما فى زمن السوشيال والمنصات

الثلاثاء، 04 أبريل 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التطورات والتقنيات والذكاء الاصطناعى، تؤثر على كل المجالات الخاصة بالوعى والثقافة والفنون والمعرفة، وحتى الدراما لم تعد فقط من عناصر التسلية، لكنها تدخل فى صياغة الوعى.
 
ولا يمكن تجاهل تأثريات التطورات التكنولوجية والتقنية، والديجيتال فيما يتعلق بإنتاج وعرض الدراما والسينما، وكذلك تأثريات عصر الاتصال والتواصل مع هذه الصناعة، وتغيير أمزجة وتفاعل الجمهور، وتتضح هذه العناصر من مواسم سابقة، وبمناسبة ما يجرى من جدل ونقاش حول مسلسلات رمضان والدراما بشكل عام، فإن هذا الموسم والسنوات الأخيرة تأتى فى وقت تتنوع فيه منصات العرض وطرق التسويق، كما أن تعدد منصات العرض سوف يجعل عمليات النقل والاقتباس أكثر صعوبة، لكنه بشكل عام يمثل تحولا يفترض أن تكون المنصات المحلية منتبهة له.
 
التطور التقنى ينعكس على شكل الصورة والخداع والمشاهد والعناصر الفنية فى الكثير من المسلسلات، ولا نعرف إن كانت صناعة السينما يمكن أن تستفيد من هذا التطور فى استعادة وجودها، بعد تراجع ظهر خلال السنوات الأخيرة، وتقلص واضح فى الكم من الأفلام التى يتم إنتاجها وهى أقل بعشرات المرات عما كان فى السابق.
 
تجربة نيتفلكس ومنصات العرض والإنتاج، غيرت من شكل ومضامين إنتاج الأفـلام والمسلسلات، وأصبحت تستوعب محتوى عربيا وبكل اللغات والثقافات، وهو أمر لا شك يؤثر بشكل كبير على شكل وأنواع ما يتم تقديمه، وحتى على المضمون الـذى يقدم، بأسقف مختلفة، فيما يتعلق بالموضوعات والقضايا التى تطرحها، نيتفلكس أو غيرها، غيرت وتساهم فى تغيير نوعية الدراما التى تقدم، وهو تغيير وقع بالفعل من تأثير السوشيال ميديا، وأدوات ومنصات النشر، وبالتالى يتوقع أن يكون تأثير الدراما أعمق.
 
ثم إن هناك تكتلات تتشكل وتمثل خطوات نحو نوع من الاحتكار فى الإنتاج والعرض، وبالتالى اختيار الموضوعات، يضاف لذلك أن تراجع صناعة السينما يفتح أبوابا لهذه المنصات لكى تملأ الفراغ، وتفتح أبوابا للعمل والإنتاج، وبالتالى يكون لها الحق فى اختيار وفرض موضوعات بعينها.
 
ويظهر تأثير السوشيال ميديا، حتى فى طريقة تعاطى الجمهور الذى يتحول إلى نقد وتفاعل لحظى، ونقل وتناقل ونسخ، يجعل من الصعب التفرقة بين التريند وبين عمل بالفعل لديه نسب مشاهدة، الجمهور يحصل على حق التفاعل مع العمل رفضاً أو قبولا، وهو أمر له ميزاته وعيوبه، فطبيعة مواقع التواصل متعجلة وبها حدية فى نقل الرأى، حيث تسود الآراء القاطعة، والصراعات أكثر مما تظهر النقاشات، وتتداخل المجاملات والحروب، المجاملات بين المعارف والأصحاب، ولا يمكن تجاهل الصراعات الشخصية التى تنعكس فى صورة بوستات نقدية. 
 
مواقع التواصل أيضا تسودها الاختصارات والأحكام المطلقة، وتنتقل هذه العادات إلى الصحافة والنقد المحترف، باستثناءات قليلة، حيث تنتشر ظاهرة النقد اللحظى، وإطلاق الأحكام أثناء عرض الحلقة ومن دون انتظار لتطورها أو حتى اكتمالها، ولا يمكن تجاهل المنافسة، بل والسعى للطعن أو ترويج شائعات، وتصيد أخطاء وتضخيمها، بالطبع هذه اللجان تعجز عن تغيير واقع الأعمال الجيدة إلى سيئة والعكس وإن كانت تلعب دوراً لا يمكن تجاهله، وبشكل عام، فإن كل هذه العناصر هى جزء من عولمة معلوماتية وتقنية تفرض نفسها بشكل أسرع ومما كان متوقعا ومع تطورات الذكاء الاصطناعى والتقنيات، فهذه العناصر تلعب الدراما لكن فى الواقع، بشكل عالمى وليس محليًا.
 
وبالمناسبة، فإن تقديم أفلام ومسلسلات للجمهور العام أمر ليس سهلا، بل إن الأعمال الكبرى التى يحتفظ لها الجمهور بالفضل، ويكرر مشاهدتها حتى فى زمن المنصات، ربما تكون بحاجة إلى دراسة جادة لمعرفة تفاصيل وأسرار المشاهدة والارتباط مع الجمهور، وبالطبع فقد كانت فى زمن آخر، وكانت الشاشات الفضية والملونة وشاشات السينما لها السيادة، قبل أن يحل الموبايل مكان عشرات الأدوات ويختصر التأثير، فى نافذة صغرية، وهو تأثير لا يتعلق بالفن والدراما ويتعداها لصناعة وعى وتزييف وعى، فى الدراما والمعرفة والتسلية.
 
p.8
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة