إيمان حنا

دراما "المُتحدة".. تنوع آمن للأسرة.. ونجاح يؤكد أن الذوق العام بخير

الأربعاء، 26 أبريل 2023 01:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الذوق العام فى مصر بخير".. عَلَّ هذه الرسالة المُطمئنة التى وَصلتنى مِن خلال النجاحِ الكبير الَّذِى حققته دِراما رَمضان هذا العام؛ فقد بَعثَ نجاحُ هذا الموسم الأمل فى الذوق العام.
 
لَستُ نَاقدة فنية أو من ذوى الخبرة التى تَتطلبها الكِتابة المتعمقة عن الأعمال الفنية بشكل احترافى، ولَكننى أكتبُ هُنا كمُشاهدة تابعتْ تلك الأعمال بشغف المُتلقى وحِرص الأم.
 
مَوسِم دراما رَمضان 2023 الَّذِى قَدمَتْه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية من خلال 17 عملًا دراميًا، كانَ بمثابة وَجبة شَهية مُتنوعة آمنةِ للأسرة المِصرية؛ فنَحنُ جميعًا يَنتابنا القلقُ من جُلوس أطفالِنا أمام شاشة التليفزيون بمفردهم؛ خِشيًة تَصدير عادات أو ألفاظ لأطفالنا خارج سياق تربيتنا لهم، من خلال تلك الأعمال أو تَرسيخ مفاهيم لا تُشبهنا، ولَدينا دائمًا هَاجس من فكرة تَرك الريموت كنترول بين أياديهم، لِذا نَضطر لمُراقبة ما يشاهدون طوال الوقت، ولَكن دراما هذا الموسم نَجحَتْ فى تَجميع الأُسرة المصرية بكل فئاتها العمرية حول الشاشة دُون قلق.
 
لقد حَققتْ تِلك الأعمال المُعادلةَ الصعبةَ؛ حيثُ لبتْ أذواق المُشاهدين من الشرائح المختلفة دون الإخلال بأصولنا وقيمنا، فكانتْ القيم المِصرية الأصيلة حاضرة بقوة فى أذهان صُناع تلك الأعمال، بداية من الفكرة والسيناريو والحوار، وصولًا إلى ملابس الشخصيات والديكورات وطريقة الأداء، كما أعادت إلى سوق الفن قاعدة الاستعانة بمراجعين وباحثين من ذوى الخبرة فى كل مجال وفق متطلبات العمل.
 
ولَم يَكن الإمِتاع الهدف الأوحد لتلك الأعمال؛ بَل إنَّ القائمين عليها حَرصوا على طرح قضايا مجتمعية مُهمة مِن خلالها، كَما شَاهدنا فى مسلسلات "حَضرة العُمدة"، "تَحت الوصَاية"، و"علاقة مَشروعة" بَل إنَّ المُشاهد وجدَ أيضًا الجُرعة الوطنية المَطلوبة لبناء الشخصية المصرية لأبنائنا، وهذا ما شاهدناه فى مسلسلى"الكَتيبة101" و"حَرب"، كَما لم تَغفلْ تقديم القِيمة الدينية فِى إطار عرضِ تشويقى، فِى مسلسل "رِسالة الإمَام"، إضافة إلى دِراما الطفل من خلال "يحيى وكنوز2" و"المَحميَّة".
 
وعلى الجَانب الآخر؛ كَشف النجاحُ الكبير الَّذِى حققته دراما هذا العام أنَّ المِصريين لا يَزال لَديهم تَذوق للفَن الحقيقى، وأنَّ البطل بالنسبة للقاعدة العريضة منهم لَيس العُرى والمَشاهد الساخنة أو البَلطجة وغيرها من عوامل الإثارة التى تنتهجها ـ للأسف ـ الكَثير من الأعمال الفَنية كوسيلة لتحقيق الربح المادى والانتشار الواسع؛ بل كانَ البَطل الحقيقى فى مَوسم رَمضان2023 الشخصية المصرية الأصيلة وقيمها، التى فَرضتْ نَفسها بقوة على السوق الفَنية، وأثبتتْ أَنها هى التى تَقود وليس العكس، وأنَّ تلك الشخصية بكل مكوناتها ستَظل مصدر الإلهام للعمل الفنى الشعبى القريب لقلوب المصريين، وكما أكدتْ أنَّ المُشاهد لَديه استعداد للجلوسِ أمامَ الشاشة الصغيرة ومتابعة الجيد من الأعمالِ إذا قُدمتْ له بشكلِ احترافى يهتم بالتفاصيل الإنسانية التى تُشبهه؛ فالدراما تَعتمدُ بالأساس على التفاعل الإنسانى، وتُعد النَواة الحقيقية لكافة الفنون التى عرفتها شعوب الحضارات القديمة.
 
لِماذا حققَ مُسلسل جَعفر العُمدة نجاحًا جماهيريًا لافتًا؟.. هذا السؤال طَرحه كَثيرون، وأعتقدُ ـ من وجهة نظرى البسيطة ـ أنَّ العامل الرئيس فِى نَجاح المُسلسل هو ارتباط المُشاهد بشخصيتى "جعفر"، و"صفصف"والدته، والناظر بتَمعُن لهاتين الشخصيتين سيجد بينهما رابطًا يَتعلقُ بسِمات الشخصية المصرية التى عَهدناها، فـ"المعلم جعفر" ليس مجرد شخص قوى ثرى، لَكنه يَمتلك قوة الخير ولَيس قُوة الشرِ، لذلك لم يَقع المشاهد فى غَرام شَخصية "شوقى فتح الله" غريم جعفر؛ على الرُغم مِن تَمتعه هو الآخر بالقُوة والثَراء، لَكَّن "جعفر" كَانْ الأقرب للشخصية "الجدعة"، "الحقانية"، فـ"جعفر" لا يَظلم أحدًا، يُحارب من أجل حقه وحقوق أهل بَيته وكرامتهم، وفى الوقت نفسه يَقف كطفلِ صغيرِ أمامَ والدته متخليا طواعية عن أدوات قوته، طائعًا لها، وهنا تتضح قيمة إجلال وتقدير مكانة الأم، وهذه أهم سمات المعدن المصرى الأصيل.
 
كُل مِصرى أصيل رَأى نَفسه كَما يتمنى فِى سمات شخصية "جعفر العمدة"، كُل روح مصرية طيبة عَشِقت شخصية "صفصف"، الأُم التى يتسع حِضنها للجميع، خَفيفة الظل دون تَصنع، تَغضبُ أحيانًا لَكنها لا تُؤذى، كلماتها وإنْ بَدت قاسيًة فى بعض المواقف؛ لَكنها تَحملُ فى طياتها مشاعر الحبِ، شخصية واضحة دون خبث أو مواربة، وفية لزَوجِها الذى فارقها منذ سنوات طويلة، ولا تَزال ترى فيه الرَجل المِثالى.
 
لقد جَددتْ دراما رمضان 2023 الروح المصرية فى الشارع، وجَمعت المِصريين على الحُب، كمائدة إفطار رَمضان التى تُجمعنا دائمًا على المَودة، فالحب لغتنا واللغات رسالات.
 
ومِما لا شَك فيه أنَّ الدراما أداةُ مُهمة مِن أدوات القوة الناعمة لا يُستهان بِها، وقد كانت جزءًا رئيسًا من حياة الإغريق، فكلمة"دراما" بالأساس مَأخوذة عن مُصطلح فى اللغة الإغريقية القديمة بمعنى "العمل"، وإذَا أُحسِن تَوظيف تِلك الأَداة وتوجيه مزيدِ من الاهتمامِ لها، فمِن المُمكن أنْ تَلعب دورًا تربويًا واجتماعيًا أكبر.
 
 
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة