زلزال الحوز.. الحصاد المر 3.. من الإنسان إلى الحجر.. ضريبة زلزال القرن على "الآثار والتراث".. تحديات تواجه بناء 50 ألف وحدة تراثية.. مسئول لـ"اليوم السابع": أضرار غير مسبوقة.. وانتهاء الترميم خلال 6 أشهر

السبت، 04 نوفمبر 2023 08:42 م
زلزال الحوز.. الحصاد المر 3.. من الإنسان إلى الحجر.. ضريبة زلزال القرن على "الآثار والتراث".. تحديات تواجه بناء 50 ألف وحدة تراثية.. مسئول لـ"اليوم السابع": أضرار  غير مسبوقة.. وانتهاء الترميم خلال 6 أشهر بصمات تركها زلزال الحوز على أسوار مدينة تارودانت العريقة
إيمان حنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ـ اللجنة الوطنية المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية: الزلزال أضر بمعالم حضارية يصعب تعويضها و دمر منشآت من الـ18

ـ رئيس اللجنة: التحدى الأكبر إعادة بناء 50 ألف وحدة سكنية قروية تراثية بالنمط السابق..جدل حول المواد المستخدمة..تقديرات غير نهائية لتكلفة الترميم بـ( 12 مليار دولار)

ـ دمار  "رمز دولة الموحدين"..تهدم أقدم مساجد المغرب..وانهيار أجزاء من الأسوار الحمراء الشهيرة..وسقوط حى"الملاح اليهودى"

ـ المنظمة العربية للمتاحف لـ"اليوم السابع": خسائر بالغة بالمدينة المدرجة على قائمة "اليونسكو" و خطة الإصلاح تستغرق عاما

ـ الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف: المغرب لديه أكبر لائحة للتراث العالمى لدى اليونسكو بـ9 مواقع

ـ رئيس اللجنة الوطنية المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية: نعانى قصورا فى التعاون العربى فى قطاع الآثار

ـ الشبرى: حذف مواقع ببريطانيا وأمريكا وألمانيا من قائمة التراث العالمى

 

إحصائيات

ـ 8 مواقع أثرية تضررت جراء الزلزال( وزارة الثقافة المغربية )

ـ 12 مليار درهم تقديرات تكلفة إعاد تأهيل المواقع الأثرية( اللجنة الوطنية المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية)

ـ 5 مواقع فى مراكش خضعت لعمليات الترميم

ـ 700 هكتار.. مساحة المدينة القديمة بمراكش المتضررة(وزارة الثقافة المغربية)

ـ 1193 موقعًا أثريًا على لائحة التراث العالمى موزعة على 163 دولة( اللجنة الوطنية المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية)

 

من الإنسان إلى الحجر، لم يَسلم شئ من دمار الزلزال الذى ضرب خمسة أقاليم بالمغرب فى الثامن من سبتمبر الماضى، تاركًا بصماته شاهد عيان على غضب الطبيعة على الكرة الأرض وقاطنيها، ولا يزال ذلك الغضب مستمرًا، فبينما نكتب هذه السطور يحصد زلزال آخر وقع فى"نيبال " أرواح عشرات الضحايا فى مسلسل لا ينتهى من المآسى الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتحديدًا الزلازل ..

بعد أن تناولنا فى الحلقات السابقة الآثار التى تركها "زلزال القرن" على الإنسان، نتناول فى هذا التحقيق بصماته على المواقع الأثرية والتراثية فى المغرب، وما وصلت إليه جهود الإنقاذ، وإعادة التأهيل حتى الآن، والتحديات التى تواجه تلك الجهود.

فقد بلغ إجمالى عدد المواقع الأثرية المتضررة جراء الزلزال( 8 مواقع ) ـ طبقًا لإحصائيات وزارة الثقافة المغربية ـ فى مقدمتها (مراكش) الدرة السياحية الغنية بتراثها المعمارى والتى تبعد 70 كيلو مترًا عن إقليم الحوز (مركز الزلزال)، ففى المدينة القديمة الممتدة على مساحة 700 هكتار، بدت الأضرار مروعة حيث تعرضت العديد من الأماكن التاريخية والتراثية بها للدمار مثل آن صوفى لابادى وإسماعيل بيلوالى فى الرباط، إلى جانب ما تدمر من مساكن، ما أدى إلى ارتفاع أكوام الركام فى الأزقة لعدة أمتار.

ومنذ وقوع الكارثة حتى الآن، لا حديث يعلو في المغرب على برنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة جراء الزلزال، وبالتوازى مع الورش الضخمة التى أطلقها المغرب لإعادة إعمار القرى التي دمرها زلزال الحوز، بميزانية تقدر ب120 مليار درهم، (حوالي 11.7 مليار دولار)، على مدى خمس سنوات، مستهدفةً 4.2 مليون نسمة فى أقاليم( مراكش والحوز وتارودانت وشيشاوة وأزيلال وورزازات)، أطلق أيضا برنامجا لإعادة ترميم المناطق الأثرية.

ورغم انشغال الحكومة المغربية بحصر ورفع الأضرار البشرية أولًا وتوفير مساكن بديلة لأصحاب المنازل المتضررة من الزلزال، إلا أنها لم تغفل أيضا منح قبلةالحياة للآثار والتراث المتضرر من خلال وضع خطة إصلاح وترميم شاملة.

يحاول "اليوم السابع" خلال هذا التحقيق رصد ومتابعة مصير المناطق التاريخية والتراثية التي لحق بها أضرار، والوقوف على الخطوات القادمة التي تسعى الحكومة المغربية إلى اتخاذها لترميم وإعادة تأهيل تلك المعالم التاريخية.

 

الخسائر

بدايًة تحدث إلينا الدكتور حسن هرنان المدير الجهوى للثقافة بجهة مراكش آسفى، موضحًا أن حجم الخسائر التى طالت المواقع الأثرية والتراثية بالأقاليم الخمسة التى تعرضت للزلزال، غير مسبوق فى تاريخ المغرب، مشيرا إلى تضرر 8 مواقع ـ تعود لعصور مختلفة أقدمها الثامن الميلادى والقرن الحادى عشر ـ بدرجات ضرر متفاوتة، من بينها 5 مواقع فى مراكش، وموقعان فى جهة آسفى، وموقع واحد فى إقليم الحوز ، إضافة إلى  أسوار مدينة تارودانت العريقة، وحى "الملاح اليهودي" التاريخى الذى لحقت الأضرار بـ 60% منه، وهو من المعالم التاريخية المهمة أيضًا بالمملكة.

 

مسجد تينمل

يستكمل هرنان الحديث، قائلا: لقد ألحق الزلزال أضرارا بالغة بأحد أهم المواقع التاريخية فى جبال الأطلس الكبير بإقليم الحوز قرب مراكش، وهو مسجد "تينمل" المعروف باسم المسجد الأعظم، الذى يعود إلى العصر الموحدى (القرن الـ12) ، والمدرج على قائمة التراث العالمى، فإن المسجد تهدم بعد أن كانت بلغت فيه أعمال التطوير 90%.

ويشرح هرنان أهمية المسجد، قائلا: المسجد مبنى من الطوب اللبن والحجر ، وتم إنشاؤه فى أحد أودية جبال الأطلس، حيث أقامت دولة الموحدين عاصمتها الأولى قبل أن تستولى على، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر وهو مسجل على اللائحة التمثيلية للتراث العالمي، وقد أنشأته أسرة من القرون الوسطى فتحت شمال أفريقيا وإسبانيا.

مسجد تينمل قبل الزلزال
مسجد تينمل قبل الزلزال

 

أضرار لحقت بمسجد تينمل
أضرار لحقت بمسجد تينمل

 

وفى هذا الصدد يقول، الدكتور الشرقى دهمالى الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف، عضو المجلس الاستشارى ولجنة التخطيط الاستراتيجى بالمجلس الدولى للمتاحف، أن الزلزال تسبب أيضا فى إلحاق أضرار كبيرة بصومعة جامع الكُتبية، الذى يُعد من أقدم المساجد فى المغرب، و من أشهر المعالم السياحية فى مراكش، وهناك بعض التصدعات والتشققات في الحائط باتجاه القبلة، لافتًا إلى أن مسجد تينمل تضرر بشكل كبير جدا، ولم تبقَ منه إلا بعض الجدران.

الدكتور الشرقى دهمالى
الدكتور الشرقى دهمالى

 

و لحقت أضرار أيضًا بقصر البديع الذى يعود إلى القرن السادس عشر، إضافة إلى أسوار مدينة تارودانت، يقول الشرقى.

وألمح الشرقى، إلى تعاون المغرب مع منظمة "اليونيسكو" فيما يخص أعمال الإصلاح والترميم؛ لأن مراكش مسجلة كتراث عالمي، مشيرا إلى مشاركة المنظمة فى إعداد تقارير تم تسليمها إلى السلطات الرسمية في وزارة الأوقاف ومديرية التراث بالمغرب.

 

مسجد الكُتيبة

وبالنسبة للأضرار التى طالت صومعة جامع "الكتبية"، يوضح أبو القاسم الشبري، الباحث الأثري في التراث المغربى والخبير في التراث العالمي، رئيس اللجنة الوطنية المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية والمواقع "إيكوموس"، قائلا: بعد وقوع الزلزال اهتزت الصومعة هزة عنيفة ما أثر عليها سلبًا، والآن أصبحت مهددة بالانهيار في أية لحظة.

مسجد الكتيبة بعد الزلزال
مسجد الكتيبة بعد الزلزال

 

مسجد تينمل قبل الزلزال
مسجد تينمل قبل الزلزال

 

يستطرد الشبرى قائلا: وتعد هذه الصومعة التي شيدت قبل نحو 900 عام، واحدة من أجمل الصوامع الأثرية، ومنارة أحد أشهر مساجد شمال إفريقيا في مراكش، ، واشتهرت الصومعة ـ وفق "الشبرى"ـ  بجمالها المعماري على طراز الفن الأندلسي، موضحا أن المسجد يحمل اسم الكُتيبة نسبة إلى حي الكتبيين المجاور، الذي تواجد فيه بائعو الكتب.

 

الأسوار الحمراء

ومن مسجد الكُتيبة إلى "الأسوار الحمراء" الشهيرة المحيطة بالمدينة القديمة في مراكش التى بنتها سلالة المرابطين وهى المدينة التى أنشئت كعاصمة للدولة المرابطية ثم للدولة الموحدية، ويطلق عليها اسم "المدينة العتيقة"، حيث ألحق زلزال "الحوز" أضرارا بأجزاء كبيرة منها، وتُعد "الأسوار الحمراء" من أشهر معالم المغرب، ويرجع تاريخها إلى القرن الثانى عشر 1071-1072.

الأسوار الحمراء
الأسوار الحمراء

 

تحدى الحفاظ على التراث!

يواصل أبو القاسم الشبري، حديثه لـ"اليوم السابع"، حول الأضرار الناجمة عن الزلزال، قائلًا إن معظم الآثارالواقعة في منطقة الزلزال تعود للعصر الإسلامي، ويمتد تاريخها لقرون.

وعن أسباب التدمير الذي لحق بالمباني التراثية في مراكش يقول، إن الزلزال الذي ضرب المغرب فى الثامن من سبتمبر الماضى، كان مركزه إقليم الحوز المعروف بطبيعته الجبلية القروية، وطبيعة البناء بهذه القرى تجعل البنية التحتية لتلك المناطق ضعيفة مقارنة بالمدن، وفي مراكش جميع المباني لها قيمة تراثية وتاريخية أغلبها تعود إلى القرون الوسطى والقرون اللاحقة، منها مبانٍ تاريخية من القرن الـ19 وهي مبان نادرة في شمال إفريقيا، وبعض هذه المباني مصنفة كأثر والعض الآخر مصنف " تاريخي" أو"تراثى" سيتم وضعه في عين الاعتبار ضمن خطة الترميم، مضيفا:"أن أهمية أهمية البناء تتحدد وفق تاريخ إنشائه وليس بحسب الشكل أوطبيعة الزخارف".

يضيف الشبرى، أن الزلزال لم يلحق الضرر بأهم معالم الحضارة المغربية الواقعة فى مدينة "مراكش" القديمة فحسب، بل أضر أيضا بتراث المغرب العريق المتمثل فى المبانى القروية المنشأة من الطين والحجارة، والتى يصعب استرجاعها، حيث أدى الزلزال إلى تصدع وتشققات بمبانٍ مصنفة تراثًا وطنيًا بالمدينة العتيقة لمراكش، من بينها "قبور السعديين" و"قصر البديع"، أشهر الأضرحة بالمغرب وأحد المعالم التاريخية لمراكش، لكن وضعها ليس خطيرًا، إلى جانب تساقط أجزاء صغيرة من بعض أبراج سور مراكش الأثري، فيما بقيت الأبواب دون أضرار.

وفى هذا الصدد، يشير الشبرى إلى التحدى الأكبر المتمثل فى إعادة بناء 50 ألف و500 وحدة سكنية قروية تراثية فى الأقاليم الخمسة، والاتفاق على نمط معين للبناء بكيفية تحافظ على النمط السابق، هناك بعض الآراء تذهب لاستخدام مواد محلية باستخدام تقنيات حديثة تجعل المبنى مقاوم للزلازل، بينما هناك آراء مغلوطة تشكك فى صلاحية تلك المواد للبناء، وهذا خطأ تماما فالعامل الأساسى للأمان يعتمد على موقع البناية والأساسات المتينة .

وبالنسبة للميزانية المرصودة لإنهاء برناج الإصلاح، قال الشبرى إن التقديرات غير النهائية تشير إلى تكلفة تقدر بـ (12 مليار درهم).

يؤكد الشبرى، تفرد الطريقة التي أنشأت بها القرى التي تضررت جراء الزلزال، والتى تعود إلى قرون مضت، ما يجعلها مميزة جاذبة للسائحين، وبالتالي يتوجب مراعاة خصوصية تلك القرى أثناء عملية إعادة الإعمار، حتى نحافظ على روحها التراثية المميزة.

وأشار إلى أهمية إطلاق حملات التوعية لنشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث، والمساهمة في الحفاظ على هويتنا الثقافية. كما نوه إلى إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتعزيز كفاءة عمليات الإعمار، بما يكفل سلاسة التنفيذ وتحقيق الأهداف بفعالية وبشكل أسرع، إضافة إلى توفير بيئة آمنة للاستثمارات وتطوير البنية التحتية بشكل مستدام يسهم في تحسين الحياة في تلك المناطق المتضررة.

الدكتور أبو القاسم الشبرى
الدكتور أبو القاسم الشبرى

 

وفيما يخص نتائج الحصر الأولي للآثار المتضررة جراء الزلزال، نوه الشبرى إلى بعض الأضرار التي لحقت بـ"قصبة بولعوان" أحد المآثر العمرانية التاريخية في المغرب، والتي تم تسجيلها منذ عام 1924 كأثر تاريخي، وسقوط أجزاء من شرفات ممر المراقبة بالسور الأثري، إلى جانب ظهور تشققات في السور وبعض الأبراج.

وأوضح أن اللجنة الوطنية المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية والمواقع "الإيكوموس" قد قامت بإعداد تقرير مفصل عن الأجزاء المتضررة بالمباني التراثية في المغرب، مع تحديد وضعية كل بناية وأساساتها والتربة المتواجدة بها، ما ساعد الجهات المعنية في وضع آلية الترميم المناسبة والمشروع النهائي لإعادة التأهيل، كما أكد الشبرى، ضرورة التعاون مع اليونسكو ومنظمات ثقافية وأثرية أخرى، فالمصاب جلل ويصعب إنجاز المهمة دون تضافر الجهود.

وعن التحديات التى واجهت لجنة التقييم ، أشار الشبرى، إلى أنه كانت هناك صعوبات لتأمين السكان بالمدينة القديمة خوفا من سقوط بعض البنايات عليهم، وتوفير مراكز إيواء بديلة لتلك الأسر .وضمن التحديات أيضا، أن الأولوية كانت توفير ميزانيات للاحتياجات الأساسية للأسر المتضررة، مما دفعنا لإرجاء خطط ترميم المبانى التاريخية .

التقط أطراف الحديث، الدكتور الشرقى دهمالى، الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف، عضو المجلس الاستشارى ولجنة التخطيط الاستراتيجى بالمجلس الدولى للمتاحف، موضحًا أن المغرب يتمتع بخبرة كبيرة فى ترميم الآثار ولديه الإمكانات التقنية والبشرية التي تساهم فى إنجاز هذه المهام.

وأشار دهمالى، في حديثه لـ"اليوم السابع"،  إلى أن المغرب عرف بعض التأثيرات على مواقعه الأثرية جراء زلزال لشبونة(الكبير) عام 1755، وتسبب فى تهدم عدد من المواقع المهمة منها الموقع الرومانى الأثرى، ثم جاء أيضا زلزال مدينة أكادير عام 1960 ألحق ضررا فى منطقة قصبة أكادير والتى خضعت للترميم مؤخرا بعد أن بقيت مهجورة لسنوات.

 

خطة الإصلاح والترميم

وعن خطة معالجة الأضرار، يقول الدكتور حسن هرنان المدير الجهوى للثقافة بجهة مراكش آسفى، لـ"اليوم السابع"، وزارة الثقافة المغربية منذ اللحظات الأولى منكبة بكل ثقلها وأطرها لتقييم الوضع بكل المدن المتضررة بالتنسيق أيضا مع المديريات الجهوية التابعة للوزارة، وبدأنا بمرحلة حصر الأضرار ، وتحديد البنايات التى تحتاج تدخلات عاجلة، وتم وضع برنامج عمل لمباشرة أشغال الترميم، وفق الأولويات.

الدكتور حسن هرنان
الدكتور حسن هرنان

 

عقب ذلك تم البدء فى تنفيذ إجراءات الترميم ـ يستكمل هرنان حديثه ـ  وقد تم الانتهاء من 80%منها وافتتح البعض فى منتصف أكتوبر الجارى، ويتبقى فقط 20% منها ترميم قصرى بديع والباهية(ينتميات للقرت الرابع  عشر)،  وقبور السعديين، وقبة المنارة، والقبة المرابطية، ومن المقرر الانتهاء منها وافتتاحها أمام السائحين خلال 6 أشهر.

ويوضح هرنان، أنه تم وضع خطة أولية لحصر المواقع المتضررة وتصويرها ، وتمت الاستعانة بعدد من مكاتب الخبراء ومختبرات فى مجال البناء التقليدى والأثرى، كما أن فريقا تابعا للمصالح الجهوية لوزارة الثقافة بمراكش، قام بجولة تفقدية لأهم المآثر و المباني التاريخية و شملت مواقع تاريخية وأثرية هى: تينمل، أغمات، قصر البحر، دار السلطان، قبور السعديين، القبة المغربية، مزار مولاي يوسف، والقزادرية، ومعظم المواقع الأخرى في مراكش وآسفي أيضا، وأعد الفريق تقريرا للإدارة المركزية، كما أن فريقا مكونا من مديرية التراث و مهندسين معماريين بوزارة الثقافة، زار هذه المآثر.

ثم تم وضع برنامج عاجل لإعادة ترميم جميع المبانى والآثار التاريخية؛ فى مقدمتها معالم مراكش التاريخية ومسجد تنمل التاريخى الواقع بإقليم الحوز، والذى تعرض جزء منه للضرر جراء هذه الكارثة الطبيعية.

ويضيف، الدكتور دهمالى الشرقى، تم التواصل مع اليونسكو من خلال اللجنة الوطنية لمنظمة اليونسكو، للتعاون فيما يخص مدينة مراكش لأنها مسجلة بقائمة التراث العالمى، وتم تشكيل فريق مشترك لتقييم الأضرار ووضع خطة الترميم، وإجراءات عاجلة للبنايات التاريخية الآيلة للسقوط.

 

9 مواقع بلائحة التراث العالمى

يوضح الدكتور عويس عبد الله، أستاذ الآثار بالمغرب، الأهمية التاريخية للمغرب، والتى أسس لها موقعه الجغرافى المتميز حيث يقع المغرب على بعد 14 كيلو مترا من أوربا، ويقع بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسى أعطاه مكانة استراتيجية عبر التاريخ، كما أن موقعه الجغرافى جعله حاضنا لمجموعة من الحضارات التى تعاقبت عليه منذ ما قبل التاريخ، حيث إن غالبية فترات ما قبل التاريخ ممثلة فى المغرب، وأيضا الحضارات الفينيقية والقرطاجية والرومانية.

يوضح عبدالله، لـ"اليوم السابع"، أن جميع هذه الحضارات تركت بصامتها عل المغرب ما أعطاه تميزا، فالمغرب يحظى بأكبر لائحة للتراث العالمى لدى اليونسكو بـ9 مواقع ، تشمل مدن (مراكش، فاس، مكناس، تطوان، الرباط، قصبة أيت بنحدو، المدينة القديمة بالصويرة)، وأيضا مواقع تاريخية من بينها ( المدينة البرتغالية بالجديدة، الموقع الآثرى الرومانى)، أيضا المغرب لديه أطول لائحة تراث لا مادى فى اليونسكو، حيث يشترك مع عدد من الدول فى تسجيل مهارات مصنوعات سعف النخيل ، والخط العربى، صيد الصقور ، والتراث الشفهى لساحة مسجد الفنا بمراكش، وموسم تطاون بالصحراء المغربية، ومهرجان زيت الأرجان ، وسباق الخيول، وعدد من الرقصات التراثية )، وفق حديث الدكتور عويس عبد الله.

 

دور "اليونسكو"

وبالنسبة لدور "اليونسكو" في هذه الأزمة ، قال المدير الإقليمى لمكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) فى المغرب، إريك فالت: فور وقوع الزلزال قام فريق من الأمم المتحدة بمعاينة الأضرار فى المدينة القديمة، وبالفعل وجدنا أضرارا أكبر مما توقعنا، و لاحظنا تشققات كبيرة فى مئذنة جامع الكتبية الشهير، وتدميرا شبه كامل لمئذنة مسجد خربوش فى ساحة جامع الفنا، موضحا أن ساحة جامع الفنا ـ الشهيرة بسحرة الثعابين وبائعى الحناء ـ مدرجة على قائمة التراث العالمى لليونسكو، وعلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافى غير المادى للبشرية، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بمسجد "تينمل"، وقد تلقت المنظمة مقترحات بإدراجه ضمن مواقعها للتراث العالمي.

وتابع فالت، أن المنطقة الأكثر تضررا هى الملاح (حى يهودى سابقا) حيث دمار المنازل القديمة هو الأكثر ترويعا، حيث تحولت منازل من طابق واحد مبنية بحجارة تتخذ لونا ورديا تحت أشعة الشمس، إلى ركام. ووضعت قضبان حديد أو دعامات موقتة للجدران المنهارة.

وأضاف أنه عقب المعاينة ، شاركت المنظمة فى المرحلة الثانية، وهى إعادة بناء الأماكن الأثرية والثقافية المتضررة من الزلزال.

 

تأثر قطاع المتاحف

وبالنسبة للخسائر التي لحقت بقطاع المتاحف، يوضحها لنا، الدكتور المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، قائلا إن هناك خمسة متاحف أصيبت بأضرار جراء الزلزال، هى متحف الروافد دار الباشا، كانت دار الباشا معلمة تاريخيا في المدينة القديمة، اتخذها التهامي الكلاوي مقرا لسكنه سنة 1912، ثم تحولت الدار إلى متحف افتتحه الملك محمد السادس سنة 2017.

والمتحف الوطني للنسيج والزرابي دار سي سعيد، أيضا متحف دار السي سعيد، وهو من المنازل التقليدية الفاخرة التي أُنشأَت بمراكش خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، من قبل سعيد بن موسى الذي كان يمارس مهام وزير للحرب في عهد السلطان المولى عبد العزيز، كما أنه شقيق أحمد بن موسى الشرقي كبير وزراء السلطان آنذاك، المعروف بــلقب باحماد.

إضافة إلى متحف التراث اللامادى، ومتحف مسجد الفنا، الأقل تضررا بالزلزال.

 

إجراءات ترميم المتاحف

وعن الإجراءات التى تم اتخاذها، يقول قطبى ـ فى حديث لـ"اليوم السابع" ـ إن المؤسسة الوطنية للمتاحف اتخذت تدابير فورية لتقييم الأضرار التي طالت متاحفها بمراكش لضمان سلامة الزوار، إثر زلزال الحوز. وعلى الفور تم إرسال فريق من الخبراء إلى متاحف مدينة مراكش للوقوف على حجم الأضرار التي تسبب فيها، وتحديد الحاجيات الملحة من أجل ترميمها.

يضيف قطبى، لقد قامت المؤسسة الوطنية للمتاحف بجهود كبيرة لتأمين المباني وتم إنجاز دراسة من قبل مكتب تصميم مختص، كما تم تكليف مكتب خاص للدراسات، لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية هذه المباني، من بينها تقوية جدران المتاحف، مشيرا إلى أن مؤسساتٍ أجنبية، من بينها، أمريكية و سويسرية، أعربت عن رغبتها في المساهمة لإعادة ترميم هذه المتاحف.

وقد تم الانتهاء من أعمال الإصلاح والتدعيم لكل من متحف التراث اللامادى، ومتحف مسجد الفنا، وتم إعادة افتتاحهما فى الثامن من أكتوبر، بالتزامن مع الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين، وذلك بهدف تنشيط العروض الثقافية والسياحية لمدينة مراكش.

وعلى صعيد مقابل ـ يقول قطبى ـ  تُبذل جهود مكثفة لإعادة افتتاح متحف الروافد دار الباشا والمتحف الوطني للنسيج والزرابي دار سي سعيد قريبا، وكانت دار سي السعيد الأكثر تأثرا بالزلزال حيث إنها بنيت بالتراب، و بـ "المسوس"، وقد أقدمت المؤسسة على إغلاق المتاحف الثلاثة، في انتظار إعادة إصلاحها و ترميمها، بتكلفة تتراوح ما بين 12 و 15 مليون درهم، فيما لم تحدد على وجه الدقة إجمالى قيمة عملية الترميم لجميع المتاحف المتضررة حتى الآن.

وعن أهمية قطاع المتاحف، يقول قطبى: تُعد المتاحف فضاءات لحفظ الذاكرة وصيانة هويتنا المتعددة، وتعرض مجموعات من التحف التراثية، ذات القيمة المتفردة، التى تشهد على ثراء وتنوع الموروث العريق للحضارات السابقة التي تعاقبت على بالدنا.

ويشير قطبى، إلى أن المؤسسة الوطنية للمتاحف تم إنشاؤها منذ 12 عاما، وتحتل مكانة مهمة في المشهد الثقافي المغربي لدى المؤسسة طموح دائم لإدراج الثقافة كأحد محركات التنمية القتصادية والاجتماعية للمملكة. وتضم المؤسسة سبعة عشر متحفًا مفتوحا للزوار، ويمثل هذا القطاع أهمية كبيرة بالنسبة للمغرب على عدة جوانب: يساهم في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للبلد،حيث تضم المتاحف مجموعات قيمة من القطع الأثرية والفنية التي تعكس تاريخ وثقافة المغرب، يعزز قطاع المتاحف السياحة ويساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال جذب الزوار والسياح. كما يلعب دورا مهما في التثقيف والتوعية، حيث يتيح للمواطنين والزوار فرصة فهم التراث والثقافة المغربية بشكل أعمق.

ويستطرد قطبى ، قائلا: لدينا خطة شاملة لتجديد المتاحف الوطنية من خلال ترميم المباني وتحديثها، للنهوض بالإبداع الفني على المستويين الوطني والدولي، كما نحرص على استضافة وتقديم فنانين كبار وتنظيم معارض لفنانين مغاربة وقطع من التراث الفني وكذا الإثنوغرافي والأثري،  كما تنظم ورش جنبا إلى جنب مع المعارض لإتاحة مساحات للحوار والتعليم والتبادل ونقل التاريخ والهوية المغربية، ومن أجل تشجيع الشباب على زيارة المتاحف، تحرص المؤسسة الوطنية للمتاحف على جعل الزيا رات مجانية كل يوم أربعاء للتلاميذ وكل يوم جمعة للمغاربة والأجانب المقيمين في المغرب.

 

بلدان عربية بـ"التراث العالمى"

وحول ترتيب الدول وفق المواقع المدرجة بها على قائمة التراث العالمى، التى تخضع لاتفاقية اليونسكو لعام 1972 وتضم حتى الآن 1193 موقعا ثقافيا موزعة على 163 دولة، يقول الشبرى، لـ"اليوم السابع"، يأتي المغرب وتونس فى المرتبة الأولى ب9 مواقع ثم مصر والسعودية والجزائر بـ 7 مواقع أثرية ، ثم الأردن والعراق ولبنان وسوريا بـ 6 مواقع أثرية، وفى المرتبة الرابعة ليبيا واليمن وسلطنة عمان وفلسطين ب5 مواقع أثرية، والمرتبة الخامسة البحرين والسودان بـ 3 فقط، وموريتانيا فى المرتبة السادسة بموقعين فقط، ثم قطر بموقع واحد.

ولكن 3 مواقع من الـ 6 التى تملكها العراق أصبحت على قائمة التراث المهدد، وفى لبنان موقع واحد أما سوريا فالمواقع الـ 6 أصبحت مدرجةعلى قائمة التراث المهدد، وفى ليبيا بعد كارثة الإعصار أصبحت الـ 5 مواقع على الللائحة السوداء، وفى اليمن 4 مواقع على لائحة التراث المهدد، وترجع الأسباب إما لخطر الكوارث أو خطر الحروب أو إهمال من الحكومات.

وأكد الشبرى، أن هناك قصورا فى التعاون بين البلدان العربية فى مجال الآثار رغم أن لدينا تاريخ مشترك ولغة مشتركة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة