أكرم القصاص

هكذا هزم المصريون فيروس سى.. وانتصروا على أخطر تهديد للصحة

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الصحة العالمية تؤكد: مبادرة السيسى نقلت مصر من أعلى معدلات الإصابة 10% إلى أقل معدلات 0.38%.. فحص أكثر من 60 مليونا وعلاج أكثر من 4.1 مليون بمعدل شفاء 99%

 
كان مشهدا معبرا وكاشفا عن قصة نجاح فى مجال الصحة، وانتصارا على أحد أخطر عناصر تهديد صحة المصريين على مدى أكثر من 4 عقود، هزيمة الفيروس الكبدى سى، الذى كان قبل 10 سنوات فقط أحد أخطر ما يهدد صحة ملايين المصريين، لكن فى عام 2014 أعلن الرئيس السيسى إطلاق المواجهة الحاسمة مع الفيروس، بخطة واضحة، وإصرار وتجهيز.
 
بالأمس استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، المدير عام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم»، وكبار مسؤولى وقيادات المنظمة، بحضور الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة، حيث سلم  «أدهانوم» للرئيس شهادة المستوى الذهبى لمسار القضاء على فيروس «سى» فى مصر، التى أصبحت الدولة الأولى فى العالم التى تحصل على هذه الشهادة، بعد تحقيقها فى زمن قياسى قصة نجاح عالمية يحتذى بها، فى التحول من كونها أعلى الدول من حيث ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس «سى» إلى أول دولة فى العالم تصل لهذا المستوى المتميز فى القضاء على الفيروس.
 
مدير منظمة الصحة العالمية قال إن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق دون الالتزام الكامل والمتابعة الشخصية الدقيقة من الرئيس، للتخطيط السليم والعمل الجدى الذى قامت به المنظومة الصحية فى مصر فى هذا الصدد، من خلال المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سى.
 
نحن بالفعل أمام انتصار كبير يتحقق بجهد وعمل سنوات، ومبادرة، وتفاوض، كانت أقرب لتخطيط استراتيجى لحرب لها كل المواصفات، ضد عدو غامض، يضرب أكباد المصريين بكل شراسة، وهى قصة تستحق أن نتذكرها ونرويها، ونحن فى شهر أكتوبر نحتفل بالانتصار فى معركة العبور، والآن نحتفل بالانتصار فى حرب ضد عدو هدد الأمن القومى وصحة المصريين على مدى عقود.
 
نهاية أربعة عقود من التهديد
 
قبل 10 سنوات لو كان أى شخص قال إن مصر سوف تنتصر على فيروسى الكبد الوبائى سى، لم يكن أحد ليصدق وربما اعتبره الناس مجنونا، فقد كانت التقارير والإحصائيات تؤكد ارتفاع نسبة العدوى، وتضاربت أرقام المرضى وحاملى الفيروس لتصل فى أقل الأرقام إلى 10%، ارتفعت حسب بعض التقارير إلى 12-15%، وتوفى بسبب فيروس سى مئات الآلاف فى الفترة من منتصف الثمانينيات حتى 10 سنوات مضت، وفقد آلاف الشباب حياتهم، بل ووظائفهم فى الخارج بسبب الفيروس، وبصفتى كنت أتابع ملف الصحة خلال التسعينيات وأتلقى  تقارير متشائمة عن أسباب انتقال الفيروس، واحتمالات ارتفاع أعداد المصابين من دون أفق للمواجهة، بل وفى بعض الأحيان كنا نعجز عن معرفة أرقام الإصابات وأسبابها بدقة.
 
وقتها وللأسف قامت حول الفيروس أنواع وأشكال من الاستغلال والمافيا، استغلت حاجة المرضى ويأسهم وسعت لترويج أدوية وهمية، وأنواع من العلاج بالأعشاب أو بول الإبل وخلافه، فضلا عن عيادات ومراكز تحاليل كانت تستحلب المرضى وتضاعف آلامهم، وكانت الأدوية وبرامج العلاج المتاحة مرتفعة السعر، يعجز عن تلقيها ملايين المرضى، وكانت برامج علاج كيماوية تضاعف أحيانا من تداعيات المرض، ولا يتحملها أغلب المرضى ويومها كان الحديث عن علاج نهائى للفيروس نوعا من الخيال والجنون.
 
 
الحملة الأكبر لمواجهة تهديد صحة المصريين
 
مع عام 2014 أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، إحدى أهم مبادرات المواجهة مع الفيروس سى، حيث تم البدء فى إنتاج دواء سوفالدى فى مصر، الدولة تفاوضت وقدمته بالمجان ضمن حملة الكشف والعلاج التى ساهمت فى شفاء ملايين المرضى الذين أصابهم اليأس ومنحتهم الحملة أملا، وتم عقد اتفاقات للحصول على السوفالدى والذى كان أهم الأدوية لعلاج فيروس سى، وكان سعره المرتفع يقف حائلا، ويصل إلى 20 ألف دولار، لكن تم تنفيذ الحملة من خلال 100 مركز لعلاج فيروس سى بالمجان، و67 مركزا لعلاج سرطان الكبد، بجانب علاج 160 ألف حالة لسرطان الكبد، والكشف عن 120 ألف حالة مصابة بالتليف الكبدى، وسرطان الكبد الأولى.
 
وحسب شهادات منظمة الصحة العالمية وفرت الحملة اختبارات الكشف عن فيروس التهاب الكبد C، والعلاج منه مجانا، وأسفرت حملة «100 مليون صحة» عن فحص أكثر من 60 مليون شخص، وعلاج أكثر من 4.1 مليون شخص، ومثَّلت العلاجات المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر المُصنَّعة محليًّا عاملًا رئيسيًّا فى النجاح الملحوظ الذى حققته الحملة، حيث بلغ معدل الشفاء من التهاب الكبد 99%، وأدخلت مصر تحسينات هائلة على ممارساتها الخاصة بسلامة المرضى.
 
وفى عام 2019 وصفت منظمة الصحة العالمية، حملة مصر بأنها أكبر حملة فى تاريخ البشرية من حيث العمل، والكفاءة، والسرعة، يومها صدر تقرير المنظمة الدولية بعد رصد استمر 7 أشهر، وقام به 55 خبيرا دوليا تابعوا حملة مصر، ووصف ريتشارد ديكتس، المنسق المقيم للأمم المتحدة فى مصر وقتها، حملة القضاء على «فيروس سى» بأنها أفضل حملة فى العالم ومثال يحتذى به.
 

شهادة ذهبية لانتصار كبير

 

وبالأمس تسلمت مصر شهادة كأول دولة فى العالم تهزم فيروس سى من منظمة الصحة التى أكدت أن مصر شخصت 87% من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وقدَّمت العلاج الشافى إلى 93% من المُشخَّصين به، وهو ما يتجاوز الغايات المحددة للمستوى الذهبى للمنظمة.
 
على مدى أكثر من ربع قرن، من بين عملى الصحفى، كنت مسؤولا عن متابعة كل ما يتعلق بملف الصحة، خاصة رحلة الفيروس الكبدى سى، والذى مثل تهديدا خطيرا لصحة ملايين المصريين، ولم يخل بيت أو تنج أسرة من زيارة كئيبة للفيروس القاتل، والذى تسبب فى خسائر بالأرواح والأكباد بشكل يكاد يشبه عدوانا خارجيا، يهدد الأمن القومى بشكل جماعى، ووصلت نسبة الإصابة بالفيروس بين المصريين إلى أكثر من 10%، وفى بعض الإحصائيات تجاوزت نسبة الإصابة 12% وأكثر فى بعض الأرقام، وحققت مصر انتصارا على أحد أخطر تهديدات الأمن والصحة، ووصلت النسبة إلى 0.38%.
 
نجحت حملة فيروس سى لأنها اعتمدت على مبادرة الرئيس، وولدت منها مبادرات 100 مليون صحة للكشف المبكر عن السكر والدهون والسمنة، فضلا عن حملات للكشف المبكر عن سرطان الثدى، وهناك حملة جديدة للكشف عن الفشل الكلوى، وتهدف إلى اكتشاف كل الأفراد المحتمل إصابتهم بالفشل الكلوى، وقدمت المبادرات الرئاسية فى الصحة 141 مليون خدمة صحية، لـ96 مليون مواطن، بتكلفة 23.2 مليار جنيه. 
 
كل من تابع مسيرة وتوغل فيروس سى الكبدى فى مصر، وشاهد حجم من راحوا من الشباب ضحايا للفيروس، والفقراء وغير القادرين، وحتى القادرين كانت تكاليف العلاج لمجرد تقليل الأعراض تصل للآلاف، يقدر قيمة الحملة التى حظيت بإشادة وتقدير من كل المؤسسات الصحية الدولية وطلبت نقلها والتعلم منها فى دول مختلفة، بدأت معنا ولم تنته، لكن فى مصر تمت هزيمة فيروس سى وعلاج الملايين بالمجان، والنجاح ليس فقط بشهادة الخارج، لكن بشهادات كل من تلقوا الكشف والعلاج، وتم شفاؤهم من الفيروس اللعين.
p.8.new









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة