سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يناير 1883.. قادة الثورة العرابية يقضون ليلتهم فى سفينة المنفى بجزيرة سيلان

الإثنين، 09 يناير 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يناير 1883.. قادة الثورة العرابية يقضون ليلتهم فى سفينة المنفى بجزيرة سيلان أحمد عرابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخلت الباخرة «مريوتس» ميناء «كولومبو» بجزيرة سيلان فى غروب يوم الأربعاء 9 يناير، مثل هذا اليوم، 1883، وعلى متنها سبعة رجال هم من قادوا الثورة العرابية يتقدمهم زعيمها أحمد عرابى، مع 48 من رفاقهم وأبنائهم، حسبما يؤكد عرابى فى مذكراته.
 
يصف صلاح عيسى، فى كتابه «الثورة العرابية.. المنفيون السبعة»، قائلا: «هم الذين عبر بهم القلب المصرى عن أنقى نبضاته وأطهر عواطفه، وصنع بهم ومعهم أروع انتفاضات القرن التاسع عشر، وأكثرها أصالة.. هؤلاء الرجال جلجلت أصواتهم تحت قبة البرلمان بعدما انتزعوه من صلف الخديو توفيق وجبروت الجراكسة الأغبياء، تعلن أن الإرادة للشعب، وأن حرية الإنسان وكرامته وحياته لا يمكن أن تظل رهينة إرادة الفرد المتسلط ونزوات البطانة والحاشية، ولكن يحميها القانون وينظم سلبها، وتعلن أن أخلاط السلطنة العثمانية واتباع الباب العالى ومرتزقة الأجانب هم مجرد ضيوف يكرمون بمقدار ما يحسنون أدب الضيافة، وبمقدار ما يخضعون للقانون الذى يضعه ممثلو الشعب المصرى فى مجلسهم التشريعى».
 
كان عدد سكان سيلان وقتئذ نحو ثلاثة ملايين منهم مائتان وخمسون مسلما، وسكانها الأصليين من قبائل السهاليز وأصلهم من الهنود، ثم قبائل التاميل وجاءوا إليها من جنوب الهند وديانتهم «الهندوكية»، ويصف أحمد عرابى، السهاليز والتاميل، بأنهم «أهل دعة وسكون ويكرمون الغريب ويحسنون معاملته».
أقلعت السفينة من السويس يوم 27 ديسمبر 1882، بالزعماء السبعة الذين سيقضون حياتهم فى المنفى، تنفيذا للحكم الذى صدر ضدهم بديلا عن إعدامهم وهم، أحمد عرابى، محمود سامى البارودى، محمود باشا فهمي، طلبة باشا عصمت، عبدالعال باشا حلمى، على باشا فهمى، يعقوب باشا سامى، ويصف عرابى شعورهم لحظة إقلاع الباخرة، قائلا: بعد قيامها ولينا وجوهنا شطر مصر ننظر إلى جمالها وحسن منظرها ونودعها بقولنا: «يا كنانة الله صبرا على الأذى، حتى يأتى الله لك بالنصر».
 
استمرت الرحلة أربعة عشر يوما، مرت فيها السفينة على باب المندب ثم على جزيرة سقطرة، ثم عدن، وأخيرا سيلان، ويكشف عرابى فى مذكراته، أنهم حين وصلوا هو وزملائه إلى المنفى، حضر وكيل حكومة سيلان لاستقبالهم، وأخبر الكولونيل موريس قائد الحرس الذى رافق الباخرة بأن الحكومة أعدت أربعة بيوت لذوى العائلات، وفيها الخدم وكل ما يلزم من أسباب الراحة «كالسرر المفروشة اللازمة للنوم والكراسى وأدوات المطبخ والسفرة والدواليب وغير ذلك وذخيرة ثلاثة أشهر ضيافة»، ويؤكد أنها «على حساب مصر، وثمن تلك الأدوات ثلاثة آلاف جنيه»، ويضيف: «أمضينا تلك الليلة «9 يناير» فى الباخرة المذكورة، وفى صباح الخميس 10 يناير 1883، خرجنا إلى البر فوجدنا رصيف الميناء مزدحما أيما ازدحام بإخواننا المسلمين من أهل الجزيرة والشنكليز أهل البلاد من عباد الأوثان على «مذهب البوذا» وكلهم يشيرون إلينا بالسلام وزيادة الاحترام».
 
يواصل عرابى: «تقدمت لنا العربات فركبنا وتوجهنا إلى البيوت المذكورة، وكان قد خصص لنا بيت عظيم يسمى «ليك هاوس»، ومساحة بستانه 14 فدانا، ومعظم أشجاره من جوز الهند والموز وغيره، فتوجهنا إليه والناس مزدحمون على جانبى الشوارع من الميناء إلى البيت المذكور يهتفون لنا بالترحيب والإكرام إلى أن وصلنا إلى المنزل المذكور، وأخذنا معنا طلبة باشا عصمت وعبدالعال باشا حلمى لإقامتهما معنا، حيث إنهما تركا عائلتيهما بمصر، وتوجه محمود باشا سامى مع محمود باشا فهمى لإقامتهما فى منزل واحد لكون الأول ترك أهله وأولاده بمصر أيضا، وانفرد كل من على باشا فهمى، ويعقوب باشا سامى فى بيت على حدته لوجود عائلتيهما معهما، ولما دخلنا البيوت المعدة لنا، أخذت تلك الطوائف تتوارد علينا للسلام بوجوه باشة، وقلوب طافحة بالمحبة والحنان ليلا ونهارا، فجزاهم الله خير الجزاء على ما قابلونا به من الاحتفاء والإكرام».
 
يذكر عرابى، أن الذين رافقوهم كانوا 48 موزعين إلى ستة أفراد معه «3 ذكور و3 إناث»، واصطحب على باشا فهمى 14 ستة ذكور و8 إناث، واصطحب يعقوب سامى 9 أربعة ذكور وخمسة إناث، واصطحب محمود فهمى 9 أفراد موزعين إلى ستة ذكور و3 إناث، واصطحب محمود سامى ثلاثة ذكور، واصطحب عبدالعال حلمى 4، وطلبة عصمت 3. 
 
بعد ثلاثة أيام من دخول الزعماء السبعة إلى سيلان، بدأت الولائم من أهلها، وكانت البداية من «محمد حنيفة» العضو فى مجلس الشورى عن المسلمين، وأقام عرابى وأصحابه وليمة كبيرة حضرها مائتا شخص من مختلف الأجناس والمذاهب والمعتقدات، وفى فبراير 1883 قررت الحكومة المصرية تخصيص 50 جنيها كل شهر لعرابى، ولكل من أصحابه ثمانية وثلاثين، وبدأت معاناتهم الإنسانية الكبيرة مع المنفى التى استمرت سنوات.      









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة