الثراء باسم الله.. كيف كان رجال الدين فى الحضارات القديمة أغنياء

الخميس، 07 يوليو 2022 06:00 م
الثراء باسم الله.. كيف كان رجال الدين فى الحضارات القديمة أغنياء الحضارة المصرية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ بداية التاريخ، تعرض البشر على مدى تاريخهم للاستغلال الذى يستغل حاجاتهم الروحية، ويوجه ضمائرهم الدينية ويستثمر قيمهم المقدسة لمصالح ذاتية وتجارة، لا تتورع أبداً عن تزييف الدين وافتعال القصص وبث الخرافات ونشر الأساطير التي تضاعف مكاسبها وتعظم عوائدها.

وقد يكون البعض بتدينه الزائف وتصوفه الفارغ ومظاهره الدينية الخداعة، حقق من المكاسب الدنيوية والمكانة الاجتماعية ما عجزت عنه همم المبدعين ومواهب الموهوبين وإنجازات العلماء المتميزين، ويبدو أن هذا الأمر ليس مجرد ظاهرة شائعة الآن، فرجال الدين والمتدينون الزائفون منذ بداية التاريخ يتاجرون بتدين الناس، وحققوا ثراءً كبير من وراء هذه الفعلة، وهو ما حدث في الحضارات القديمة:

الكهنة فى العصر الفرعونى

في موسوعة مصر القديمة لعالم الآثار المصرية الدكتور سليم حسن الجزء الثامن، وفى حديثه عن نهاية الأسرة العشرين، تحدث عن نفوذ رجال الدين، حيث قال: " أن كاهنًا أكبر تربع على كرسي الوزارة في عهد الأسرة التاسعة عشرة أو العشرين قبل عهد "حريحور" على أنه لو كانت مصر استمرت تحكم بفراعنة يقظين أقوياء، لكان من المحتمل جدًا أن يعيش كهنة "آمون" الأول الذين لم يكن لهم وقتئذ نفوذ في ظل معبدهم، متمتعين بما كان لديهم من ثروة وفيرة وشرف رفيع، كما كان يعيش الكهنة أعظم الرائين "لرع" التابعون "لهليوبوليس"، أو كما كان يعيش الكهنة العظماء الخمسة التابعون لمعبد "تحوت" في الأشمونين، وهؤلاء كانوا خاملي الذكر ليس لهم أي تاريخ حافل بالأحداث العظيمة، ولكن عهود الإمبراطورية الفاخرة كانت قد انقضت. ثم نشاهد بعد عهد كل من "رعمسيس الثاني" وابنه "مرنبتاح"، وبعد فترة عهد "رعمسيس الثالث" أن مصر قد وقعت فريسة للفوضى، أو كانت تحكم بفراعنة لم يكن في يدهم من القوة إلا مظهرها وحسب".

كهنة بابل

لم تكن سلطة الملك يقيدها القانون وحده ولا الأعيان وحدهم، بل كان يقيدها أيضاً الكهنة. ذلك أن الملك لم يكن من الوجهة القانونية إلا وكيلاً لإله المدينة، ومن أجل هذا كانت الضرائب تفرض باسم الإله، وكانت تتخذ سبيلها إلى خزائن الهياكل إما مباشرة أو بشتى الأساليب والحيل. ولم يكن الملك يعد ملكاً بحق في أعين الشعب إلا إذا خلع عليه الكهنة سلطته الملكية، و"أخذ بيد بِل"، واخترق شوارع المدينة في موكب مهيب ممسكاً صورة مردك.

وبحسب ما جاء في موسوعة قصة الحضارة، ولقد ظلت بلاد بابل في واقع الأمر دولة دينية "خاضعة لأمر الكهنة" على الدوام من أيام الباتسيين أو القساوسة- الملوك السومريين إلى يوم تتويج نبوخذ نصر، وزادت ثروة الهياكل جيلاً بعد جيل كلما اقتسم الأثرياء المذنبون أرباحهم من الآلهة.

وكان الملوك يشعرون بشدة حاجتهم إلى غفران الآلهة فشادوا لهم الهياكل، وأمدوها بالأثاث والطعام والعبيد، ووقفوا عليها مساحات واسعة من الأرض، وخصوها بقسط من إيراد الدولة يؤدونه إليها في كل عام، فإذا ما غنم الجيش واقعة حربية كان أول سهم من الغنائم ومن الأسرى من نصيب الهياكل، وإذا أصاب الملك مغنماً قدمت الهدايا العظيمة للآلهة، وكان يفرض على بعض الأراضي أن تؤدي للهياكل ضريبة سنوية من التمر والحب والفاكهة، فإذا لم تؤدها نزعت الهياكل ملكيتها، وانتقلت هذه الملكية للكهنة أنفسهم في أغلب الأحوال. وكان الفقراء والأغنياء على السواء يخصصون للهياكل من مكاسبهم الدنيوية القدر الذي يظنون أنه يتفق ومصلحتهم الخاصة، وبذلك تكدس في خزائن الهياكل الذهب، والفضة، والنحاس، واللازورد، والجواهر، والأخشاب النفيسة، وإذ لم يكن في مقدور الكهنة أن يستخدموا هذه الثروة كلها أو يستنفذوها فقد حولوها إلى رأس مال منتج أو مستثمر، وأصبحوا بذلك أعظم القوامين على الشئون الزراعية والصناعية والمالية في الأمة بأسرها، ولم يكونوا يملكون مساحات واسعة من الأرض فحسب.

كذلك كان الكهنة أعظم تجار بابل ورجال المال فيها، وكانوا يبيعون ما في حوانيت المعابد من سلع مختلفة، ويساهمون بقسط موفور في تجارة البلاد، وقد عرف عنهم أنهم من أحكم الأهلين في استثمار الأموال، ولهذا عهد إليهم الكثيرون استثمار أموالهم المدخرة لوثوقهم من أنهم سيحصلون منها على أرباح مضمونة وإن لم تكن موفورة.

رجال الدين فى روما القديمة

وكان يتنصب لمنصب القساوسة في الديانات العامة أعضاء في طبقات الصفوة، ولم يكن هناك مبدأ يشبه مبدأ "انفصال الكنيسة عن الدولة" في روما القديمة، وفي أثناء الجمهورية الرومانية (509 قبل الميلاد–27 قبل الميلاد)، عمل المسئولون المنتخَبون كعرافين وأحبار، وكان القساوسة يتزوجون وينشئون عائلات ويشاركون في الحياة السياسة مشاركة فاعلة، وكان يوليوس قيصر كبير هيئة الأحبار (Pontifex Maximus) قبل انتخابه لتولى منصب الـقنصل، وكان العرافون يقرؤون وصايا الآلهة ويراقبون ترك علامات على الحدود لعكس النظام الكونى، ومن ثم فكانوا يسمحون بالتوسعية الرومانية كأمر من القدر الإلهي، وكانوا يرجعون الانتصار الروماني لتدينهم حيث إن الانتصار العام الذي تمتعوا به كان عرضًا للورع والاستعداد الذي يتأهبون به لخدمة المصلحة العامة بإهداء جزء من غنائم الحروب إلى الآلهة، خاصًة الإله يوبيتر الذي يجسد الحكم العادل، وكنتيجة للحروب البونيقية (264–146 قبل الميلاد)، حين ناضلت روما لبناء نفسها كقوة عظمى، بنيت الكثير من المعابد على يد القضاة وفاءً بالوعد الذى تم قطعه للآلهة لضمان نجاحهم العسكري.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة