وأضاف نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية -في مقال بصحيفة "الأهرام" تحت عنوان (الحوار الوطني بين الاختيار والاختبار)- أن هذا الحوار يعد خطوة شديدة الأهمية لكل من الدولة والقوى السياسية، حيث إن الدولة من جهة تسعى لبلورة الأسلوب الأمثل لتفعيل دور القوى السياسية في إطار منظومة الجمهورية الجديدة، كما أن هذه القوى من جهتها تبحث عن كيفية وضع مبدأ المشاركة السياسية الذي تطالب به مرارًا موضع التنفيذ.

وأشار إلى أن القيادة السياسية اختارت مسار الحوار استنادا على قناعة كاملة بأن ينخرط الجميع في عملية بناء مصر الحديثة التي تسير بخطوات واثقة رغم كل المشكلات الإقليمية والدولية التي تواجهها، بالإضافة إلى أن الدولة تسعى بكل جدية إلى أن ينصهر الجميع في بوتقة وطنية واحدة وهي المصالح العليا للدولة، وطريق واحد وهو الحوار والأسلوب الديمقراطي، وهدف واحد وهو دعم الدولة حتى وإن تعددت الأساليب واختلفت وجهات النظر.

وتابع إن من المقبول أن يكون هناك اختلاف في الأمور التكتيكية، ولكن من غير المقبول أن يكون هناك اختلاف على المبادئ الاستراتيجية للدولة.

وأكد أن الدولة تحرص من خلال هذا الحوار على استثمار طاقات القوى السياسية والشبابية، وأن تستخرج منها أقصى قدر من أفكارها الإيجابية التي يمكن أن تسهم في دفع كافة القضايا التي سوف تكون مطروحة في الحوار للأمام، مشيرا إلى أن الدولة مهما تكن تسير في الطريق الصحيح إلا أنها ترحب تماما بكل فكرة من شأنها تدعيم إمكاناتها وقدراتها.


وأردف "إذا كان الحوار يمثل الاختيار الذي انتهجته القيادة السياسية، فإن هذا الحوار في رأيي يمثل من ناحية أخرى التحدي الأكبر أو الاختبار الحقيقي للقوى السياسية، من أجل أن تثبت لنفسها أولا ثم للمسئولين وللرأي العام أنها تمتلك الرؤى التي تتيح لها أن يكون لها دور مهم في عملية البناء والتنمية، وأن تثبت أيضاً أنها جزء لا يتجزأ من هذا الوطن في همومه وطموحه وفي حاضره ومستقبله، وذلك في إطار من الالتزام والتعبير الحضاري عن مواقفها في القضايا الضرورية التي تستدعي أن يكون لها رؤية إزاءها، حيث إن المطلوب ليس هو مجرد الحضور والمشاركة ولكن كيف يمكن أن يكون لهذا الحضور قيمة مضافة.


وأكد أن كافة القوى السياسية والمؤسسات التي سوف تشارك في الحوار مطالبة بأن تنجح في هذا التحدي، وأن تعبر هذا الاختبار الذي وجدته أمامها وبدأت بالفعل في الإعداد له، كما أنه يجب على هذه القوى أن تكون على مستوى المسئولية المتوقعة من الناحيتين الشكلية والموضوعية، وذلك في إطار المسئولية الجماعية، وأن يكون أداؤها مميزا أمام كل من يتابع الحوار.


ولفت إلى أنه على يقين تام أن القيادة السياسية لن تتوانى عن تنفيذ أي مقترح في توصيات مخرجات الحوار تراه ضروريا، لاسيما وأننا أمام قيادة أخذت على عاتقها التعامل بكل جرأة وجدية مع كافة المشكلات مهما تكن حساسيتها، ولعل أحدث مثال على ذلك توجيه الرئيس لوزير العدل بتشكيل لجنة قضائية وقانونية لإعداد مشروع لتعديل قانون الأحوال الشخصية.


وقال إن الحوار الوطني فرصة غير مسبوقة للجميع لتحقيق الإيجابيات التي ينشدها، وإذا كانت الدولة هي التي تمتلك كافة المعلومات الدقيقة في مختلف المجالات، وبالتالي سوف تكون أكثر قدرة في مرحلة ما على الرد على أية مواقف مطروحة خلال الحوار، إلا أن ذلك يجب ألا يقلل من أهمية دور القوى والأحزاب السياسية خاصة غير المشاركة أو الممثلة في مؤسسات الدولة التي عليها أن تستثمر الفرصة في أن تُبهر الجميع بأدائها بعيدا عن أية مزايدات أو محاولة تسجيل مواقف، سواء اتفقت مع سياسات الدولة أو اختلفت معها في بعض الجوانب.


وأضاف إنه من المؤكد أن مشاركة القوى والمؤسسات المختلفة في الحوار سوف يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها تلبي نداء الوطن ولا تتخلى عن أداء الواجب، و"أننا جميعا مصريون وطنيون قد نختلف في مسائل محددة وهو أمر طبيعي، ولكننا نتفق تماما وبدون تردد على الوطن مع الاستعداد للتضحية بكل غال ونفيس من أجل حمايته والحفاظ عليه".


وتابع: إن قيمة الحوار ليست فقط بحجم المناقشات والرؤى الموضوعية التي سوف تطرح خلاله، ولكن قيمته الحقيقية أن الجميع سوف يشارك في بناء هذا الوطن وسيكون لكلٍ دوره مهما يكن حجمه أو تكن طبيعته، وفي النهاية فإني على قناعة كاملة أن الحوار سوف يتم بين مواطنين مصريين محبين لبلدهم تحت مظلة المصرية الوطنية، وسيكون استكمالا وأرضية صلبة لمسار البناء والتنمية، وسوف يخرج الجميع من هذا الحوار الناجح بإذن الله محققا أكبر مكسب سوف يسجله التاريخ، وهو أن مصر صاحبة السبعة آلاف عام هي دولة عظمى بأبنائها وتتسع بحق للجميع.