سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 12 يونيو 1973.. القذافى يوزع منشورا باستقالته من رئاسة ليبيا فى شوارع طرابلس ويحضر إلى القاهرة وينزل فى قصر الطاهرة كمنفى اختيارى

الأحد، 12 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 12 يونيو 1973.. القذافى يوزع منشورا باستقالته من رئاسة ليبيا فى شوارع طرابلس ويحضر إلى القاهرة وينزل فى قصر الطاهرة كمنفى اختيارى معمر القذافى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعر الرئيس الليبى العقيد معمر القذافى، أن خططه للوحدة العربية تضيع، وأن العرب عاجزون عن تحقيقها، فطبع منشورات يعلن فيها استقالته من رئاسة ليبيا فى 12 يونيو، مثل هذا اليوم 1973، وفقا لما يذكره الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الطريق إلى رمضان».
 
أقدم «القذافى» على هذه الخطوة بعد أقل من مرور أربعة أعوام على ثورته التى أطاحت بحكم الملك محمد إدريس السنوسى يوم 9 سبتمبر من عام 1970، ويوضح هيكل: «حمل استقالته إلى شوارع طرابلس، وحاول أن يوزعها على أساس أنه إذا كان زملاؤه فى مجلس قيادة الثورة الليبية لن يوفقوا على استقالته، فإنه سيحصل على الموافقة عليها من الشعب مباشرة، وجرت مناقشات طويلة فى مجلس قيادة الثورة فى هذا الشأن، وقرر بعدها ألا يبقى فى ليبيا بل يسافر إلى مصر، فركب الطائرة وصحب معه والدته وزوجته وطفله حديث الولادة، وكل كتبه وحاجياته الشخصية واتجه إلى القاهرة، وقصد باختياره القاهرة مقرا لإقامته، أن يظهر أن استياءه ليس موجها ضد مصر».
 
نزل فى قصر الطاهرة كمنفى اختيارى، ويذكر هيكل: «تبين للرئيس السادات أنه ليس بالضيف السهل، فرأى بعد تفكير أن خير ما يمكن أن يفعله له هو أن ينزل إلى الشارع يعرض أفكاره عن الوحدة على الشعب المصرى، ويستمع من أفراده إلى آرائهم وتعليقاتهم»، ويلمح هيكل إلى جانب مما كانت عليه الأحوال فى مصر وقتئذ، واصطدم بها القذافى، حيث كانت أفكار «قوى الإسلام السياسى» تشق طريقها إلى الشعب المصرى، وفوجئ بهذه الحالة أثناء لقاءاته.. يقول هيكل: «فى ذلك الوقت كانت فى مصر عناصر كثيرة تجتر أشجانا قديمة، ولها شكاواها تعلنها، ولكن لم يكن بينها كلها ما هو متصل اتصالا حقيقيا بالمناقشة الأصلية»، ويشير هيكل إلى أن «الأشجان القديمة» كانت فى إثارة قضايا مثل «تحرير المرأة»، و«العقوبة التى يفرضها الشرع الإسلامى على السارق». 
 
يؤكد «هيكل» أن القذافى وجد نفسه أمام هذه الموضوعات مضطرا إلى مناقشتها أينما ذهب وراعه حجم المعارضة التى لقيها لدعوته إلى الوحدة، فراح يقول لنفسه: «إذا كانت مصر لا تريد الوحدة، فسأعود إلى ليبيا»، وعاد بالفعل، ويضع هيكل هذا التصرف فى سياق سياسى وإنسانى للرئيس الليبى، قائلا: «كان هناك رجلان وخلفيتان صنعتا من القذافى ما هو، أما الرجلان فهما: النبى محمد صلى الله عليه وسلم، والرئيس جمال عبدالناصر، وهذا المزيج من الفكر الإسلامى أيام النبى والمبادئ الثورية لعبدالناصر، كان له تأثيره الكبير جدا على القذافى، ولا سيما فى فترة تكوين شخصيته، وهى فترة ما بين حرب السويس عام 1956 وحرب يونيو 1967، حين بدأ يدرك ما يدور فى العالم من حوله، أما الخلفيتان فهما: الجيش والصحراء، لقد كان الجيش هو المكان الذى اكتشف فيه نفسه لأول مرة، وكانت الصحراء هى المكان الذى يعدو إليه حين يشعر بالرغبة فى العزلة، كان يحب الجيش بكل ما فيه من أوامر وخضوع للنظام، لأن غرائزه ظلت كما كانت، غرائز رجل البادية الحر، كان إذا سمع مثلا، أن أحد زملائه فى مجلس قيادة الثورة قد انتقل إلى سكن فى المدينة، يطلب إليه العودة إلى الثكنات فورا، وكانت الصعوبة التى تواجهه هى أنه كان يفتقر إلى الخبرة التى تمكنه من هضم كل العناصر المؤثرة التى تتصارع داخل نفسه، لكن نتيجة هذا الصراع تجلت فى هذه الشخصية الفريدة المعقدة بصورة مذهلة.
 
يضيف هيكل: «كان إنسانا بسيطا نقى السريرة، وجد نفسه فى عالم معقد ملىء بالمؤامرات والمناورات، وحزن حزنا شديدا لوفاة عبدالناصر يوم 28 سبتمبر 1970، ولم يكن حزنه لمجرد أن إعجابه بعبدالناصر كان يفوق إعجابه بأى مخلوق آخر وحسب، إنما لأنه ظل يؤمن بالدور المركزى لمصر فى العالم العربى»، صحيح أن الكثير مما فى مصر «وقتئذ» كان يثير شعورا بالصدمة فى نفسه - كالملاهى والمراقص - لكن إيمانه لم يهتز أبدا بأن مصر هى المفتاح، لذا فقد شعر بعد وفاة عبدالناصر بأن هناك فراغا فى العالم العربى كبيرا جدا يتعذر على أى رجل آخر أن يملأه، ومن هنا كان رأيه ضرورة وجود قيادة جماعية بين كل من مصر وليبيا وسوريا».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة