أنيسة حسونة قصة تستحق أن تروى.. أسرة الراحلة تروى محطات مكافحتها للسرطان على مدار 6 سنوات.. وقصة نبوءة الطبيب البريطانى وكيف تحققت.. ونضال والديها فى غزة.. وكيف انعكس العمل التطوعى على شخصيتها وحبها للخير

الأربعاء، 23 مارس 2022 11:55 م
أنيسة حسونة قصة تستحق أن تروى.. أسرة الراحلة تروى محطات مكافحتها للسرطان على مدار 6 سنوات.. وقصة نبوءة الطبيب البريطانى وكيف تحققت.. ونضال والديها فى غزة.. وكيف انعكس العمل التطوعى على شخصيتها وحبها للخير أنيسة حسونة قصة تستحق أن تروى
تقديم – حسن مجدي، إعداد – إيمان علي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قليلون هم من يجتمع عليهم محبة الناس.. وهي بحق كانت محل حب وتقدير الجميع .. فقد وهبت نفسها لسنوات للعمل الخيري .. وقامت بمجهوداتها مؤسسات خيرية عظيمة .. مثل مؤسسة مجدي يعقوب للقلب بأسوان .. ومستشفى الناس .. فكما كانت تقاتل أنيسة حسونة من أجل علاج الأطفال بالمجان .. كانت أيضًا تقاتل في جبهة ميدان أخرى دخلت فيها مجبرة و"بدون سابق إنذار".. وهي معركة الإصابة بالمرض اللعين "السرطان"، والتي استمرت لـ 6 سنوات فكانت دعوات الجميع لها بالشفاء ولأننا عهدناها محاربة دائما فقد منّ الله عليها مرتين بالانتصار على السرطان .. لكنها هُزمت في الثالثة.
 
 
والتقينا مع أسرتها لنتعرف أكثر على تفاصيل حياة مقاتلة السرطان ورائدة العمل التطوعي، فكما قال المثل وراء كل رجل عظيم إمرأة عظيمة ..فإنه أيضا وراء كل إمرأة عظيمة أسرة أعظم تتفهم مقتضيات عملها تعرف كيف تقدم لها الدعم الكافي في أوقات الشدة تؤنسها في وحشة المرض، وهو ما ظهر لنا في رحلة مكافحتها لهذا المرض حيث كان زوجها شريف ناجي أكبر المساندين لها في مقاومته بشهادتها، وكانت بناتها وأحفادها سر عدم استسلامها في رفع الراية البيضاء، ولهذا كان لنا مع زوجها شريف ناجي وابنتها سلمى ناجي هذا الحوار :
 
-الشخصية الحديدية لأنيسة حسونة أمام الجميع.. كانت لا تعكس ما تعانيه في مواجهتها للمرض.. كيف كانت تتغلب على ذلك؟
 
شريف ناجي: واجهنا مرحلة صعبة على مدار الـ6 سنوات الماضية والحقيقة أن ما كان يظهر أمام الجميع هو نتاج نضال منها ومثابرة من كل فرد في الأسرة، وتشجيع بألا يتسرب إلى نفسها أي شك أو يأس، فقد حرصنا على أن نعطي لها الأمل دائما ورفع الروح المعنوية وهي كانت شخصية محبة للحياة والعطاء وعمل الخير وتعاملت خلال تلك الفترة وكأنها في حرب تحرص فيها على إنهاء كل مهمة عليها بإخلاص ودأب وإنجازها بشكل سريع.
سلمى : مررنا بفترة صعبة وهي وصفت بالتفصيل هذه الرحلة في كتابها...منها الجراحة التي استغرقت لمدة شهر ونص في المستشفى بألمانيا، والعلاج نفسه لم يجعلها تتوقف عن حياتها العملية حتى آخر يوم.. فقد كانت تستمد طاقتها من العمل المستمر.
- كيف كانت رحلة مواجهة هذا المرض..وماذا عن نبوءة الطبيب البريطاني؟
 
شريف ناجي:اكتشاف الإصابة كان بالصدفة عقب إجراء فحوصات طبية دورية عادية وعلمت بهذا المرض ثم تم إبلاغها من خلال طبيب، وحرصنا على عرض الفحوصات أمام أكثر من طبيب في الخارج من بينها كان الطبيب البريطاني والذي أكد لها أن ستصاب بالمرض ثم ستتعافى ثم ستعاود الإصابة لتموت خلال 5 سنوات وكانت توقعاته أقرب للواقع والحقيقة أنه لم يكن يغيب عن فكرها والذي أصابها بالدهشة والصمت لفترة وقتها لكن سرعان ما عاودت الإصرار على مواصلة العمل.
 
سلمى : كلامه كان علمي ورد بالأرقام.. معظم الأطباء لم يستطيعوا التوقع مثله وكانت بمثابة صدمة لها بوضع رقم حاد وسيناريو لما سيحدث لها.. فهي من أصعب اللحظات التي مررنا بها ولكن أبي كان يرى أن الأهم هو التركيز على الخطوات القادمة وهو ما ساعدها على استرداد قوتها لنفسها مرة آخرى .
-كيف كانت تستجمع قوتها يوميا حتى تخرج بوجه بشوش ملىء بالأمل لآلاف الأطفال؟
 
شريف: كافحت كافة المراحل التى مرت بها بكل قوة ومع كل ضعف كانت تحرص على ألا يزيد عن أيام معدودة حتى الجراحة الكبيرة بألمانيا لمدة 12 ساعة فقد كان مخطط لها ١٠ أيام فقط بينما جلسنا ٤٤ يوم والأمل في التحسن كان مفقودا وأصرت على العودة بعدها لعملها دون يوم راحة حتى فلم يكن هناك شىء يعوقها عن واجبها...وكأنها في حرب..كلمة شكر بسيطة كانت ترفع معنوياتها بشكل كبير..رؤية السعادة المتلألئة في عيون أهل الطفل بشفاؤه...يثلج صدرها وينسيها مرضها.
-تلقت "حسونة" تكريما من قرينة الرئيس انتصار السيسي والذي صادف قبل وفاتها بأيام..كيف كانت حالتها في هذا التوقيت؟
شريف: التكريم جاء في أصعب لحظاتها في وقت كانت تعاني فيه من ضعف شديد وفجأة تلقينا مكالمة مساءا وأبدت دهشتها من التكريم ووجدت صعوبة في الحضور، والحقيقة أنني أصريت على ذهابها وإقناعها بألا تقوم من الكرسي..وما حدث رفع من معنوياتها وكانت سعيدة للغاية فقد أكدت لها قرينة الرئيس أنها تستحق أكتر من ذلك، وهي كانت ترى أن المرأة المصرية تعيش أزهى عصورها في عهد الرئيس السيسي، ويتم تمكينها في كافة المجالات ولم تكن تتصور أنه سيأتي اليوم وتكون المرأة قاضية وحدوثه أسعدها كثيرا.
 
فقد شعرت أن هذا التكريم يتوج مجهوداتها وأنهم يشعرون بما تمر به، قلت لها "ربنا بيطبطب عليكي والناس كلها بتدعيلك" وبمثابة حفلة تتويج بتوديعها للناس ببشاشة وبحضورها الطبيعي، فقد كانت تحرص على تبسيط الأوجاع أمام الجميع ليأخذونها عظة أو أن تكون بشكل يسبب ابتسامة في روايتها.
 
سلمى: تحمست للتكريم وأعطى لها دفعه معنوية كبيرة ..التكريم في حد ذاته كان مهم ليتوج مجمل أعمالها والتى لم تستسلم أو ترفع الراية البيضاء يوما فلم تقبل يوما باستمرار ضعفها بل كانت دائما ما تستفيق وتسترد عافيتها سريعا لتعود مرة آخرى لعملها ونشاطها .  
 
-كيف كانت آخر ليلة قبل وفاتها؟
 
قضينا آخر ١٠ ساعات في مركز أشعة حتى منتصف الليل وكانت في غاية الإنهاك، نفذ أمر الله صباحا، وكنت في أحلك الظروف ...اقلها خلي بالك فيه ربنا وكل اللي عايزهه بيبقى حلو حتى الموت وهو ما أخذته عقيدة دائمة
 
-     إذا أردنا وصف لـ"حسونة " في حياتكم ..ما الذي يمكن قوله ؟
 
شريف: رمز لكل المعاني الحلوة في الدنيا...اعتبر نفسي محظوظ أن زوجتي أنيسة حسونه ربنا وهبني إياها فهي كانت إنسانه بمعنى الكلمة العميق – واستطرد باكيا- شعورها تجاه الجميع لا توصف هي بتحضن الدنيا كلها وعاشقة للحياة وأي حاجه بتعملها من قلبها..حديثي عنها لا يوفيها حقها.
 
 -"في وسط كل المرض ده ..الطبطبة من إيد جوزي أعادت التوازن"..هذه الكلمة المذكورة في كتابها تعكس قصة الحب بينكما..كيف التقيتم؟
 
شريف: كان لي علاقة بوالدها عصام حسونة ثم تعرفت على الأسرة كاملة ولمست أنه منزل يقوم على الحب فقد كان لوالديها هو والدكتورة فتحية المرصفاوي قصة يكتب فيها مؤلفات وتضحياتهم سويا في غزة ولهم نضالات كبيرة في العطاء وكانت آثار الحب واضحة ومنعكسه عليها...فهي ورثت الحب والطبيعة والإنسانية والرحمة .. وهو ما انعكس على حياتنا.
 
-يأتي لقاءنا بالتزامن مع حلول "عيد الام"..كيف كانت علاقتها بكم ؟
سلمى : علاقتنا كانت متقاربة للغاية وحرصت على رؤية الأحفاد يوميا..اهتمت بخلق ذكريات تجمعنا والاستمتاع بالوقت المتاح سويا وهي كانت قدوتنا في كل شئ.. وكنا نحرص على التجمع العائلي فيه.. وأقول لها "وحشتيني".
 
-     هل كان خروجها من إحدى المؤسسات فجأة بسبب إصابتها بالسرطان؟
 
شريف : مقاومة المرض أحد أضلاعه الإحساس بالقهر وإبعادها عن المؤسسة التي تفانت في عملها البعض اعتبره سببا في تنشيط الخلايا السرطانية داخل الجسم..ولكن هناك أسباب آخرى من المؤكد ترتبط بالإصابة وفي النهاية هو قدر وبعد عودتنا من ألمانيا جلسنا لشهور في كتابة الكتاب .. وحرصت على النزول لمجلس النواب وأن تكون بقدر المسؤولية واشتركت في العمل المدني بشكل أوسع وكان يراودها دائما في لقاء أي طبيب "أنا فاضلي قد إيه؟" وكنا بقدر الإمكان نحاول إبعادها عن هذا التفكير.
 
- تولت المسؤولية عن مستشفى الناس في وقت صعب..كيف استقبلت هذه المهمة ومن دعمها في قبوله ؟
 
شريف: جاء فى وقت استثنائى لها وكان بمثابة تحدي، تم عرض الفكرة عليها وترددت لفترة وبعد ذلك وجدت مستوى الصرح ليس له مثيل في مصر والشرق الأوسط وبالمجان للأطفال.. قلتلها انتي قد التحدي ورسم البسمة لقلوب الأطفال وهو ما كان حافز أساسى لها في مقاومة المرض وقدرت على بذل أقصى ما تستطيع في أصعب فترات علاجها وكان هدفها الأسمى هو المحاربة من أجل انتهاء قوائم الانتظار.
- كيف جاءت فكرة كتاب "بدون سابق الإنذار"؟
 
شريف: تم طرحه من الأسرة وكنا حريصين على كتابتها له حتى يكون حافز لها في استكمال المعركة لتروي تجربتها حتى تستفيد منه محاربات مثلها، وما جاء به من مشاعر والعلاقات الأسرية وكيفية الاهتمام بها فكل ما ورد به كانت كلمات متلألئة لمن يقرأها.
 
الراحلة أنيسة حسونة شغلت مناصب عدة، فقد كانت عضوا بمجلس النواب السابق والرئيس التنفيذي لمستشفى الناس للأطفال والمدير التنفيذي السابق لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب وهي أول امرأة تنتخب أميناً عاماً للمجلس المصري للشئون الخارجية، وواحدة من أقوى 100 امرأة عربية في العالم وفقا لمجلة "أرابيان بيزنس" في 2014، ووالدها عصام حسونة وزير العدل الأسبق والتى واجهت إصابتها للسرطان بمثابرة وكفاح، وتلقت العلاج على مدار الـ 6 سنوات الماضية، وخلال تلك المدة أجريت جراحتين كبيرتين، ورفضت أن يكون مرضها نهاية مسيرة العطاء التي عملت فيها  وألفت كتاب قبل وفاتها، يحمل عنوان "بدون سابق إنذار" يسرد قصة مكافحته، وكان آخر ظهور لها خلال حفل التكريم الذي شهدته حرم الرئيس السيدة انتصار السيسي في اليوم العالمي للمرأة وتم تكريمها تقديرا لدورها وجدها في العمل الخيري، والتي كانت بمثابة إطلالة لها ودعت فيها أحبائها وتوجت فيه تاريخها الرائد والمتفرد بالعمل التطوعي.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة