عم صلاح.. كيف تحب كرة القدم دون أن تراها؟!

الإثنين، 14 فبراير 2022 02:13 ص
عم صلاح.. كيف تحب كرة القدم دون أن تراها؟! عم صلاح
كتب: حسن السعدني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعلمت من توفيق الحكيم أن أخذ الحكمة من الأعمى، فهو لا يضع قدمه على الأرض حتى يستوثق من موضعه بعصاه، لكن "عم صلاح" علمنى أن الأعمى لا يعطى الحكمة فقط، فقد علمنا الوفاء والتضحية وكيف يكون الانسان مجنونا بالكرة وسحرها حتى لو لم يراها بعينه، علمنى هذا العاشق للزمالك، أن كرة القدم هى كل ما يلمسنا، وليس كل ما نراه.

فرض "العمى" نفسه على "عم صلاح"، فاستنطق من ظلمته صديقا يواسى به نفسه من يُتم البصر، هذا اليتم، بدلا من أن يكون معرضا للفرجة والفضول، اختار هذا الزملكاوى الوفى أن يعوضه بحب الزمالك، ومع محبوبه، رأى العالم بطريقته.

من هم مثل "عم صلاح"، يفضلون قضاء أوقاتهم بين الجدران الصامتة، والصمت كعادته يصعب تفسيره، قد يكون الاحترام والإهانة والرضا والسخط واللامبالاة وعمق الاهتمام فى نفس الوقت، لكن هذا المشجع تغويه نواقيس الطبول واصوات الجماهير ودقات الدفوف وصيحات زملائه فى الهوى والغرام، فيعيش مباريات الزمالك بكل حواسه فى المدرجات، يتابع الأحداث بصوت المذيع عبر أثير الراديو، بينما يعيشها بكل كيانه على كراسى المتفرجين، أو مقاعد العشاق كما يحلو لأصحابها تسميتها.

كثيرون أقنعوا "عم صلاح" بأن يكف عن الذهاب للإستاد خلف الزمالك، وعدوه بتوفير أجواء مثالية لمتابعة المباراة بعيدا عن الزحام والصخب وإرهاق الملاعب التى يعانى منها الأصحاء، لكنهم نسوا أن العاشق مثل المدمن لا يمكنه الشفاء من دائه أو الهروب منه، ودواء هذا المشجع أن يضعوه على كرسى المشجع، ويجعلوا الجماهير حوله، واللاعبين أمامه طوال اليوم، هكذا يتعافى من فجيعته، ويتغلب على عتمة البصر بالنور الذى يأتى من الانتماء للزمالك.

"عم صلاح" لم يأت لهذه المدرجات بصفته مشجعا، هو لا يقول إن الزمالك سيلعب اليوم، بل يقول "سنلعب اليوم"، الحب جعله يعتبر نفسه واحد من اللاعبين، يھمس بصلوات ولعنات، يبكى حزنا ثم يتحول فى لحظات ليمزق حنجرته، يعانق المجهول بجانبه، لأنه صرخ معلنا هدفا، هو يرى الأهداف فى صيحات المحبين، يتخيلها، يداعبها، يرسمها، يشاهدها فى عقله مئات المرات.

أنا أشفق على "عم صلاح"، لا تغرينى فى الغالب الفرجة على مباراة معادة، لأن البث الحى والمباشر هو كل شيء، فكيف لمن لا يقدر على رؤيتها فى الأساس أن يملك كل هذا القدر من الغواية باللعبة، التى تكمن متعتها فى النظر إليها؟!

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة