محمد ثروت

طبيب الغلابة والوقف الصحي فى الإسلام

الثلاثاء، 28 يوليو 2020 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان الدكتور محمد مشالى المعروف إعلاميا بـ"طبيب الغلابة" فكرة لا تموت، وهى الرحمة بفقراء المرضى الذين تقطعت بهم السبل، وعجزوا عن حجز تذكرة كشف تساوى نصف معاش شهرى لبعضهم، أو قيمة المعاش كله أحيانا فى بعض التخصصات أو لدى مشاهير الأطباء، مات الرجل بجسده وعاش بعمله ودعاء الملايين له، والواقع أن وفاة طبيب الغلابة وظروف كورونا الاستثنائية، تجعلنا نعيد النظر فى نظام الوقف الخيري، والاهتمام بالوقف الصحى الذى كان علامة مهمة فى تاريخ الحضارة الإسلامية.

 ويكشف كتاب تاريخ البيمارستانات فى الإسلام للمؤرخ أحمد عيسى عن تخصيص حكام مصر فى العصور المختلفة أوقافا خيرية للإنفاق على الصحة وعلاج الفقراء، ثم تحول الوقف الصحى إلى عمل شعبى فى عصر الأسرة العلوية.

تعود فكرة البيمارستان وهى كلمة فارسية معناها دار المرضى إلى الدولة الأموية، حيث أول مارستان فى زقاق القناديل.

لكن البداية الحقيقية للوقف فى عهد احمد بن طولون ت 872 م وخصص العامة واشترط ألا يعالج فيه جندى أو مملوك، وكان يأمر للمرضى بثياب مخصوصة وغذاء ودواء حتى يبرأ ويتم شفاؤه تماما.

اهتم السلطان صلاح الدين الأيوبى بالوقف الصحي، فأنشا بيمارستان الناصرى للمرضى والضعفاء، بالقصر العتيق كما أنشأ بيمارستان الإسكندرية.

دار الشفاء او بيمارستان قلاوون خصص مكانا لمرضى الحميات وآخر للرمد وقاعة للجرحى، وقاعة للطعام وحمامات للنساء والرجال.

وفى عصر أسرة محمد على باشا (1805 - 1952) انتشر الوقف الصحى بشكل كبير، حتى أن مبرة محمد على الخيرية التى أسستها الأميرة عين الحياة رفعت فى حى عابدين عام 1909 مع مجموعة من النساء المصريات ومنهن هدى شعراوي، كانت بهدف مساعدة أطفال المرضى الفقراء. ثم تعدد نشاطها إلى إنشاء المستشفيات لعلاج الفقراء بشكل عام فى مختلف محافظات مصر.

إن الوقف الخيرى الآن فى معظم البلاد العربية يركز على بناء دور العبادة وصكوك الأضحية وإفطار الصائمين. بينما نحتاج بقوة إلى الوقف الصحي، وتخصيص أموال أو أراضى أو مبانى أهل الخير لصالح بناء دور رعاية صحية من مستشفيات وغيرها. أو حتى دعم البحث العلمى فى مجال الطب والتخصصات الصحية الأخرى وخاصة الأورام والحميات و صناعة الدواء.

إن فكرة الوقف الصحى يجب ألا تقتصر على الدولة فقط، بل تمتد إلى المجتمع المدني، ومن واجب الدعاة والفقهاء حث وتشجيع المجتمع على الإسهام بقوة فى الوقف الصحى ووهب الأراضى والمساكن والقصور والفيلات والأموال للتبرع للوقف الصحي، فى سبيل علاج الفقراء ودعم الأبحاث الطبية، واعتبار ذلك من الصدقات التى لا ينقطع بسببها عمل الإنسان بوفاته. وذلك أعظم أجرا وأبقى نفعا.

إن البداية من المجتمع الأهلى بعمل مؤسسة تحمل اسم طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالي، تكريما لذكراه، ليكون قدوة لمن يأتى بعده من أطباء. وتذكيرا للجميع بنا قدمه لمجتمعه الصغير من اسهامات.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة