أشادت وزيرة الصحة، مملكة البحرين فائقة بنت سعيد الصالح، بمسيرة رئيس وزراء المملكة الراحل، وكتبت مقاله فى صحيفة أخبار الخليج تقول فيها: "ينفتح الحديث عن المغفور له الأمير خليفة بن سلمان على مصراعيه حين يتَّصل الأمر بمسار التنمية والرفاه فى مملكة البحرين، فقد وعى الأمير لوضع قواعد التنمية بأسلوب جديد، وبرؤية أدركت منذ الطور الأوَّل لحركة التنمية فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي".
 
وأضافت: "إرساءَ قواعدِ الحكمِ لا يمكن أن يَتمَّ بِدون إرساءِ قواعد راسخة للتنمية. ومن واقع صلتى العلمية والعملية بالتنمية والتعليم، ومعرفتى المباشرة ببرامجِها وخططِها وتوجهاتِها الاستراتيجية لفترة ثلاثة عقود كانت تجربة الأمير خليفة بن سلمان من أهمّ وأبرزِ التجارب التى ألهمتنى وأثارتْ دهشتي. ولست أبالغ حين أَقولُ إنى وجدتُ فيها نموذجًا عمليًا يتَّصف بالعقلانية البراجماتية. وهى بهذه الصفة نموذجٌ يستحقُّ أن يوضع فى برامج التعليم العليا، لما يَتميَّز به من إحكام وحكمة، ولما يستعين به من روِيّةٍ ورؤية".
 
وتابعت فى مقالها: "لقد لمستُ فى النموذج التنموى الذى صنعه الأمير خليفة دقةً شديدةً فى تقاطعه مع جميع المستويات التى تجعله النموذج الشامل؛ فقد استجاب هذا النموذجُ لحاجات الإنسان فى السياسة والاقتصاد والتعليم والخدمة المدنية والصحة والثقافة والأمن الوطنى والخدمات العامة. ولم تَنْفِلتْ من ذلك كلِّه رؤية رجل السياسة وحساسيته الشديدة فى معرفته الواقع وفى استشعاره مطالب الحياة الكريمة والآمنة. إذْ هى زمام حركة التنمية؛ لأنها تمدّ جميع خياراتها باستبصار يقدر حدود المستقبل القادم ويستشعر آثارها فى استقرار الوطن، ولأنها-أيضًا- تمنح برامجها نفاذًا فى اتخاذ القرار".
 
واستطردت: "ما تميزتْ به التنمية الحديثة فى مملكة البحرين أَنَّها وُلِدتْ وترعرعت بين يدى الأمير خليفة، استقبلها بصفته الأب الأَّول، وتدَّرج فى مواءمة وعِيهِ بنموِّها، والشغف بملاحظة آثارها فى حياة المواطن البحريني. ويُعد رجلًا من رجال السياسة تهيأت له الظروف المناسبة لاستثمار مثل هذه المزية؛ فقد أدركَ والدُهُ المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين ملكاته المبكرة، وكلفَّه بالعديد من المهمات والمواقع الإدارية والقيادية منذ الخمسينيات من القرن الماضى، فتعلمَّ منها الكثير، واستطلَعَ من خلالها ما تحتاجه البلاد من تنمية فى مجالات الإدارة والنفط والتعليم والعمل البلدى والتخطيط... إلخ. وتدريجيًا نشأ من رجلِ السياسة الأمير خليفة رجلٌ من الطراز الأول فى التنمية الحضرية".
 
وأكدت: "ولا شكَّ بأَنَّ الأمير خليفة قد استفاد كثيرًا من معايشته تجربة الحكم التى أمضاها والدُه الشيخ سلمان بن حمد، ثم الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة، وصولًا إلى وقوفه مع جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة. هذه سلسلة قوية فى الحكم تعلم منها الأمير خليفة، وصَقَلَ من خلالها وعيه فى السياسة والتنمية الحضرية. كما أدركَ منها أن الدولة تُبْنى على المستوى الإنسانى بقواعد التنمية الشاملة أولًا وقبل كل شيء".
 
وأشارت: "وإذا ما أدركنا هذه الصلة العقلية والروحية بين رجلِ السياسة ورجلِ التنمية فى شخصية الأمير خليفة سندركُ تلقائيًا لماذا مضتْ حركة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية بسرعة شديدة فى البحرين منذ تولى رئاسة مجلس الدولة، ثمَّ رئاسة مجلس الوزراء. وفى تقديرى أنه منذ ذلك الحين اختلف إيقاع حركة التنمية إختلافًا كبيرًا فى مملكة البحرين. لقد تشابكت رؤية التنمية مع جميع متطلبات المواطن البحريني. لم تعدْ خدمات الإسكان وحدها المطلوبة، ولا التعليم وحده، ولا الصحة وحدها، لقد أصبحت هذه مرتبطة بحركة الاقتصاد واستثمار الموارد البشرية، وتوطيد الأمن وتوفير القدر الأكبر من الرفاهية الاجتماعية، وإرساء القوانين والانفتاح على الحداثة عالميًا".
 
وتابعت المسئولة البحرينية: "مقاييس نجاح التنمية عادة، كما تؤكد التقارير الدولية والإقليمية (العربية) تكمن فى تعدد الخيارات ونموّ التعليم وزيادة الدخل القومى ونموّ الاقتصاد وبناء التشريعات... إلخ؛ فالمقياس دائمًا هو تصاعدٌ فيما يتحقق للإنسان من رفاهية اجتماعية وثقافية يأمن فيها على عيشه وسكنه وعمله، وينظرُ للمستقبل بأمنٍ واطمئنان".
 
وذكرت في مقالها: "فى مدى زمنى يقارب خمسة عقود مضاها الأمير خليفة مخططًا وموجهًا لحركة التنمية الشاملة فى بلادنا يمكن لنا ملاحظة مقدار ما استفاد منه المواطن البحرينى من مكاسب تنموية لتكوين حياةٍ مدنيةٍ منفتحةٍ على العمل والنموّ والحداثة، قرى كثيرة منعزلة تحوّلت إلى مدن تتوافر فيها أحدث الطرق وسبل العيش، وتنشط فيها حركة التعليم والأسواق، أحياء صغيرة تحولت إلى ضواحٍ كبيرة، مساحات شاسعة تحوّلت إلى عمران بشرى كثيف، تجِّملها مساكن حديثة وتقربها مواصلات ممتدة، انتشار واسع للتعليم وقضاء على الأمية، وكوادر ذكية فى الإدارة والتكنوقراط والتكنولوجيا، وانفتاح على الإعلام وتكنولوجيا المعلومات، وتميز يثير الإعجاب والدهشة بتراث البحرين العريق ولمواقعه المسجلة عالميًا ولثقافتها وفنونها التشكيلية ولإنجازها الحضرى الذى جرى على مدى سنين بخطوات تستوعب حدود الجغرافيا وتتوسع فيها بتوازن مدروس."
وتابعت: "تنمية شاملة تصوغ للعالم نموذجًا منفردًا بالفعل، وهو ما انعكس بشكل واضح فى تكريم مملكة البحرين فى المؤتمرات العالمية، وتكريم شخصية الأمير خليفة بالعديد من الجوائز الدولية والأوسمة والقلادات التكريمية التى تعترف بما قدمه من تطبيقات نموذجية فى مجال التنمية الحضرية. ولقد بينت بعض أسباب نموذجيتها، لكن لا بدّ من الإشارة أخيرًا إلى البعد الإنسانى لهذا النموذج من التنمية الذى وضعه الأمير خليفة؛ فهذه التنمية فى نهاية المطاف كانت مصدر حماية لحياة المواطن البحريني. إنها أحد أهمِّ أسباب الاستقرار الاجتماعى، ولولا روح الحماية وروح احتواء الحاجات الإنسانية لما وقفت البحرين قوية بمشروعها الإصلاحى، ولما تميزت بهذا النمط الحضارى من التعايش بين الأديان والمذاهب، ولما تميزت بوعى حضارى يعترف بالتنوُّع ويمنح القدر الأكبر من الحريات، ويتيح للمرأة حياة متساوية مع الرجل، ويدفع بها لمواقع القرار، ويشرِّعُ القوانين لها كى تعيش معزَّزة مكرّمة".
 
ولفتت إلى إنَّ الصورة الحضارية التى بنتها حركة التنمية فى بلادنا مصدر فخر واعتزاز لكلِّ مواطن بحرينى اليوم. وهذا وحده قوس انتصار لوطننا الغالى ولقيادتنا الرشيدة ممثلة فى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولى العهد نائب القائد الأعلى رئيس الوزراء.
 
واختتمت مقالها: "كلمة أخيرة أقولها كوزيرة للصحة فى حق أميرنا الراحل الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله، لقد كان خير ملهم لى، شعرت كل يوم التقيته فيه بأننى ما أزال على عتبات الدراسة فى مدرسة الحياة، شعرت بحنان الأبوة وبحب لنا وخوفه علينا وبخاصة عندما يوجه الحديث لى بقوله "بنتنا الوزيرة"، فلهذه الكلمة أكبر الأثر على نفسى وتنسينى كل ضغوطات العمل وتدفعنى لمزيد من التضحية لإرضاء رب العالمين وإرضاء قيادتنا الحكيمة، ونكون جنودًا لهذا الوطن الغالى والمعطاء، الذى لم يبخل علينا بشيء منذ أن رأيت أعيننا الدنيا، على هذه الأرض تعلمنا ومن هذا الوطن حصلنا على الأمن والأمان. ومن رحمة الله عليه شعرنا دائمًا بالاطمئنان. كل ذلك لأن خليفة بن سلمان".