من الريال للتومان.. كيف تقامر طهران بالاقتصاد لحسابات سياسية؟.. تجارب الماضى تعكس فشل الإجراءات الإيرانية لاحتواء الأزمات الاقتصادية..والملالى يلوحون بورقة المتشددين لإجبار الغرب على التخفيف من ضغوطهم على طهران

الأربعاء، 31 يوليو 2019 05:30 م
من الريال للتومان.. كيف تقامر طهران بالاقتصاد لحسابات سياسية؟.. تجارب الماضى تعكس فشل الإجراءات الإيرانية لاحتواء الأزمات الاقتصادية..والملالى يلوحون بورقة المتشددين لإجبار الغرب على التخفيف من ضغوطهم على طهران العملة الإيرانية
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خطوة جديدة اتخذتها الحكومة الإيرانية بالتخلى عن عملتها (الريال) واستبدالها بعملة جديدة، وهى التومان، فى محاولة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية، فى ظل ارتفاع كبير فى مستوى التضخم، وغلاء الأسعار، حيث أن الخطوة سوف تساهم فى تغيير سعر صرف العملة الإيرانية لتصبح قيمة الدولار الواحد على المستوى الرسمى حوالى 4.2 تومان، بعدما كان يعادل 42 ألف ريال، وهو ما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت التحرك الإيرانى سوف يساهم فى احتواء الأزمة التى تشهدها الدولة الفارسية، وتخفيف تداعياتها على الشارع الإيرانى فى ظل الأوضاع الراهنة.

ولعل مسلسل الانهيار الاقتصادى فى طهران قد ارتبط بصورة كبيرة بالقرار الأمريكى بالانسحاب من الاتفاقية النووية، والتى أبرمتها طهران مع القوى الدولية الكبرى فى يوليو 2015، برعاية إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، حيث شنت إدارة ترامب حملة من العقوبات استهدفت العديد من القطاعات الحيوية فى إيران، وعلى رأسها قطاع النفط، بالإضافة إلى منع الشركات العالمية من الاستثمار فى طهران، ربما ليعود بالصراع إلى المربع الأول، فى محاولة لدحض التهديدات التى بات يمثلها نظام الملالى الحاكم، والتى لا تقتصر على البعد النووى، وإنما تحمل العديد من الوجوه الأخرى، لعل أبرزها الحرص على تطوير الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى دعم الميليشيات المسلحة فى العديد من دول الشرق الأوسط، وهو ما تراه واشنطن تهديدا صريحا لمصالحها بالمنطقة.

 

خطوة قديمة.. العملة الإيرانية تحمل أكثر من سعر صرف

يبدو أن تغيير سعر الصرف الرسمى للعملة الإيرانية، لا يمثل قيمة كبيرة على أرض الواقع، خاصة وأن الريال كان يحمل أكثر من قيمة فى الداخل فى الأشهر الماضية، تزامنا مع زيادة الخناق الدولى على طهران، حيث كانت قيمة الدولار رسميا 42 ألف ريال إيرانى، بينما كان يباع فعليا بحوالى 120 ألف ريال فى السوق السوداء، كما أن الحكومة الإيرانية كانت تعتمد سعرين للصرف، أحدهما للتعامل مع الواردات الحيوية، بينما كان الأخر للتعاملات الأخرى.

الريال الإيرانى
الريال الإيرانى

الحكومة الإيرانية حاولت الترويج لهذه الخطوة قبل أكثر من عامين، وتحديدا فى ديسمبر 2016 وإن كان ذلك على نطاق أصغر، عبر تغيير العملة إلى التومان، وتغيير سعر صرفها بإزالة صفر واحد من قيمتها أمام الدولة، إلا أن المبادرة لم تجد قبولا بين خبراء الاقتصاد والبرلمان الإيرانى بسبب كونها مكلفة كما أنها لا تساهم فى تحسن الأوضاع بصورة ملموسة، على الرغم من أن توقيت طرحها كان مختلفا، حيث كان الاقتصاد الإيرانى فى تلك الفترة واعدا بفضل الوصول إلى الاتفاق النووى، والتى ساهمت ليس فقط فى تقليص العقوبات الدولية المفروضة على طهران، ولكن أيضا فتحت الباب أمام الشركات الأجنبية لاقتحام الأسواق الإيرانية، وبالتالى تحسن الأوضاع الاقتصادية بصورة كبيرة.

 

حليفهم الفشل.. أحمدى نجاد حكم الريال بالإعدام

ويعد الفشل حليفا مقربا للإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومات الإيرانية المتعاقبة للتخفيف من تداعيات العقوبات الأمريكية، وذلك منذ ما قبل الاتفاق النووى، ولعل أبرز تلك الإجراءات قيام حكومة الرئيس السابق محمود أحمدى نجاد، بتوجيه البنك المركزى والميزانيات الحكومية لدعم مشروع الإسكان الرخيص، والذى أثار حالة من الجدل، خاصة وأنه فشل فى استكماله فى نهاية المطاف، ليصبح المشروع غير المكتمل حتى الآن على الفشل الاقتصادى الذى واجهه النظام الإيرانى السابق فى احتواء متاعب الإيرانيين جراء العقوبات الأمريكية.

أحمدى نجاد
أحمدى نجاد

 

قرار أحمدى نجاد ساهم بصورة كبيرة فى تدهور أحوال الريال الإيرانى، والذى انهارت قيمته أمام الدولار، بعد أن كان الأخير يعادل حوالى 70 ريال منذ حقبة الثورة الإيرانية فى 1979، لتصبح قيمة الدولار 10 آلاف ريال، قبل أن يتفاقم الوضع بنهاية فترته الرئاسية بوصوله إلى 35 ألف ريال، فى انعكاس صريح للتدهور الاقتصادى فى الدولة الفارسية.

 

رسالة إيرانية.. فشل رهان الغرب على المعتدلين

ولكن يبقى التساؤل حول ماهية الرسالة وراء القرار الإيرانى، خاصة وأن تمريره يتطلب موافقة البرلمان الإيرانى، ومجلس صيانة الدستور، وهى المؤسسات التى سبق لها وأن رفضت اقتراحا مشابها من روحانى فى الماضى القريب، وهو الأمر الذى يرجع فى جزء منه إلى حالة الاستقطاب السياسى فى الداخل الإيرانى بين تيار المتشددين، والذى يقوده المرشد على خامنئى، والتيار المعتدل بقيادة روحانى، فى ضوء الخلاف الذى ساد بين الجانبين حول جدوى الاتفاق النووى الإيرانى، حيث أبدى التيار المتشدد امتعاضا كبيرا تجاه الانغماس الإيرانى فى المفاوضات مع ما أسموه لعقود طويلة بـ"الشيطان الأعظم"، بينما كان روحانى ورفاقه يرون أن الاتفاق ضرورة لإنهاء حالة العزلة الدولية التى تعانيها الدولة الفارسية.

روحانى والمرشد
روحانى والمرشد

 

يبدو أن تمرير القرار باستبدال العملة، وتغيير قيمة سعر صرفها، يحمل فى طياته رسائل ربما تتجاوز البعد الاقتصادى إلى العديد من الأطراف الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، مفادها أن طهران تتجه نحو التوحد فى مواجهة التحديات الغربية، وهو ما يعنى فشل الرهان الغربى على التيار المعتدل، والذى كان يمثل السبب الرئيسى فى إنجاح الاتفاق النووى الإيرانى ورغبة الغرب القوية فى إتمامها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة