مصطفى بكرى يكتب: تفاصيل القصة الحقيقية التى رواها السيسى عن أحداث محمد محمود.. الأحداث بدأت بالتحريض من الإخوان وحازمون وكان الهدف رحيل المجلس العسكرى وإسقاط الدولةبيد المتطرفين.. والجزيرة لعبت دوراً فى التحريض

الثلاثاء، 12 مارس 2019 12:16 م
مصطفى بكرى يكتب: تفاصيل القصة الحقيقية التى رواها السيسى عن أحداث محمد محمود.. الأحداث بدأت بالتحريض من الإخوان وحازمون وكان الهدف رحيل المجلس العسكرى وإسقاط الدولةبيد المتطرفين.. والجزيرة لعبت دوراً فى التحريض عنف الإخوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصطفى-بكرى

-  المتآمرون حاولوا اقتحام وزارة الداخلية والسيطرة عليها

- مجهولون قتلوا الشاب محمد أحمد وبعدها بدأت الفتنة

- عصام شرف قدم استقالته لوسائل الإعلام والمشير يفاجأ بها ثم يضطر إلى قبولها

- لماذا قرر المشير طنطاوى رفض ترشيح البرادعى لرئاسة الحكومة؟ وسر اللقاء المفاجئ فى وزارة الدفاع

- مناقشات مطولة داخل المجلس العسكرى حول الاستفتاء على بقائه من عدمه!!

 
خلال كلمته فى احتفالية يوم الشهيد التى نظمتها القوات المسلحة المصرية أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى معرض تعليقه على كلمة الوزير السابق أسامة هيكل، أن البلاد شهدت أحداث شارع محمد محمود فى نوفمبر 2011، وأن القيادة المصرية فى هذا الوقت كانت حريصة على عدم سقوط مصرى واحد فى هذه الأزمات.
 
وقال الرئيس: خلال هذه الفترة كنت مسؤولا عن المخابرات الحربية وعن الأجهزة الأمنية الأخرى، وأقول بثقة لم نمس مصريا واحدا فى هذه الفترة، ولكن منذ دخول العناصر الإرهابية ولمدة 6 أيام كان هناك قتلى وأقاموا المنصات بهدف إسقاط الدولة، وكان الهدف إجبار المجلس العسكرى على الرحيل فى هذا الوقت.
 
وقال الرئيس: فى هذا الوقت طلبنا من رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بعمل فاصل من كتل خرسانية للفصل بين ميدان التحرير وشارع محمد محمود، وأضاف: أنه بعد إتمام هذه المهمة توقف القتل فى شارع محمد محمود.
 
وأشار الرئيس إلى أن الفريق محمد زكى كان موجودا فى ميدان التحرير فى ذلك الوقت مع وحداته لتأمين التحرير، وكنا حريصين جدا على عدم إيذاء أى مصرى، ولكنهم قدمونا للناس على أننا قتلة وفسدة.
 
وتحدث الرئيس عن تفاصيل اجتماع المجلس العسكرى فى هذا الوقت لدراسة الأمر، وقال إنه كان من المطالبين بالاستفتاء على رأى الشارع فى استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إداراة شؤون البلاد من عدمه.
 
لقد كان حديث الرئيس السيسى مكاشفة صريحة لوقائع ما شهدته هذه الفترة فى نوفمبر 2011..
 
محمد-محمود-رويترز
 

تفاصيل القصة الحقيقية لوقائع ما جرى فى نوفمبر 2011..

 
نشرت فى كتاب «الدولة والفوضى»: تصاعدت الضغوط على المجلس العسكرى بعد نشر الشائعات والأكاذيب التى قالت إن المجلس طامع فى السلطة، وأنه يرفض تسليمها إلى مجلس رئاسى مؤقت لضمان إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحيدة ونزاهة.
 
وقد شهد شهر نوفمبر من عام 2011 تنسيقًا مشتركًا بين الإخوان وبعض القوى السلفية والحركات الاحتجاجية المعادية للدولة مثل حركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين وبعض الائتلافات الشبابية التى كانت من صنيعة الإخوان أنفسهم.
 
كان الإخوان حتى هذا الوقت يتحركون من خلف الكواليس، للحفاظ على علاقتهم بالمجلس العسكرى، وفى نفس الوقت ضمان نجاح مخططاتهم التى تستهدف إجبار المجلس على تسليم السلطة للمجلس الرئاسى المؤقت المقترح تشكيله.
 
فى هذا الوقت تواصلت جماعة الإخوان سرًا مع الحركة السلفية التى كان يقودها حازم أبوإسماعيل «حازمون»، وبعض الحركات الأخرى للإعداد لمظاهرة حاشدة فى ميدان التحرير تحمل اسم «جمعة المطلب الواحد».
 
وفى اليوم المحدد 18 نوفمبر 2011، كنت أتابع الأحداث عن كثب من مكتبى الكائن بالقرب من ميدان التحرير، حيث كانت الحشود تتدفق على الميدان منذ الصباح، وضمت إلى جانب الحركات الإسلامية والاحتجاجية عددًا من أسر الشهداء الذين سقطوا فى الميادين أثناء الأحداث.
 
لقد تحددت مطالب المتظاهرين فى هذا اليوم فى أربعة مطالب رئيسة هى:
- تسليم السلطة لمجلس رئاسى مدنى فى موعد أقصاه 15 مايو 2012.
- التنديد بالمحاكمات العسكرية للمدنيين.
- التنديد بالمواد فوق الدستورية.
- رفض وثيقة السلمى.
 
وقد تزايدت أعداد المحتشدين فى الميادين حتى بلغت وفق التقارير المنشورة فى هذا الوقت أكثر من مليون ونصف المليون متظاهر فى العديد من المحافظات، وتحديدًا القاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها.
 
وقد قام المسؤولون عن المنصة الرئيسية فى ميدان التحرير بإذاعة الأغانى التى ألهبت حماس المتظاهرين، بينما ردد المتظاهرون شعارات: «على الأقصى رايحين شهداء بالملايين»، «مطلوب تسليم السلطة لمجلس رئاسى مدنى»، «الشعب يريد تسليم السلطة فى مايو».
 
وقد كانت أهم المنصات الرئيسية التى تولت قيادة المتظاهرين فى ميدان التحرير هى منصات «الإخوان - الشيخ حازم أبوإسماعيل وحركته حازمون - حزب النور».
 
ورفع الشيخ حازم أبوإسماعيل والمجموعات المرتبطة به شعارات مناوئة للمجلس العسكرى فى هذا اليوم، وكان بعضها يطالب بمحاكمة المشير حسين طنطاوى وإعدامه، ورفعت فى أركان الميدان شعارات عديدة تطالب بإقالة حكومة عصام شرف وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى من الثوار وبعض القوى السياسية والدينية المختلفة.
 
وفى مساء ذات اليوم انصرف حازم أبوإسماعيل وأنصاره من الميدان مهددين بالعودة إليه مرة أخرى، بينما بقى بعض أسر الشهداء وأعداد من المصابين الذين أصروا على الاعتصام لحين تحقيق مطالبهم، وانضم إليهم عدد من رموز وكوادر القوى الثورية وعناصر جماعة الإخوان وعدد محدود من السلفيين.
 
 

الجيش يدرس الموقف:

 
فى مساء هذا اليوم تم تدارس الموقف جيدًا داخل القيادة العامة للقوات المسلحة، ووزارة الداخلية، وتم الاتفاق على فض الاعتصام خوفًا من تدهور الأوضاع فى الميدان، فقامت قوات الأمن المركزى بتفكيك الخيام وإحراقها وطرد المعتصمين إلى خارج الميدان، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين المعتصمين ورجال الأمن، بعد أن رفض المتظاهرون إنهاء اعتصامهم، ثم سرعان ما حدثت عمليات كر وفر بين الجانبين تطورت إلى مواجهات بعد أن قام المتظاهرون بتحطيم عدد من سيارات الأمن المركزى، فرد عليهم الأمن بالقنابل المسيلة للدموع، وتحول الميدان إلى ساحة حرب حقيقية بين الجانبين.
 
وأمام المشهد الذى كانت تنقله وسائل الإعلام على الهواء مباشرة، وتحديدًا «قناة الجزيرة القطرية» بدأت عناصر الإخوان والسلفيين وبعض الفئات الأخرى تتوافد إلى الميدان «ومن بينهم حازم أبوإسماعيل وجماعته»، وقد أصيب فى هذا الوقت العشرات من رجال الأمن والنشطاء والصحفيين، وكان من بين الذين أصيبوا إصابات بالغة فى هذه الأحداث الناشط السياسى «أحمد حرارة» الذى تردد أنه فقد عينه الثانية، بعد أن فقد عينه الأولى فى أحداث العنف التى وقعت فى الثامن والعشرين من يناير من العام نفسه.
 
لقد لعبت قناة الجزيرة ومكتبها فى القاهرة دورًا رئيسيًا فى تأزم الأوضاع داخل الميدان، بعد أن صورت الأمر وكأن رجال الأمن يهاجمون أسر الشهداء ويعتدون عليهم، فانتشرت المظاهرات فى عدد من المحافظات الأخرى، حيث زحف الآلاف إلى المنطقة العسكرية الشمالية بالإسكندرية يرفعون نفس الشعارات، كما اقتحم المتظاهرون فى السويس مبنى الحى بالمدينة وأحرقوا أجزاء منه.
 
 

أحداث محمد محمود:

 
عندما توجه الآلاف باتجاه شارع محمد محمود محاولين الوصول إلى مبنى وزارة الداخلية للاعتداء عليه، تصدت قوات الأمن لمواجهة هذه العناصر الفوضوية، وظلت الاشتباكات مستمرة لمدة 18 ساعة حتى صباح اليوم التالى، واستخدمت فيها طلقات الخرطوش وقنابل المولوتوف والغازات المسيلة للدموع.
 
وفى هذا اليوم «19 نوفمبر»، سقط الشاب محمد أحمد محمود «23 سنة» برصاصة قاتلة فى شارع محمد محمود، لم يعرف أحد مصدرها ولا من أين جاءت، إلا أن الاتهامات اتجهت نحو العناصر المجهولة التى كانت تتعمد إشعال الفتنة فى هذا الوقت.
 
وفى اليوم التالى «20 نوفمبر»، وبعد اشتباكات استمرت حتى الساعة السابعة صباحًا، استطاع المتظاهرون السيطرة على ميدان التحرير مرة أخرى، خاصة بعد تراجع قوات الأمن نتيجة نفاذ الذخيرة منها.
 
ولم تمضِ سوى ساعات قليلة حتى سعت الشرطة إلى استرداد الميدان مرة أخرى، خاصة بعد تعثر المفاوضات التى جرت فى مسجد عمر مكرم بين قادة المتظاهرين ورجال الأمن.
 
وفى عصر هذا اليوم اشتعلت النيران بأحد المبانى السكنية بشارع محمد محمود نتيجة القصف العشوائى، ولم تتمكن سيارات الدفاع المدنى من الوصول إلى مكان الحريق بسبب كثافة الاشتباكات، وظل الوضع على حاله حتى الساعة الرابعة والنصف مساء، حيث تدخلت قوات مشتركة من الجيش والشرطة لإنهاء الوضع المتأزم وإعادة الأمن والاستقرار إلى ميدان التحرير والمناطق المحيطة به.
 
وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط عشرة أفراد من المتظاهرين وإصابة حوالى 1700 شخص من رجال الجيش والشرطة والمتظاهرين.
 
وفى هذا الوقت راحت قناة الجزيرة وبعض القنوات الأخرى تشعل نار الغضب، عندما ظهر بعض الجنود وهم يسحبون جثة أحد المتظاهرين، ويلقونها إلى جوار الطريق قرب تجمع للقمامة، مما لقى استنكارًا شعبيًا واسعًا فى الداخل والخارج.
 
وما هى إلا ساعات قليلة حتى انضم المئات من شباب «الألتراس» إلى المتظاهرين ليزيدوا من اشتعال النيران وتزايدت حدة الاشتباكات، مما دفع رجال الأمن إلى التراجع، لتجنب سقوط المزيد من الضحايا.
 
كانت الأوضاع فى البلاد تزداد تعقيدًا، وقد أصدر مجلس الوزراء بيانًا فى مساء ذات اليوم أكد فيه على حق المواطنين فى التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى، إلا أنه أعلن رفضه بشدة محاولات استغلال هذه التظاهرات لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفرقة فى وقت تحتاج فيه مصر إلى الوحدة والاستقرار.
 
وأكد مجلس الوزراء فى بيانه التزامه الكامل بإجراء الانتخابات فى موعدها فى 28 نوفمبر 2011، وقال: «إن التوتر المفتعل حاليًا يهدف لتأجيل الانتخابات أو إلغائها، وهو لن يتم السماح به».
 
وشدد البيان على دعم الحكومة لوزارة الداخلية ومساندتها فى مواجهة أعمال العنف ووجه الشكر للضباط والجنود على تحليهم بأقصى درجات ضبط النفس.
 
 

استقالة الحكومة:

 
وفى يوم الاثنين 21 نوفمبر ظلت العناصر المناوئة تزحف إلى شارع محمد محمود، فامتدت الاشتباكات إلى ميدان الفلكى وشارع الشيخ ريحان، ومع تزايد حالة الغضب فى الشارع المصرى نتيجة المعلومات المغلوطة التى كانت تبثها «قناة الجزيرة» وبعض الفضائيات المصرية، دعت بعض الأحزاب والقوى السياسية والإسلامية إلى مليونية فى اليوم التالى تحت عنوان: «مليونية التوافق الوطنى» للمطالبة بإقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى بصلاحيات رئيس الجمهورية، بينما ارتفع عدد الضحايا فى نهاية هذا اليوم إلى حوالى 24 شخصا، ووصل عدد المصابين إلى 1902 مصابًا من المحتجين، كما أصيب 105 من رجال الشرطة من بينهم 24 ضابطًا.
 
وفى هذا اليوم بدأت تتردد معلومات عن تقدم حكومة د. عصام شرف باستقالتها إلى المشير طنطاوى، إلا أن المشير طلب تأجيل الاستقالة إلى وقت لاحق، وبالرغم أن د. عصام شرف اضطر إلى إعلان الاستقالة فى وسائل الإعلام دون العودة إلى المشير، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لإنهاء حالة التوتر التى سادت فى البلاد، خاصة مع ارتفاع أعداد الضحايا والمصابين، واستمرار حملات التحريض الإخوانية لإجبار المجلس العسكرى على تسليم السلطة فورًا إلى مجلس مدنى مؤقت، وعودة الجيش إلى ثكناته.
 
 

اللقاء المفاجئ:

 
فى هذا الوقت اتصلت بالفريق سامى عنان «رئيس الأركان» وقلت له: «إلى متى سيظل المشير طنطاوى يلتزم الصمت، لماذا لا يتوجه بخطاب إلى الشعب يوضح فيه الحقائق ويكشف فيه تفاصيل المؤامرة؟، ولماذا لا يجرى تغييرًا وزاريًا ويأتى بحكومة قوية تنقذ البلاد مما آلت إليه الأوضاع من فوضى وأزمات متلاحقة؟!».
 
نقل الفريق عنان رسالتى إلى المشير طنطاوى الذى كان يشارك فى اجتماع للمجلس العسكرى المصغر فى هذا الوقت، وبعد قليل فوجئت بالفريق سامى عنان يتصل بى ويسألنى: أين أنت الآن؟!
 
فقلت له: أنا فى منزلى، فقال لى: إذن تعالى سريعًا إلى مقر وزارة الدفاع، لقد نقلت رسالتك إلى السيد المشير ونريدك الحضور فورًا.
 
ارتديت ملابسى، ومضيت إلى مبنى وزارة الدفاع بشارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة، وبينما أنا فى طريقى إلى الوزارة حدثنى اللواء مختار الملا، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقال: «أنا منتظرك فى مكتبى فور وصولك إلى مبنى وزارة الدفاع».
 
فى حوالى الواحدة والنصف ظهرًا وصلت إلى مكتب اللواء مختار الملا، تحدثنا سويًا فى تطورات الوضع الراهن، وبعد قليل فوجئت بحضور المشير حسين طنطاوى، ومعه اللواء سامح صادق «عضو المجلس الأعلى» إلى مكتب اللواء مختار الملا.
 
كان رئيس الأركان يلتقى فى هذا الوقت بعض ممثلى القوى السياسية لمناقشة ما يجرى على الساحة ورؤيتهم للحكومة الجديدة، حكومة الإنقاذ الوطنى التى يطالب بها المتظاهرون.
 
لقد أدركت الآن أن المشير هو الذى طلب من الفريق عنان أن يتصل بى، ولذلك قرر أن يلتقينى فى مكتب اللواء مختار الملا.
 
كان المشير متعبًا، ومنهكًا، لكنه كان متماسكًا وهادئ الأعصاب.. حاول اللواء مختار الملا أن يترك مكتبه، ويجلس إلى جوارنا، إلا أن المشير أشار إليه بالبقاء فى مكانه، بينما جلس المشير على كرسى فى مواجهتى وإلى جوارى اللواء سامح صادق.
 
• قال لى المشير: أريد أن أسمع رأيك وتقييمك لما يجرى.
 
 قلت له: يا سيادة المشير، الأوضاع تزداد تدهورًا، والناس تنتظر سماعك ومواقفك لإنهاء التوتر الحاصل فى البلاد.
 
وعرضت وجهة نظرى فى هذا الوقت فى عدد من النقاط المهمة:
1 - الإسراع فى تغيير الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى تضم قيادات قريبة إلى الشارع وتعبر عن أهداف الثورة.
2 - التأكيد مجددًا أن المجلس الأعلى ليس طامعًا فى سلطة، وأنه ملتزم بتسليم السلطة فى موعدها، كما سبق أن تعهد.
3 - لابد من اتخاذ إجراءات فاعلة تعيد الأمن إلى الشارع، فى مواجهة عمليات البلطجة التى تهدد استقرار البلاد وترتكب جرائم جنائية ضد الآمنين من المواطنين.
4 - لابد من التحاور مع شباب الثورة الوطنى والاستماع إلى مطالبهم، لأنهم يشعرون أن المجلس العسكرى لا يتواصل إلا مع الأحزاب والقوى السياسية.
5 - لابد من أن تقوم سيادتكم بإلقاء خطاب يتضمن بيانًا إلى الشعب مساء اليوم، تؤكد فيه هذه المطالب، حتى تخفّ حدة التوتر فى البلاد، خاصة أن الناس فى الشارع تحمَّل المجلس العسكرى المسؤولية الكاملة.
 
وقال لى المشير: المجلس العسكرى، وأنت تعرف ذلك، لم يألُ جهدًا منذ اليوم الأول لتسلمه السلطة، لقد سعينا منذ البداية أن نسلم السلطة فى الموعد المحدد، أى بعد ستة أشهر من تاريخ تسلمنا السلطة، ولكن الأحزاب وشباب الثورة طلبوا منا البقاء لفترة من الوقت، حتى يتمكنوا من إعداد أنفسهم، وتشكيل أحزابهم، حتى يستعدوا لدخول الانتخابات البرلمانية والمشاركة فيها.. ولكن ها أنت ترى، الإهانات والشتائم التى تُرفع فى ميدان التحرير، وكأننا أجرمنا فى حق هذا البلد.
 
• قلت: أعرف سيادة المشير، مدى إخلاصك، وأدرك أن هناك قوى لها مصلحة فى أن يتخلى المجلس العسكرى عن دوره فى هذه الفترة وأن يسلم السلطة.
 
• قاطعنى المشير قائلاً: نسلمها لمن؟! قل لى من هو الشخص الذى يتفق عليه الناس لتسلم السلطة؟ هذا سيقود إلى مزيد من الخلاف والمشكلات.. نحن تعهدنا بإجراء انتخابات برلمانية، وقد بدأنا بالفعل فى إعداد العدة، وأنا مصمم على إجرائها فى موعدها مهما كانت العقبات أو الاعتراضات، هذه مسؤوليتنا، أن نسلم البلد بقيادة منتخبة وبرلمان منتخب، ثم سألنى: هل يعجبك ما يحدث فى شارع محمد محمود؟!
 
> قلت له: بالقطع أحداث العنف التى تجرى تنال سخط الجميع، ولكن الشباب يقول إن هناك بطئًا فى اتخاذ القرارات، وهناك عدم توضيح الحقائق للناس.
 
• قال المشير: يؤسفنى أن أرى الدماء تسيل، والحرائق تشتعل، ونحن مقبلون على الانتخابات، هناك أيادٍخفية لا تريد الاستقرار لهذا البلد، لكننا مصممون على الوفاء برسالتنا كاملة.
وقال: لقد تحملنا أعباء عديدة منذ بداية الثورة، وكنا دومًا نحاول الاستجابة لمطالب الأحزاب والقوى الثورية، أبوابنا مفتوحة للجميع، ولكن يؤسفنى القول إن الإهانات التى تتلقاها القوات المسلحة من البعض، هدفها دفعنا إلى اليأس وترك السلطة، لتغرق البلاد فى فوضى عارمة، مع أننى أعرف أن الشعب مع الجيش، والتاريخ سيحكم على دور القوات المسلحة وتظهر الحقيقة يومًا ما.
• قلت للمشير: ولماذا لا تخرج سيادتك إلى الناس وتخطب وتصارحها بحقائق الوضع؟.. أنا أعددت مجموعة من المطالب التى يجب التركيز عليها.
• قال المشير: أين هى؟
سلمت إليه أربع ورقات، كنت قد أعددتها فى السيارة، وكنت أنوى تقديمها إلى الفريق سامى عنان، ليسلمها بدوره إلى المشير طنطاوى.
سألنى المشير: ما رأيك فى د. محمد البرادعى لتولى منصب رئيس الوزراء وأبلغنى باسم أحد المرشحين؟
• قلت له: أنا شخصيًا لا أشجع ذلك، فهذا الرجل له أجندته الخارجية، وهو شخص عليه شبهات كثيرة ولم يدخل مصر منذ أكثر من 30 عامًا.
• نظر المشير إلى اللواء الملا واللواء سامح صادق، وقال: «لقد قلت لكم الكلام أنا غير راضٍ، وأنا شخصيًا لست متحمسًا لهذا الترشيح، ولن أقبل به».
 
تحاورنا فى أسماء أخرى عديدة، لقد طلب منى المشير أن أطرح عليه بعض الأسماء لتولى المنصب، ومن بين الأسماء التى طرحتها د. حسام عيسى والسيد عمرو موسى، ولم يُطرح اسم د. الجنزورى فى هذا اللقاء، ولكن عندما علمت قبل الإعلان باختياره، كنت أدرك أن الرجل هو الأفضل لهذه المرحلة، ثم عرفت بعد ذلك أن الإخوان المسلمين كانوا يشجعون هذا الاختيار، لأسبابهم الخاصة!!
 
مضيت من مبنى وزارة الدفاع إلى مكتبى بعد لقائى مع المشير، وفى المساء، كان المشير يلقى خطابه الذى ركز فيه على عدد من النقاط، كان أسامة هيكل وزير الإعلام فى هذا الوقت قد شارك فى صياغتها وهى:
 
- أن القوات المسلحة لن تكون بديلاًعن الشرعية التى ارتضاها الشعب، فلم تطمح إلى اعتلاء كرسى الحكم، ولم تسعَ إليه.
- أن القوات المسلحة تعرضت للتجريح والإهانة فى حالات كثيرة، وأنه جرى تجاوز ذلك على خلاف طبيعة العمل العسكرى.
- أن القوات المسلحة وإدراكًا منها لطبيعة المرحلة الانتقالية كانت ومازالت على قرارها الأول منذ اندلاع ثورة 25 يناير، فلم تطلق رصاصة على صدر مواطن مصرى، انطلاقًا من عقيدتها الراسخة بوصفها جزءًا من شعب مصر، مهمتها الدفاع عن الوطن، ولا يمكنها الوقوف أبدًا ضد الشعب.
- أن القوات المسلحة رفضت جرَّها لمواجهات، والتزمت دومًا بضبط النفس رغم جميع محاولات الاستفزاز.
- أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم ينفرد باتخاذ قرار سياسى بعينه، بل كان يجرى إشراك القوى السياسية والوطنية وائتلاف شباب الثورة فيه، وكان المجلس يسعى إلى اتخاذ القرار الأقرب إلى التوافق.
- أن المجلس الأعلى بدأ منذ اليوم الأول التخطيط لإنجاز عملية سياسية تنتهى بتسليم مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية حرة منتخبة، ولكن كلما نقترب من موعد إجراء الانتخابات يزداد التوتر والخلاف بشكل غير مبرَّر على الإطلاق.
- أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يهمه سوى مصلحة الوطن ولا يهمه من سيفوز فى الانتخابات أو من يتولى الرئاسة، فالأمر كله مرهون بإرادة الشعب، ولا رجعة فى هذا التوجه الديمقراطى الذى ارتضاه شعب مصر وناضل من أجله فى ثورة 25 يناير.
- أن المجلس الأعلى يقف على مسافة واحدة من الجميع، وأنه لن ينحاز لطرف على حساب أطراف أخرى، فالقوات المسلحة تحمى الشعب دون تصنيف أو انتقاء.
- أن القوات المسلحة ترفض رفضًا تامًا ما يشهده الشارع المصرى ووسائل الإعلام من محاولات التشويه والتخوين، فالجيش يتحمل مسؤولية وطنية فى ظروف تاريخية استثنائية، ولا يطمح إلى تولى الحكم، ولا يبغى إلا وجه الله والوطن.
 
وفى نهاية الخطاب أكد المشير طنطاوى: قبول استقالة حكومة د. عصام شرف وتكليفها بالاستمرار فى العمل لحين تشكيل حكومة جديدة، الالتزام بإجراء الانتخابات، تسليم السلطة فى موعدها.
 
وقد أكد المشير أن القوات المسلحة على استعداد لترك المسؤولية والعودة فورًا إلى مهمتها الأصلية فى حماية الوطن إذا أراد الشعب من خلال استفتاء شعبى إذا اقتضت الضرورة.
 
فى اليوم التالى تحدثت مع الفريق سامى عنان، وتحاورنا حول خطاب المشير وردود الفعل تجاهه.
 
كان الاتجاه السائد لدى العديد من أعضاء المجلس العسكرى فى هذا الوقت طرح مسألة بقاء الجيش فى السلطة لحين استكمال المرحلة الانتقالية للاستفتاء الشعبى، استنادًا إلى ما تضمنه خطاب المشير طنطاوى.
 
حين عُرض الأمر على اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان هناك اتجاهان:
الأول: يرى أن طرح الأمر على الاستفتاء ضرورة تفرضها مقتضيات الحالة الراهنة التى تعيشها البلاد، خاصة فى مواجهة التصعيد الدائم والمستمر من بعض القوى السياسية والتيارات الشبابية التى تطالب المجلس العسكرى بتسليم السلطة فورًا، ورأى أصحاب هذا الطرح أن هذا الاستفتاء سوف يعكس رأى الشعب المصرى ومدى ثقته فى قواته المسلحة، وهو بالتأكيد سيكون لصالح استمرار المجلس الأعلى فى إدارة المرحلة الانتقالية لحين إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى وتسليم السلطة إلى رئيس منتخب.
 
أما الاتجاه الثانى فكان يرى أنه بالرغم من أن الاستفتاء مهم لأنه سيعكس رأى الشعب فى أداء المجلس العسكرى ومدى ثقته فى قواته المسلحة، ورغم التأكد من أن نتيجة الاستفتاء ستكون لصالح خيارات المجلس العسكرى، فإنه لا يصح أن تكون ثقة الشعب فى قواته المسلحة موضعًا للاستفتاء، وأنه من الأفضل الاستمرار فى أداء المهمة لحين انتهاء الفترة الانتقالية، ولا يجب الخضوع لابتزاز أى فئة لها حساباتها السياسية أو مطامعها فى السلطة، بعيدًا عن الطريق الطبيعى الذى حدده الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011.
 
وبعد مناقشات مطولة حُسم الأمر لمصلحة الاتجاه الثانى الذى طالب بالمضى فى إتمام إدارة الفترة الانتقالية مهما كانت العقبات أو الإهانات التى توجَّه من قِبل بعض الفئات ضد الجيش ومجلسه العسكرى.
 
 

 

p.5









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة