فتحى الشوادفى

خبراء فى الفشل

الأحد، 31 أغسطس 2008 12:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل مرة نخيب فيها خيبة ثقيلة نشكل لجنة لتقصى الحقائق، ومعرفة أسباب الفشل مرددين مقولة أكثر فشلاً، وهى أننا لا بد أن نتعلم من الفشل، ومن كثرة لجان تقصى الحقائق، وكثرة دراسات الأسباب أصبحنا خبراء فى الفشل، وأعتقد أننا نتعمد الفشل، والسقوط الذريع حتى يتسنى لنا تشكيل لجان تقصى الحقائق، ودراسة أسباب الخيبة، ومع كل هذا التراكم من خبرات دراسة الخيبة، والسقوط يستمر السقوط، وتتوالى الفضائح، فلماذا لا نجرب مرة فى حياتنا أن ندرس أسباب نجاح الآخرين، ونتعلم من النجاح وربما تتحقق نبوءة "من جوار السعيد يسعد".

أسباب خيبة البعثة المصرية فى أولمبياد بكين واضحة للعيان، وحتى لغير المتخصصين، وعلى من يريد أن يعرفها مراجعة مشهد صعود بطل مصر فى الملاكمة رمضان عبد الغفار إلى حلبة الملاكمة وهو مترهل الجسم، ويحمل ما لا يقل عن عشرة كيلو جرامات من الدهون، وبدأ وكأنه بطل ملاكمة بكرش، وبالمناسبة فإن كل من يتعامل مع رمضان يشيد بأخلاقه وإمكاناته الفنية، ولكن من نصحه أو أجبره على زيادة الدهون فى جسده، ليكون مناسبا للوزن الذى اختاروه له ليلعب فيه! هو المسئول الفهلوى الذى أهدر قيمة بطل فى وزن رمضان.

أسباب خيبة البعثة المصرية واضحة فى تكرار خطأ الفروسية ثلاث مرات مع أبطال الخماسى الحديث الذين عقدت عليهم الآمال للحصول على ميدالية أولمبية، وصحيح أن الخيول الصينية التى شاركت فى الخماسى يتطلب التدريب عليه وجود عربجى وليس مدرب فروسية، ولكن أن يتكرر الخطأ ثلاث مرات يؤكد أننا لم نمتلك عقلاً يدير مشاركة الثلاثى آية، وأمنية، وعمرو فى الخماسى، وهو العقل الذى كان يفترض فيه تفادى الخطأ وتوجيه آية، وأمنية بعد مقلب حصان عمرو. أسباب خيبة البعثة المصرية معروفة، وواضحة، ولا تحتاج لجان تقصى حقائق وهى لجان لا تختلف عما جرى فى أولمبياد 96 أو 2000، وإذا كان ولابد فراجعوا أرشيف الصحافة وتقارير اللجان السابقة لتعرفوا أسباب الفشل المتكرر فى الدورات الأولمبية السابقة باستثناء دورة أثينا قبل الأخيرة، والتى حصلنا فيها على خمس ميداليات متنوعة لم نستطع الحفاظ على واحدة منها.

وحتى لا نتهم بالسوداوية والظلامية، لابد أن نعترف أن البعثة المصرية ضمت عدة عناصر مبشرة اقترح من الآن الحفاظ عليها، وتشكيل لجنة تدير تدريباتها، والمسابقات التى يجب أن تشارك فيها، والاستماع إلى مطالبها الفنية، وسبل رفع مستوياتها، ومن بين هذه العناصر حسام بكر فى الملاكمة، وهشام مصباح صاحب برونزية مصر الوحيدة، وثنائى الخماسى الحديث آية مدنى وعمرو الجزيرى، وفى تنس الطاولة السيد لاشين وأحمد صالح ونهى يسرى، بالرغم من سوء أداءها فى الدورة الأخيرة، إلا أن صغر سنها ونتائجها السابقة مبشرة بالخير، بشرط تصحيح مسارها، وأيضاً من هذه العناصر لاعبو رفع الأثقال محمد عبد التواب، وعبير عبد الرحمن، ومعهما عمرو مسعود فى ألعاب القوى، علاوة على فريق كرة اليد. وأعتقد أن المحافظة على الأسماء السابقة وما تضيفه الأيام المقبلة، توفر لنا قائمة مرشحة للمنافسة على الميداليات بشكل أكثر جدية فى الدورة المقبلة بإذن الله، بشرط أن نركز عليها، وأن نضع جدولاً من الآن يدار بشكل مركزى من قبل اللجنة الأولمبية، وبمعرفة الاتحادات، ومتابعة نتائجهم كل فترة زمنية للوقوف على مدى جدية التأهيل، وتنفيذ البرامج المقترحة، وهو ما يقربنا من صناعة أبطال قادرين على المنافسة، ويبقى الأمل معقوداً على التزام اللاعبين وعلى خيول لندن ربنا يهديها.

ويهمنى هنا الإشارة إلى أن الدورات الأولمبية، لم تعد مجرد منافسات رياضية يتبارى فيها أبطال العالم لنيل الميداليات، أو تحطيم الأرقام، ولكنها ومنذ زمن بعيد تحولت إلى كرنفال لإشهار ميلاد القوى الدولية تماما، كما حدث فى دورة طوكيو التى كانت إشهاراً لميلاد القوة اليابانية الاقتصادية، وكما كانت بكين مناسبة لإشهار ميلاد التنين الصينى كطرف أساسى فى الصراع الدولى سياسياً، واقتصادياً، وعلمياً، ولعلكم لاحظتم أن الصين فازت بالأولمبياد، وهى حريصة على أن تكون بعثتها صينية بالكامل من لاعبين ومدربين، ولم تستعن بالتجنيس لضمان ميداليات فى ألعاب القوى مثلما فعلت عشرات الدول المشاركة، حتى إن المتابعين لمنافسات تنس الطاولة شعروا وكأنها دورة صينية صينية من كثرة الصينيين المشاركين باسم دول أخرى. باختصار فإن الصينيين دخلوا الأولمبياد ولديهم وطن احترموه، وجعلوه عنوانا للدورة، ففازوا بها على كل المستويات، ونحن دخلنا الدورة ونحن نسأل "يعنى أيه كلمة وطن"، فأهنا الوطن وعدنا لنشكل لجنة تقصى حقائق مع أنها حقائق واضحة وضوح الشمس.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة