سالم الكتبى

الخطوة الإسرائيلية المقبلة فى الجولان المحتلة

الثلاثاء، 29 مايو 2018 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طوت إسرائيل بسرعة لافتة صفحة الانجاز الذي حققته من خلال اعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها بعد شهور قلائل من ذلك الاعتراف المشؤوم ، فلم تنتظر إسرائيل كثيراً حتى تهدأ الأمور تماماً خصوصاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل تعمل بسرعة على تنفيذ خطوة تالية تستهدف انتزاع اعتراف أمريكي بالاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة. هذا الحديث لم يكن تسريباً إعلامياً ولا تكهنات لمحللين، بل تصريح رسمي ورد على لسان وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال لـوكالة "رويترز" أن هذا الموضوع "على رأس" جدول المباحثات الدبلوماسية الثنائية مع واشنطن! 
 
اعتبر كاتس أن "هذا هو الوقت المثالي للقيام بمثل هذه الخطوة. وأكثر الردود وجعاً على الإيرانيين هو الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان ببيان أمريكي وإعلان من قبل الرئيس مثبت بالقانون"،  وأعرب عن قناعته بأن هذه الخطوة ستمثل رسالة إلى طهران، وأضاف أن "هناك احتمالا كبيرا" لحدوث ذلك. ورأى أن هذا القرار قد يتخذ في غضون عدة أشهر .
 
الإدارة الأمريكية لم يصدر عنها أي تعليق على تصريحات الوزير الاسرائيلي، التي تنطوي على نقاط عدة يجب الانتباه لها أهمها أن إسرائيل تحاول توظيف الوجود الايراني التوسعي في سوريا من أجل تحقيق أغراضها وانتزاع اعتراف أمريكي بسيادتها على الجولان المحتلة، وهذا أمر له دلالة مهمة، ويعني أن إسرائيل ليست معنية بخروج إيران من سوريا كما يتردد، بل تسعى فقط إلى تسليط الضوء على خطر ميلشيات إيران ومن ثم الحصول على تعهدات أمريكية وروسيا بلجم أي خطر قد ينجم عن الوجود الإيرانى فى سوريا. وأعتقد أن خروج إيران من سوريا قبل تحقيق أهداف إسرائيل من هذا الوجود سيكون صادم لتل أبيب، التي تحاول إطالة أمد هذا الوجود بموازاة الحد من خطره، حتى تتحين لها فرص الاستفادة الاستراتيجية منه إلى أقصى مدى!
 
الكارثة أن نظام الملالي، بخطته التوسعية العشوائية، لم يفلح سوى في توفير فرصة تاريخية لإسرائيل في استصدار قرارات أمريكية سواء بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو في قرار محتمل بإعلان سيادة إسرائيل على الجولان المحتلة بدعوى تمكين إسرائي
ل من الدفاع عن هذه الأرض السورية العربية في مواجهة تهديد ميلشيات إيران في سوريا!
الواقع يقول أن الولايات المتحدة اتخذت في الفترة الأخيرة قرارين مهمين جداً، وهما نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل،  والانسحاب من الاتفاق حول برنامج إيران النووي، مايغري إسرائيل بالسعي لاستكمال مكاسبها الاستراتيجية عبر تحديد مصير هضبة الجولان المحتلة.
 
لا يمكن التكهن بالقرار الأمريكي في هذا الشأن، لاسيما أنه يبدو خارج سياق روزنامة التعهدات التي وعد بها الرئيس ترامب قبيل انتخابه كما هو حال الاتفاق النووي ونقل السفارة، وبالتالي يبدو خارج سياق تفكير الرئيس ترامب الذى يركز على الوفاء بكل ما تعهد به في حملته الانتخابية الرئاسية.
 
من الوارد أيضاً أن تنجح الضغوط الاسرائيلية في "إنتاج" صيغة ما لإحكام القبضة على هضبة الجولان المحتلة، وليس بالضرورة أن تكون هذه الصيغة اعتراف أمريكي مباشر بضمها لإسرائيل، ولكن قد تسفر الضغوط عن بلورة صيغة ما في هذا الاتجاه، حيث يتوقع أن تجتهد مختبرات الفكر الاستراتيجي الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة وداخل إسرائيل نفسها في البحث عن بدائل وصيغ مختلفة تضمن سيطرة إسرائيل نهائياً على هضبة الجولان.
 
من بين هذه الصيغ المحتملة أن سوريا باتت تحت رحمة تقسيم محتمل بين القوى الدولية، فهناك روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، اللتان شاركتا في الضربة العسكرية الأخيرة ضد نظام الأسد رداً على الهجوم الكيماوي، وهناك أطماع تركيا وتغلغل النفوذ الايراني، ومن ثم فمن البديهي أن تفكر اسرائيل في اقتناص هذه اللحطة لتحقيق حلم السيطرة على هضبة الجولان نهائياً، الأمر الذي يتطلب تحركاً عربياً استباقياً مبكراً ليس لإطلاق التصريحات الرافضة والمنددة وغير ذلك، ولكن عبر الضغط باتجاه انقاذ روسيا بأكملها من براثن التقسيم وتحقيق الأمن والاستقرار وعودة اللاجئين والنازحين، بما يغلق الباب نهائياً أمام خطط قضم أراضي هذا البلد العربي سواء لمصلحة إسرائيل أو لغيرها.
 
باعتقادي أن الأصوب لمصلحة سوريا حالياً هو انسحاب الميلشيات الايرانية بشكل شامل وكامل، لأن الوجود الايراني في سوريا بات بوابة الشرور ليس على مستقبل المنطقة والأمن والاستقرار فيها فحسب، بل على وحدة أراضي هذا البلد العربي الشقيق .
• كاتب اماراتى .
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة