محمود حمدون يكتب: "عائلة صغيرة"

الخميس، 08 مارس 2018 06:00 م
محمود حمدون يكتب: "عائلة صغيرة" رجل يقود سيارته – أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تأنق كعادته قبيل خروجه صباح كل يوم لعمله، طقوس يمارسها بانتظام، لا يحيد عنها ولو قامت الساعة والناس فى فزع وكرب.

فتح باب سيارته، ولم ينس أن يشملها بنظرة فاحصة ويربت على جسدها المعدنى بحنان أبوّى، فهو يراها جزءًا من عائلته الصغيرة ولها حقوق ينبغى أن يراعيها، أزال بسبابته اليمنى زغب لطائر ضلّ طريقه ليلا فاتخذ سطحها مهدا حتى أشرقت الشمس.

 استوى خلف المقود وأدار المحرك، عبث بيده فى مذياع السيارة حتى استقرت على موجة تصدح بموسيقى رومانسية حالمة، قبل أن ينطلق فى طريقه أطفأ سيجارته فلم يعتد أن ينهيها لآخرها، ثم ضغط بقدمه اليمنى دواسة "البنزين" رويدا لتنطلق السيارة ببطء، تتقصّع كأنما تترنح بتأثير الموسيقى الحالمة.

قارب مشواره على نهايته، حينما رفرف طائر الشك حوله، اضطرب ثباته، قلق سيطر عليه، ، تحوّل ليقين مقيم، أين هى ؟ بحث حوله، توقف يمين الطريق وهبط ليعبث بجيوب "بدلته" ثم التقط حقيبته الجلدية اللامعة، سكب محتوياتها على أرض الشارع، راح يبحث فى أوراقه وكتبه، مرّ به أحدهم وبنظرة إشفاق انسابت من عينيه عرض المساعدة فى البحث معه عن الفقيد.. ردّ عليه بغمغمة أدرك منها المار أنها تعنى رفضا قاطعا فأسف ومط شفتيه ومضى.

فلما يأس من العثور على مبتغاه، كظم غيظه ولعن بسرّه سوء حظه، استأنف طريقه، شاردا هائما..

وصل لمقرّ عمله، نادى الجميع، طالبا المساعدة: أيها الزملاء والزميلات، فقدت مفاتيح سيارتى ولم أجدها وبحثت عنها كثيرا دون جدوى. فهل من كريم يقلّنى لمنزلى كى أبحث عنها ونعود سويا ؟!

 

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة