عزة عثمان تكتب: وحشتينى يا أمى

الأربعاء، 21 مارس 2018 02:00 م
عزة عثمان تكتب: وحشتينى يا أمى تعبيرية عن الأمومة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنت بالصغر لا أفهم سر حبى لفصل الربيع، أسعد كثيرا عندما تقوم مدرسة الفصل باختيار أربعة من التلاميذ ليقوموا بتمثيل مسرحية "الفصول الأربعة" لتيسر علينا طريقة حفظها. وعندما يقع اختيارها لى، أفضل أن أكون أنا فصل الربيع كنت دائما أردد أن فصل الربيع فصل يأتى إلينا بالمرح والأعياد ففيه عيد الأم وأيضا يوم ميلاد أمى، وبالمرحلة الثانوية وجدت بكتاب النصوص قصيدة عن الربيع "للبحترى" ومطلعها يقول: أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا.. من الحسن حتى كادا أن يتكلما. يا لها من رائعة غنية بالمحسنات والتشبيهات البليغة، كلما قرأتها أشعر وكأن الكون أصبح ربيعًا وتظهر أمامى صورة أمى .

ومرت السنوات وازداد حبى لفصل الربيع بل وعشقى له، وأدركت حينها لماذا؟ فبقدوم فصل الربيع أشعر أن الدنيا تدب فيها الروح وترجع لها أسباب الحياة من جديد بعد أن جردها الخريف من تلك الحياة وجعلها جافة، خالية من الألوان المبهجة.. كل شىء من حولى فى الربيع ينبض بالحياة مثلك يا أمى، فالربيع معتدل كطباعك "مرح مثل روحك، صافى كابتسامتك، نسمة الهواء فيه شافية للنفس ككلماتك يا أمى.

وتمر الأيام ويأتى الربيع ويأتى معه الاحتفال بعيدك يا أمى وبعده بعدة أيام نحتفل بيوم ميلادك وأثناء احتفالنا بعيدك قلتى لى أريد أن أوصيكى وصية، قلت لك وما هى تلك الوصية "قلتى أريدك أن تقفى على غسلى حينما أموت "صرخت وقلت لك لماذا تقولين تلك الكلمات أطال الله بعمرك وبعدها بعدة أيام رحلتى عن دنيانا وقبل أن نحتفل بيوم ميلادك بعدة أيام. تذكرت الوصية وقررت أن أنفذها رغم أننى لا أقوى عليها قالوا لى تقدرين قلت نعم أقدر، قالوا لا تبكى واقرأى آيات من القرآن، ودخلت وتماسكت وأثناء قراءتى للقرآن رفعت وجهى ونظرت إليكى وجدتك تفتحين عينك باتجاهى وتنظرين إلى صرخت وقلت أن عينك فتحت وتنظرين إلى أغلقوها وقالوا لى انها تودعك واستأنفت قراءتى للقرآن، وإذ بى أجدك تفتحينها للمرة الثانية وتنظرين لى كدت أجن ثلاثة مرات يا أمى يغلقونها وتفتحينها إلى أن البسوكى ثوبك الأبيض وحجبوا نظرتك عنى، وأدركت مقصدك من تلك الوصية كنتى تريدين أكون آخر أحد تنظرين إليه كنتى تريدين أكون آخر أحد تودعينه بالنظرة الأخيرة نظرة الوداع التى لن أنساها طيلة عمرى وبرحيلك يا أمى أصبح الربيع خريفًا لأن حياتنا تجردت من جمال وجودك بها.

وتمر السنون وتتوالى الفصول ويأتى الربيع وأنت تغيبين، وأكبر يا أمى وأدرك أنه لا ذنب للفصول تلك أيام قدرت علينا ونحياها وفقًا لما بداخلنا فكنت أشبهك بالربيع لأن ما بداخلك كان جميلا.. فسيظل الربيع جميلا لأن ذكرى ميلادك تعطره وحشتينى يا أمى.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة