محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية السابق: سقوط مرسى أرعب إخوان ليبيا ودفعهم للضغط على التيار المدنى وتخويفه.. إثارة ملف تسليم أتباع القذافى طرح إخوانى.. وهدفه إحراج العلاقات المصرية الليبية

الثلاثاء، 13 مارس 2018 11:00 ص
محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية السابق: سقوط مرسى أرعب إخوان ليبيا ودفعهم للضغط على التيار المدنى وتخويفه.. إثارة ملف تسليم أتباع القذافى طرح إخوانى.. وهدفه إحراج العلاقات المصرية الليبية    جانب من الحوار
حوار آمال رسلان - تصوير حسن محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

*  مصر لم تقدم حفتر للمجتمع الدولى.. وهو من قدم نفسه بمحاربته الحقيقية للمتطرفين

* قطر وتركيا روجتا لضرورة تمكين الإسلام السياسى.. والدوحة دفعت مرتبات الميليشيات

أدار السفير الدكتور محمد  بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون دول الجوار الملف الليبى فى أخطر مراحلة، والتى شهدت جهودا مصرية مضنية لتقويم الوضع المأساوى لأهم دول جوارها، والحيلولة دون تقسيمها بعد أن تركها الغرب فى أعقاب الإطاحة بحكم معمر القذافى فريسة سائغة ينهشها الإرهاب والتطرف.

 
السفير زايد، الذى كان مطلعا على مجريات الأمور خلال العامين 2013 و2014 روى لليوم السابع فى حوار خاص كواليس وأسرار علاقة الجماعة الإرهابية فى مصر بفرع التنظيم فى ليبيا، وكيف قاد الإخوان فى ليبيا البلاد إلى حافة الهاوية، مؤكدا أن الإطاحة بالجماعة الإرهابية فى مصر كان له انعكاس واضح على دولة الجوار.. 
 

وإلى نص الحوار:

 

بداية، كيف تقيم جهود العواصم الغربية والعربية لتسوية الملف الليبى؟

فى الحقيقة، لا توجد أى جهود لتسوية الأزمة فى ليبيا، والمحاولات السابقة لم تنجح، وإنما التحدى الحقيقى اليوم، هو إجراء انتخابات فى ليبيا، ولكن بشرط أن يقبل المجتمع الدولى فى هذه المرة نتيجة الانتخابات، وألا يتكرر ما حدث فى السنوات السابقة بالانقلاب على النتائج، إذا أتت النتيجة ضد الإسلام السياسى، ولا يحصل البرلمان الليبى المنتخب على الدعم الدولى الكافى وكل هذا يجب أن يتوقف.


ولكن ماذا عن محاولات التوافق بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج؟

كل هذه الجهود حتى اللحظة فشلت، وبالتالى يجب التوقف عنها والرضوخ إلى السبيل الوحيد لإغلاق الملف، وهو عقد انتخابات برلمانية جديدة عليها إشراف حقيقى، والأهم أن يقبل المجتمع الدولى بالنتيجة.


معنى ذلك أن المجتمع الدولى حاول دعم الإخوان فى ليبيا؟

نعم، هناك تيارات فى الغرب تروج حتى الآن إلى فكرة مشاركة التيارات الإسلامية فى الحكم، ناسين أن فى ليبيا تحديدا عندما تحدث أى مواجهة تصطف كل التيارات الإسلامية معا فى نفس القارب من إخوان مسلمين إلى داعش إلى الجبهة الليبية المقاتلة، فهم أحيانا يتقاتلون فيما بينهم، ولكن فى نفس الوقت هم متحالفون معا ضد التيار المدنى.
 

من تحديدا لا يزال يدعم مشاركة الإسلاميين فى ليبيا من الغرب؟

هناك أطراف غربية عديدة، أما قطر وتركيا فهما المروجان الرئيسيان لهذا المشروع.
 

معنى ذلك أن الدعم الغربى يأتى نتيجة الترويج القطرى والتركى؟

لا، ليس هذا فقط، الفكرة متواجدة لدى الغرب منذ بدء الثورات فى 2011 ومازال هناك انقسام غربى كبير بين مؤسسات المخابرات والخارجية حول إشراك ما يتصورون أنه إسلام سياسى معتدل فى الحكم والحقيقة، هذه أكذوبة كبيرة.


وهل اتفاقية الصخيرات كانت قائمة على نفس الفكرة؟

نعم.


ولماذا اختفت تلك الاتفاقية ولم يعد أحد يتحدث عنها؟ هل سقطت؟

اختفت لأنها قائمة على افتراض خاطئ، وهو المساواة بين من تم انتخابه من قبل الشعب وبين الميليشيات، للأسف الأمم المتحدة جاءت بشخصيات ليبية مدعومة من الميليشيات ووضعوها كطرف، وكانوا يريدونها جزءا من المجلس السياسى الحالى، فانتهى الأمر بأن جزءا قليلا من التيار المدنى قبل هذه الصيغة والأغلبية لم تقبله.


كانت هناك شكوك كبيرة تحوم حول المبعوث الأممى لليبيا السابق برناردينو ليون؟

بالطبع، هو من أحد الداعين إلى فكرة إشراك الإسلام السياسى فى الحكم، والأساس الذى قام به فى عمله كمبعوث للأمم المتحدة، الذى قامت عليه اتفاقية الصخيرات، حيث روج لفكرة أنهم قد يكونون فشلوا فى الانتخابات لكنهم قوة عسكرية على الأرض، وبالتالى يجب إشراكهم فى الحكم.
 

هل كان مدفوعا بالأساس لإنقاذ الإسلام السياسى؟

هذا هو فكره، والذى كان يجب الحذر منه، إلا أنه للأسف غادر الملف الليبى بعد أن عاث به فسادا وسبب الكثير من الأخطاء فيه، والاتفاقية التى توسط للقيام بها «اتفاقية الصخيرات» هى اتفاقية مربكة للشأن الليبى.
 

وإذا كان هذا دور المبعوث الأممى فماذا عن قطر؟

قطر كانت تدعم بالتمويل، ودفع مرتبات، ومساعدة العناصر، وتوفير بؤرة إعلامية لها، ومصر رصدت هذا التحرك من بدايات الأحداث فى ليبيا، والآن أصبح هذا الدور واضحا للشعب الليبى حتى أن مجرد ذكر الدوحة يثير ردود فعل سيئة لدى الشعب الليبى.
 

وهل الدول الغربية بأجهزة استخباراتها لا تعلم الدور القطرى؟

ويمكن يكون الأفضل نقول، هل هو مرصود فقط أم متفق عليه؟ ألا يمكن بتحليل الأوضاع أن يكون هذا محتملا.
 

معنى ذلك أن الدور القطرى بدعم الإسلاميين أصبح مكشوفا للشعب الليبى؟

الشعب الليبى يعلم الحقائق، ويرفض الحكم الإسلامى منذ بداية الثورة، ولذلك الإخوان فى ليبيا لن يذهبوا للانتخابات لأنهم يعلمون نتيجتها مسبقًا، وهم يتذكرون جيدا انتخابات 2012 التى أسفرت عن فوز التيار المدنى وخسارة الإسلاميين، وهنا بدأت الميليشيات تطارد أعضاء المجلس المنتخب وتمارس عمليات اغتيال وإرهاب حتى خرج كثير من أعضائه من طرابلس، وزادت محاولات هذا التيار فى السيطرة والاستئثار بعد ثورة 30 يونيو فى مصر.
 

أى أن الأوضاع فى ليبيا قبل 30 يونيو تختلف عما بعدها؟

بالضبط، بعد 30 يونيو بدأ التيار الإسلامى فى ليبيا يخشى فقد مكانته وهو يعلم أن الشعب الليبى لم يختره ولا يتمتع بالأغلبية.


لماذا مثل سقوط الإخوان فى مصر صدمة لهم؟

كانت نقطة فاصلة فى تحرك الإخوان فى ليبيا، لأنهم أدركوا أن الدور عليهم، خاصة أنهم لم ينجحوا أبدا فى الانتخابات، وعقب ذلك خسارة التيار الإسلامى فى تونس، وهنا شعر إخوان ليبيا أنهم سيفقدون مكانتهم رغم الدعم الخارجى، وفى هذه المرحلة تم تعيين على زيدان رئيس وزراء وهو رجل وطنى وحاول أن يسير فى مركب بالغة الصعوبة، لكن للأسف الشديد استمرت الضغوط عليه طوال الوقت لإقالته.
 

ولكن على زيدان كانت علاقته جيدة بمصر فى الفترة الانتقالية بعد 30 يونيو؟

نعم، وزار مصر أكثر من مرة، وكان كلما زار مصر أو اتصل بالقيادة المصرية يعاقب بمزيد من طلبات سحب الثقة منهم.
 

هل كانوا يستمدون دعما من إخوان مصر؟

بالطبع، مؤكد أنهم كانوا يستمدون دعما من كل تيارات الإسلام السياسى فى المنطقة ومنها مصر، فخلال حكم الإخوان الحدود كانت مفتوحة بين كل التيارات المتشددة، ولدينا معلومات مؤكدة أن فترة الإخوان سمحت بحرية انتقال للعناصر والسلاح بين كل المنطقة العربية.
 

بماذا ردت مصر فى الاجتماعات المغلقة على مطالب تسليم أتباع القذافى؟

مصر كان ردها واضحًا، أولا، لمن تسلمهم، فهناك أطراف عديدة فى ليبيا، ثانيا، كان هناك مشكلة من الناحية القانونية، وهى الإشكال الأكبر، وثالثا، أن مصر لا تسمح لأحد بممارسة نشاط سياسى على أراضيها، وكنا على إدراك بالأطراف التى تنادى بذلك فى ليبيا ونعلم أنها تريد إحراج العلاقات المصرية الليبية على غير أساس، فهذه المطالب ظلت افتراضات إخوانية.
 

فى هذه المرحلة كان هناك غضب غربى من مصر بعد 30 يونيو فهل زاد دعمهم للإسلاميين فى ليبيا؟

فى هذه الفترة، هناك مشهد لن أنساه، كشف لمصر قدر الدعم الغربى الملحوظ لهذا التيار، ففى بدايات 2014 كان هناك مؤتمر مقرر عقده فى روما لإعادة بناء الدولة والمؤسسات الليبية وتأهيل الجيش والشرطة لضبط الأمن، وكان الطبيعى أن يرأس الوفد الليبى على زيدان باعتباره رئيس الوزراء.
 
 
وكانت مصر مشاركة على مستوى وزير الخارجية نبيل فهمى، وبحضورى فى ذلك الوقت، ووزراء خارجية الدول المعنية بالأزمة الليبية كانت تشمل عددا من الدول العربية المجاورة وغير المجاورة ومن بينها قطر، وإذا بالجانب الإيطالى وهذا يثير الكثير من علامات الاستفهام يدعو أيضا رئيس البرلمان الليبى المحسوب على الإخوان، فكيف يكون هناك وفد ليبى برئاستين فكان مشهدا يعكس صورة سيئة.


وماذا عن موقف مصر فى هذه اللحظة؟

فى الحقيقة، نصحت مصر الجانب الإيطالى خلال المشاورات فى الفترة السابقة للمؤتمر بعدم الإقدام على هذه الخطوة.


فى مرحلة التحضير؟

نعم، فى مرحلة التحضير الجانب الإيطالى جاء إلى مصر للتشاور مع القاهرة قبل الاجتماع بأسبوعين فقط أو أقل، ونصحناه بعدم الإقدام على هذه الخطوة لأنها ستعقد الوضع بشدة فى ليبيا.
 

وماذا كان رد إيطاليا؟

استمع للرؤية المصرية، ولكن للأسف الشديد الجانب الإيطالى سواء كان يريد هذا أو مدفوعا بضغوط أخرى غربية فى نفس الاتجاه، نفذ الأمر، ودعا رئيس البرلمان، فكان المشهد بالغ السوء فى المؤتمر، رئاستان كل منهما يتحدث فى اتجاه مختلف، ثم انسحب على زيدان من هذا المؤتمر.
 
وشعرنا أن هناك دولا لها توجه يعقد الوضع الليبى، الذى بالفعل تفاقم بعد هذا المؤتمر، وتطورت الأوضاع سريعا بعد هذا المؤتمر، وتمت إقالة زيدان بمخالفة دستورية فاضحة، وتم عقد انتخابات 2014 وجاء التيار المدنى من جديد فتفاقم الدور الإرهابى، الذى تمارسه الميليشيات على أعضاء البرلمان، مما دفعهم لنقل أعمال المجلس إلى طبرق، وفى نفس العام قام خليفة حفتر بلم شتات الجيش الليبى ومواجهة الإرهابيين.
 

هذا الموقف يعكس تعارضا فى الرؤية المصرية والإيطالية لتسوية الأزمة الليبية؟

النظرية التى استسلمت لها إيطاليا هى أنه إذا استقر التيار الإسلامى المتشدد فى ليبيا سيشكل خطرا أمنيا على إيطاليا بحكم أنها أقرب الدول لها، وأنه لو سمحنا للتيارات الإسلامية المعتدلة أن تنتصر فهذا سيخفف من ضغوط التيارات المتشددة، وهذا لا يمكن تصنيفه خلافا بين مصر وإيطاليا وإنما اختلاف فى التقدير، ونحن شرحنا لهم أن كل هذه التيارات المتأسلمة متحالفة، وذلك من واقع خبرتنا وفهمنا للأحداث فى ليبيا.
 

بالرجوع إلى تحركات حفتر.. لماذا كان هناك رفض دولى لشخصه؟

بعض الدول كانوا يتحدثون عن أن لديهم علامات استفهام كثيرة حول شخصية حفتر وأنه متطلع إلى السلطة.
 

أم أن تقديم مصر لحفتر كان سبب الرفض؟

مصر لم تقدم حفتر.. وإنما حفتر قدم نفسه بالمناسبة، وهو الذى طرح نفسه عندما قرر أن يواجه بشكل حقيقى التيارات المتطرفة.
 

هل ترى أن التدخل الغربى بليبيا كان هدفه الإطاحة بالقذافى أم السيطرة على الثروة الليبية؟

اليوم، لا أحد يسيطر على الثروة الليبية، ولا حتى الشعب الليبى، بسبب الفوضى، هذا النمط غير المدروس من التدخل لإسقاط القذافى – تدخل الناتو- ترك حالة فوضى، وكان يمكن أن يتوقف الأمر عند هذه اللحظة لو لم يكن هناك أشكال أخرى من التدخلات السلبية التى قامت بها أطراف بعينها وخاصة قطر وتركيا بتسليح الميليشيات الليبية.
 

ولكن أليس الخلاف الدولى الأكبر فى ليبيا حول السيطرة على النفط؟

جزء من بطء تسوية الأزمات العربية، وفى مقدمتها الأزمة الليبية، بسببين، أننا فى مرحلة انتقالية من مرحلة هيمنة أمريكا إلى مرحلة مجتمع دولى متعدد الأقطاب، فكل الأطراف تريد أن تضع قدمها وتفرض سيطرتها فى المنطقة، والبعد الآخر هو أهمية الشرق الأوسط البترولية التى لم تنخفض، وأن جزءا من الصراع يدور حول النفط والغاز، وهذا جزء من سبب سعى روسيا فى الفترة الآخيرة أن يكون لها موطئ قدم فى ليبيا.
 

 

 


 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة