أحمد محارم يكتب من نيويورك: شجاعة الأمل.. زيارة إلى قبر السادات

الخميس، 22 فبراير 2018 06:38 م
أحمد محارم يكتب من نيويورك: شجاعة الأمل.. زيارة إلى قبر السادات                             أحمد محارم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا أمام مجلس الأمن كانت تحمل فى مجملها عنوانا كبيرا، وهو "شجاعة الأمل"، فلقد وجه حديثه إلى المجتمع الدولى من خلال هذا المنبر الهام بالأمم المتحدة، مستعيدا ذاكرة الجميع من أن هناك شعبا فلسطينيا، أبناؤه فى الداخل الفلسطينى وفى كافة أنحاء العالم، رفعوا أيديهم إلى السماء، مطالبين المجتمع الدولى أن يفى بالتزاماته لأن أمريكا من خلال تصرفاتها المنفردة من طرف واحد، قد رفعت القضية الفلسطينية من ضمن مسئولياتها كراعى لعملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلى.

705  قرارات صدرت عن الجمعية العامة وأيضا 86 قرارا عن مجلس الأمن لم تلتزم إسرائيل بان تنفذ أيا منها .

للأسف الشديد وبعد أن انتهى الرئيس عباس من إلقاء كلمته تحدث مندوب إسرائيل ثم تلته مندوبة الولايات المتحدة الامريكية وكلاهما تحدث بنفس اللغة من صلف وتكبر، بل وقلة احترام للمجتمع الدولى، وكأنهم يقولون للرئيس محمود عباس "أبو مازن" وللشعب الفلسطيني بل والأهم للمجتمع الدولى أن هذا هو ما عندنا .

بمزيد من المرارة استمعنا إلى كلمات أعضاء ومندوبى الدول، وأعيدت على لسان المتحدثين اسم مصر واسم الرئيس الراحل أنور السادات، حيث أشادوا بدور مصر والأردن اللذين قاما بتحقيق سلام الشجعان .تذكرنا بطل الحرب والسلام أنور السادات وتمنينا وبعد فوات الأوان ان عقلاء الأمة لو تعاونوا معه ما كنا وصلنا الى ما نحن فيه الأن .

عندما هبطت طائرة الرئيس الراحل أنور السادات في تل ابيب منذ 40 عاماً ، تسبب ذلك في صدمة للجميع . وكان لكلمته الرزينة - التي ألقاها في الكنيست أمام كبار المسؤولين الإسرائيليين وتابعها العالم من خلال شاشات التلفزيون - دوياً شديداً حيث قال فيها: "إننى قادم إليكم اليوم من منطلق المنتصر الذى يمد يده بالسلام آملاً أن تكون حرب 1973 بيننا وبينكم هي آخر الحروب، وإننى لا أتحدث عن احتلال قواتكم لأرض سيناء المصرية فقط وإنما اتحدث عن كل شبر من الأراضى العربية قد تم احتلاله دون وجه حق. أما عن القدس، فإنها سوف تظل عاصمة لدولة فلسطين".

عاد السادات إلى مصر حاملاً معه مشاعر المنتصر الذى ذهب إلى أرض العدو والخصم عارضاً عليه فكرة أن نعيش جميعاً في سلام. في قول آخر، هو قد ألقى بالكرة في ملعبهم.

وفى ذات الوقت الذى فيه استقبلته الجماهير فى مصر بشكل أسطورى لأنه ألقى بحجر كبير فى المياه الراكدة وأنه قد دعا إلى السلام وهو المنتصر، وأن شعوب المنطقة من الأفضل أن تعيش وتنعم بالسلام وكفانا كراهية وحروب، ليس لها معنى أو هدف سوى القتل والدمار وزرع الكراهية، كانت فرحة الشعب في إسرائيل لا تقل عن فرحة الشعب المصرى الذى عانى الكثير من جراء الحروب التي خاضها مدافعا عن قضايا أمته العربية.

أما بالنسبة للعواصم العربية، فقد تباينت فيها ردود الأفعال حول الزيارة ، ولكن بعض المواقف للقادة والمسؤولين كانت أنهم ليسوا سعداء بجرأة وشجاعة الرئيس السادات ، وكانوا يطالبونه بأن تستمر المقاومة ، وأننا يجب أن نحارب إسرائيل حتى نقضى عليها أو نلقى بها في البحر.

وتمر الأيام وتثبت أن الحق كان مع السادات الذي لُقِّبَ ببطل الحرب والسلام عندما عبرت قواته المسلحة المصرية قناة السويس وخط بارليف الذي كان يعد أكبر مانع في تاريخ الحروب في معركة السادس من أكتوبر 1973 ، وتقدمت قواتنا لتحرير سيناء وتسببت في صدمة أربكت العدو الاسرائيلى وأفقدته توازنه في 6 ساعات من بداية المعركة . وباستمرار المعارك ومناشدة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل في هذا الوقت لأمريكا أن تنقذها . وبالفعل أرسلت أمريكا العتاد في شكل خط جوى مباشر حاملاً الدعم السخى والسريع من دبابات ومعدات حرب لنجدة إسرائيل. وعندها فقط وقف السادات في مجلس الشعب وقال أننى حاربت أسرائيل ولكننى لا استطيع ان احارب أمريكا وطالب الأمم المتحدة بوقف القتال.

وأتذكر أن الكاتب الصحفى الأستاذ أنيس منصور كان مقرباً من الرئيس السادات في ذلك الوقت، وان الرئيس كلفه بمهام مكوكية يذهب فيها إلى إسرائيل ويلتقى بالشخصيات الهامة من أجل نقل رسالة أو وجهة نظر مما يتيح الفرصة للرئيس السادات ان يتعرف على طريقة تفكير العدو وردة فعله.

"أوراق السادات"! كان هذا هو العنوان الذى حمله غلاف أهم كتاب كتبه أنيس منصور في مشواره الذي بلغ أكثر من 245 كتاب . وفعلاً كان أهم الكتب وتم إعادة طبعاً عدد من المرات ليس بالقليل. ويشير أنيس منصور في كتابه إلى المعاناه التي تحملها السادات على المستوى الرسمي والشخصي من قيادات عديدة في المنطقة العربية عندما تزعم صدام حسين مع ياسر عرفات المقاطعة ، وتم نقل الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس . كما أشار إلى كيف طلب السادات بإلحاح من ياسر عرفات أن يحضر ويجلس إلى طاولة المفاوضات في فندق مينا هاوس بالقاهرة وظل كرسى فلسطين شاغراً واتهم عرفات السادات بالخيانة.

واليوم ، بعد مضى أربعين سنة، نرى في ذات الوقت مرور 100 عام منذ وعد بلفور 1917 حتى وعد ترامب 2017، نجد أننا قد اقتربنا من خسارة القدس فعلياً كعاصمة لفلسطين، أعتقد أننا فى حاجة إلى أن نقوم بزيارة قبر السادات ونترحم عليه، ونقرأ له ولنا الفاتحة .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة