قرأت لك.. "المباحث الشرعية": الشقاء الجنسى يؤدى للإرهاب والحرمان العاطفى السبب

الجمعة، 02 نوفمبر 2018 07:00 ص
قرأت لك.. "المباحث الشرعية": الشقاء الجنسى يؤدى للإرهاب والحرمان العاطفى السبب غلاف الكتاب
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"اثنتان وسبعون من الحور العين، ينتظرن الشهيد فى الجنة، هذا الضخ الفقهى المكثف فى ذهن شاب مكبوت فى مقتبل عمره، لم يجد الباءة الكافية للزواج، يكفى ضمن سياقات خاصة مرافقة، سياسية واقتصادية، للتمنطق بحزام ناسف، وتفجير النفس لقتل أكبر عدد ممكن من (الكفار!)، بعده أقصر الطرق للوصول إلى تلك الفتيات الفاتنات، اللواتى «يُرى مُخُّ سُوقِهنّ مِن وراء العظم واللحم» لفرط جمالهن وفتنتهن!"، هكذا قال الكاتب الصحفى حلمى الأسمر كتابه "المباحية الشرعية- نظرات فى الحرمان العاطفى والشقاء الجنسى"، الصادر مؤخرًا عن الآن ناشرون وموزعون فى عمان.
 
عنوان الكتاب كما افتتاحيته، يبدو صادمًا للوهلة الأولى، كونه -كما يمكن أن يظن القارىء- يجمع نقيضين، وهما الإباحية، والشرع (الإسلام)، ولكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب، بعد قراءة هذا الكتاب، واتضاح كنهه، فهدف المؤلف من وراء هذا الكتاب فك "شيفرة" مشكلة مستعصية فى المجتمع الشرقى عموماً، والمسلم على وجه الخصوص، وهى مشكلة "الشقاء الجنسى"، الذى يقف عائقًا أمام شبابنا للاستمتاع بحياة سعيدة، والانطلاق بفاعلية لبناء مجتمعاتنا، ومعالجة الخراب الذى ضرب مظاهر الحياة كلها، اقتصاديًا أو سياسيًا، أو عسكريًا، ما جعلنا فى أواخر سلّم الحضارة البشرية، بعد أن كنّا قادتها، وروّادها.
 
وفى كتابه استعمل المؤلف مصطلحا جديدا "الـمباحية" يعتقد بأنه غير موجود فى القاموس العربى، وقد استعمله المؤلف فى عنوان كتابه ليكون بديلا للفظ الإباحية، وذلك ليفرق بينه وبين الإباحية، بوصفها مصطلحا يمكن أن تنفر منه النفس، للدلالة التى يحملها، وقد اشتق عنوانه من الإباحة التى تعنى فى الفقه حكم يقتضى التخيير بين الفعل والترك، أو إجازة الفعل دون إثم.
 
رغم أن الخوض فى ملف الحياة الجنسية فى الشرق محفوف بالمخاطر، ويشبه فى أحسن حالاته المشى فى حقل من الألغام؛ لأن ظلال هذا الاصطلاح مشوبة بالسرية والتحفظ والخطيئة والكبت والمحرم، إلّا أن المؤلف تجرأ فى البحث فيه، وفى خوض غماره، ورأى أن نتسامح أكثر مع الثقافة الجنسية، شأنها شأن أى ثقافة صحية، فى قالب نظيف من الأخلاق والأدب الرفيع الذى علمنا إياه نبينا محمد (ص)، ومن تبعه من الصحابة والتابعين والعلماء الذين ألّفوا الكتب والمجلدات فى حياة الرجل والمرأة، وأفاضوا فى شرح طرق ووسائل الاتصال، مستلهمين فى ذلك الأدب النبوى الرفيع، الذى لم يترك شيئاً فى حياة الرجل والمرأة إلا وعلمنا إياه بشكل مجمل، حتى جاءت كوكبة من العلماء والفقهاء من بعده ليفيضوا فى تناول هذه الحياة فى أدق خصوصياتها، وليكتبوا فيها أبحاثاً متخصصة جداً.
 
تعرّض الكاتب فى هذا الكتاب إلى مشكلات اجتماعية كثيرة تعانى منها مجتمعاتنا العربية والمسلمة تخص علاقة الرجل بالمرأة، وتغوص فى تفاصيلها من أهمها: التحرش، والعنوسة، واغتصاب الزوجات، وإشكالية التعدد، والطلاق العاطفى، وفتور العلاقة والعاطفة بين الزوجين، وازدياد الخلافات بينهما وربما القطيعة والطلاق، وجرائم الشرف، والثأر للشرف، وظهور أنواع وأشكال جديدة للزواج مثل المسيار والمصياف والوناسة والمؤقت، فضلاً عن زواج المتعة، وغيرها مما يصعب حصره.
 
ورأى أن هذه المشكلات كلها متداخلة ومتشابكة ويؤدى بعضها إلى بعض فى الغالب، ومهما حاولنا السعى لعلاجها، فستبقى معالجات وقتية لن تجتث المشكلة من جذرها؛ لأن أصل هذه المشكلات كلها وسببها الرئيس هو "الحرمان العاطفى" الذى تعانى منه مجتمعاتنا، وما يتبعه من "شقاء جنسى".
 
فالحرمان العاطفى وما يتبعه من "شقاء جنسى" يمنعان الإنسان عن المضى فى حياته بشكل سليم، ويشغلانه بالبحث عن وسائل لإشباع هذه الحاجات الضرورية الأساسية الفطرية، وهى فى أدنى هرم الحاجات، وما لم تُشبع هذه الحاجات فإن الفرد لا يستطيع أن يرتقى إلى أعلى منها إلا بشكل مشوّه قاصر وربما فاسد، ولن يؤدى دوره المنشود بوصفه فردًا صالحًا منتجًا مبدعًا من أفراد المجتمع؛ ولذا لا نعجب من تخلّف مجتمعاتنا وفشلها فى محاولات ومشاريع الإصلاح والتطوير وفى جميع المجالات.
 
ويرى المؤلف أننا لا نتغلب على هذه المشكلات المستحدثة فى حياتنا، التى لم تكن تعانى منها المجتمعات فى العصور الإسلامية الأولى؛ نتيجة فهمهم الدين وتعاليمه بشكل صحيح، إلّا بالتخلص من أصفاد وأغلال العادات والتقاليد البالية، التى لا تمتّ للدين بصلة، والتحرّر فى أنماط التفكير، والرجوع إلى فطرة الإنسان، وأصول الدين ونقائه قبل غلبة أصحاب الأهواء والضلالات، وسطوة من قدّموا العادات على الدين، بعدّها ديناً لا يجوز مخالفته والتطاول عليه.
 
وإذا استطعنا تحقيق ذلك -كما يرى الكاتب- نصبح قادرين على المضى قدمًا فى إعمار الأرض، مسهمين فى نهضتها، وتطوّرها، ناشرين الضياء والعدل والسعادة والسلام، محققين الغاية التى خُلق الإنسان من أجلها.
 
يذكر أن حلمى الأسمر  من مواليد فلسطين، 1957، حاصل على  البكالوريوس فى اللغة العربية وآدابها، فرعى (شريعة إسلامية) من الجامعة الأردنية، 1980، وهو كاتب وصحفى منذ عام 1976 فى عدّة منابر صحفية عربية وأردنية مثل: جريدة اللواء الأسبوعية، وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، صحيفة السبيل الأسبوعية، قدس برس، صحيفة العرب اليوم، صحيفة الدستور الأردنية، عربى 21 اللندنية، صحيفة الحقيقة الدولية، صحيفة الوطن الأسبوعية، فضائية الحقيقة الدولية، العربى الجديد اللندنية، وكالة الأناضول التركية، وهو عضو نقابة الصحفيين الأردنيين، منذ عام 1981، وعضو مجلس النقابة لأكثر من أربع دورات، ونائب نقيب الصحفيين لدورة واحدة، وعضو اتحاد الصحفيين العرب، والفيدرالية الدولية للصحفيين، ومنظمة الصحفيين الدولية، منذ عام 1981.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة