فى الوقت الذى ينظر فيه بعض المخرجين المصريين أسفل قدمهم ويتغنون بأمجاد الماضى، نجد فريقا من المخرجين السوريين يطورون من أنفسهم باستمرار، بل تفوق بعضهم على نظرائهم المصريين وباتت لهم اليد العليا فى دراما رمضان هذا العام. وكانت العديد من الأقلام النقدية المصرية فى السنوات الماضية تشير وتؤكد على أن الدراما المصرية مازالت بخير وأن نظيرتها السورية لا تتفوق سوى فى الدراما التاريخية، وعاش الكثيرون فى وهم "احنا بتوع الدراما الاجتماعية والسوريون بتوع التاريخية"، سائقين حججا واهية عن طبيعة المسلسلات المصرية والنجوم المصريين، ولكننا نرى فى دراما رمضان هذا العام تفوقا واضحاً للمخرجين السوريين ليس فقط فى الدراما التاريخية، حيث نشاهد يوميا مسلسل "شرف فتح الباب" إخراج السورية رشا شربتجى، التى نجحت فى الحلقات الماضية فى جذب المشاهد لمتابعة حلقات المسلسل دون مط أو تطويل، ونجحت فى خلق حالة ارتباط بين المشاهد والمسلسل، لتثبت أن مخرجى سوريا بارعون فى الدراما الاجتماعية .
أما المخرج السورى باسل الخطيب فنجح فى خلق صورة جيدة ومتميزة لمسلسل "ناصر"، واستطاع إلى حد بعيد إعادة اكتشاف مجدى كامل الذى يجسد دور الزعيم الراحل، رغم أن العديد من النقاد عارضوا تجسيده للشخصية منذ البداية، لكن الخطيب راهن عليه، ويبدو أنه سيكسب الرهان، كما أن المخرج السورى قدم لنا شيرين ووفاء عامر فى صورة مغايرة تماما، ورأيناهما تمثلان بحق، ويتابع المسلسل الجمهور العربى كله فى مختلف الأقطار العربية، فى فلسطين ولبنان وسوريا، لأنهم من ناحية محبين لشخصية جمال عبدالناصر، ومن ناحية أخرى يشعرون أنهم أخيرا وجدوا عملا عن زعيمهم الراحل يتناول سيرة حياته بصدق ودون رتوش، وبرؤية فنية إخراجية عالية المستوى.
ورغم أن البعض يرى أن الجزء الثالث من مسلسل "باب الحارة" إخراج السورى بسام الملا ليس أفضل من جزئيه السابقين، إلا أنه مازال يتمتع بشعبية كبيرة، وله جمهور كبير فى الوطن العربي، خاصة فى سوريا الذين يرون المسلسل أفضل تعبير عن الحياة الدمشقية.
ولم يتوقف الأمر عند المخرجين فقط، بل إن المخرج التونسى شوقى الماجرى قدم لنا صورة أقل ما توصف بأنها صورة سينمائية ساحرة فى مسلسل "أسمهان"، الذى تقوم ببطولته سلاف فواخرجي، وزاد من جمال الصورة أن الموسيقى التصويرية جاءت سلسلة وهادئة، لتجعلك تعيش 40 دقيقة هى عمر الحلقة فى زمن الفن الجميل، بهدوئه وصفائه.
مسلسل استمرار تفوق المخرجين السوريين مازال مستمرا، ونتذكر جميعا كيف أن المخرج السورى حاتم على أبهر الجميع العام الماضى بمسلسل "الملك فاروق" بطولة تيم الحسن، وهو التفوق الذى يأتى هذا العام أيضا، والذى يأتى فى ظل سبات عميق وتكرار لنفس أخطاء الماضي، وموضوعات قديمة وكادارات مكررة دأب عليها المخرجون المصريون فى دراما رمضان، اللهم إلا المخرج مجدى أبو عميرة بمسلسله "قلب ميت".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة