نوف عربى الديب يكتب: غير قابلة للنسيان

السبت، 27 أكتوبر 2018 04:00 م
نوف عربى الديب يكتب: غير قابلة للنسيان ورقه وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قديما قالوا "لاقينى ولا تغديني" ربما أصل هذه المقولة غير معروف وواضح بالنسبة لنا الآن، ولكن المضمون الذى تحث عليه أفضل دليل على أن خير الكلام ما قل ودل، وعند النظر فى الكثير من القيم الإنسانية التى من المفترض أن يتبعها الناس فى التعامل مع بعضهم البعض نجد أن الشكر والامتنان يمكن أن يندرجوا تحت مسمى الملاقاة المذكور فى المقولة، حتى وإن أخطأت فى تقديرى هذا لا يمكن للمرء أن يغفل عن ضرورة كونه ممتنا شاكرا لكل الأشخاص والمواقف فى حياته.
 
 فى صغرى كنت أستيقظ مبكرا، أقضى ساعات الصباح الأولى من كل يوم مع جدى فى دكانه الصغير "كان دكانا لبيع مواد العلافة"، اشاركه كل يوم هذه اللحظات إلى أن حفظت عنه جملته التى اعتاد سردها على مسامعى دون أن يشعر "يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم"، نشأت بيننا علاقة قوية حتى أن ذكرياتنا سويا لازالت تجعله يضحك حد القهقهة ما أن يتذكرها، لا يعلم جدى حتى الآن أن حبى للحظات الصباح ولنسمات الأمل التى يحملها لم تكن إلا نتاج ما زرعه فى منذ صغري، بالطبع مشاعر الشكر والامتنان تجاه جدى غير قابلة للنسيان.                                                                                              
 أثناء سنوات دراستى الثانوية، اعتاد أبى أن يفاجئنى بين الحين والآخر بما أفضل من نوع الشوكولاتة، كان يخبأها خلف ظهره حتى لا أراها وما أن أذهب لمعاودة المذاكرة مرة أخرى يخرجها من مخبأها متأملا ملامح الأنس على وجهي، لا يعلم أبى حتى الآن أن مشاعر الرضا بداخلى والفرحة بأبسط الأمور والأقدار لم تكن إلا نتاج تلك المواقف الصغيرة ذات الأثر الكبير، بالطبع مشاعر الشكر والامتنان تجاه أبى غير قابلة للنسيان.                                                                                                                    تستيقظ أمى كل صباح على الوقت المحدد، توقظنى وتعد لى شطائر الجبن المفضلة، ترتدى عباءتها ونقابها ثم تستجمع قواها وتحاول مغالبة النعاس الذى يعتريها ثم تذهب معى إلى المكان الذى أستقل منه الحافلة إلى حيث جامعتي، لا تدرك أمى حتى الآن أن المواقف التى استجمع فيها قوتى وأتحلى فيها بالشجاعة هى نتاج ما تقوم به كل يوم أمام عيني، بالطبع مشاعر الشكر والامتنان تجاه أمى غير قابلة للنسيان.
 
 كل منا فى حياته يمتلك أبطاله الخارقين الذين جعلوا من حياته قصة جديرة بأن تذكر وبقدرتهم على ترك الأثر العميق استطاعوا أن ينموا فينا مشاعر الشكر والامتنان الغير قابلة للنسيان، حتى الأشخاص العابرين الذين يلقون علينا السلام دون أى معرفة مسبقة ندين لهم بالكثير من الشكر، أصدقاء الجامعة والعمل وأصحاب الاهتمامات المشابهة لاهتماماتنا الذين يقضون أوقاتهم فى سرد حكاياهم الملهمة هم أيضا أصحاب حق يجدر بنا أن نظهر لهم شيئا بسيطا من الامتنان على كل ما يقدموه وما يفعلوه من أجلنا، فكلمة شكرا هى الجزاء على الإحسان والثناء الجميل على من يقدم الخير ولا ينتظر المردود وقد كان هذا الخلق العظيم ملازما لأنبياء الله صلوات الله عليهم، يقول الله تعالى فى سورة آل عمران: " أن إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ". 
 
ومن ناحية نفسية يمكن وصف الشكر بأنه أقصر طريق لكسب احترام ومودة الآخرين! فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

صالح

بر الوالدين

كاتبة المقال تستمتع بكل ذكريات الماضي الجميل الاحترام والتقدير لجدها و لوالديها وهذا من بر الوالدين وهكذا التربيه السليمة ولن تنسى الكلمات والامثال والحكم النابعة من البيئة الصحية المعبرة عن مايجيش في النفس من تعابير بسيطة جدا تحمل معاني كبيرة جدا الا ان التربية غير السليمة تعطي نتائج وخيمة منها : ان الوالدين هما المثل الاعلى في حياة الطفولة وعندما يكبر الطفل تتغير هذه المفاهيم لديه وهذا من ضعف التربيه السليمة الاسلامية الصحيحة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة