يوسف أيوب

مراقبة المدرس

الإثنين، 08 يناير 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكل يتحدث الآن عن أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تقتصر فقط على المواجهة الأمنية، وإنما يجب أن يسبقها الفكر، وهنا يبرز دور المؤسسات الدينية والتعليمية باعتبارها الرافد المهم والضرورى لنشر الفكر وتجديده، وسمعنا عن الكثير من الإستراتيجيات والأفكار، التى قيلت فى هذا الشأن، ومنها مبادرات تجديد الخطاب الدينى التى تبنتها وزارة الأوقاف، من خلال خلق جيل جديد من أئمة المساجد المتعلمين والقادرين على مواجهة كل أفكار التطرف والعنف، وأيضًًا تنقية مكتبات المساجد من كل الكتب المحرضة على العنف وكراهية الآخر.
 
وتوازى مع هذا الجهد تحركات أخرى فى الأزهر الشريف لتنقية مناهجه لغلق الباب أمام أى طريق يمكن أن يؤدى إلى التطرف والعنف، وكان بديهيًًا أن تدخل الجامعات والمدارس ضمن هذه الإستراتيجية باعتبارها أهم أدوات التغيير فى كل مجتمع، مع إيمان الجميع بأن التعليم ليس فى مصر فقط، وإنما فى العالم العربى يحتاج إلى تغييرات جذرية فى صياغة المناهج على المستوى المعرفى والفكرى والأخلاقى والمستوى السلوكى، ليتحول من التلقين إلى الفهم، وأيضًًا التركيز على إجراء التجارب والأنشطة للبحث عن علماء المستقبل وقادته، وتنقية المناهج من كل ما من شأنه الحض على العنف وازدراء الآخر، فالكل الآن مؤمن بأن تجديد الفكر الدينى لم يعد ترفًًا، بل ضرورة لضمان الأمن والاستقرار والتعايش داخل الدولة، وقطع الطريق على الجماعات الإرهابية، سواء كانت الإخوان وروافدها أو غيرها، ممن ينقبون فى التراث وفى الفكر الدينى عن كل ما يساعد على تجنيد الشباب والأطفال ليصبحوا قنابل موقوتة ضد الآمنين.
 
فبدون تجديد هذا الخطاب لن نتحرك خطوة واحدة للأمام، وسنظل ندور حول أنفسنا فى دائرة مغلقة، ستؤذيننا جميعًًا، لذلك رأينا حماسة الأوقاف والأزهر أيضًًا لكل هذه التحركات، ومساندة قوية من وسائل الإعلام لكل خطوة من شأنها زيادة الوعى لدى شبابنا من مخاطر العنف والتطرف، وربما تكون الخطوة التى قام بها المجلس الأعلى للإعلام بالاتفاق مع الأوقاف ومشيخة الأزهر ودار الإفتاء بتحديد قوائم بعينها تكون مسؤولة عن الظهور فى وسائل الإعلام للتصدى للفتوى، هو أحد الوسائل الناجحة فى محاصرة فتاوى داعش، ومواجهة كل فكر متطرف حاولت الجماعة الإرهابية غرسه فى عقول الشباب، ولا ننسى أن مصر عاشت فترة شهدت نشاطًًا واسعًًا من شيوخ الفتنة والتطرف تحت رعاية جماعة الإخوان الإرهابية، ولا تزال أثار هذه الفترة باقية بيننا حتى اليوم، فى مواد منتشرة على موقع «يوتيوب» يمكن أن يلجأ لها الشاب فى أى وقت، وربما يؤمن بها إذا لم يجد من يحاول أن يصحح له هذا الفكر الفاسد.
 
المحصلة أننا أمام جهد لابد أن يكون شاملا، ومن المهم أن يمتد للجميع، والجميع هنا تشمل أيضًًا مدرسى المدارس، وأعضاء هيئة تدريس الجامعات، لأنهم أول حائط صد فى وجه الأفكار الهدامة، وأيضًًا يمكن أن يكونوا الثقب الذى ينفذ من خلاله الإرهاب ليتحول إلى سرطان يصعب علينا استئصاله، فلا يعقل أن نتحدث عن إمام أو مفت متطرف، ونتجاهل مدرسين يتبنون أفكار الجماعات الإرهابية، ونتركهم يعبثون فى عقول شبابنا وأطفالنا، والأمثلة أمامنا كثيرة، لذلك لا أجد نفسى متعاطفًًا مطلقًًا مع المعترضين على توجه وزارة التربية والتعليم بمتابعة أى سلوك متطرف للمعلمين واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم، فهذا هو واجب الوزارة ودورها، وإذا تقاعست عنه فتكون شريكة فى الجريمة، ولا يمكن أبدًًا أن نشهر فى وجه الوزارة أسلحة التهديد والوعيد لمجرد أنها قررت أن تنقى نفسها من المتطرفين والإرهابيين.
 
الوزارة وفقًًا لما نشر أرسلت خطابًًا عاجلًًا إلى جميع المديريات التعليمية بمختلف المحافظات، طالبت خلاله كل مديرى المدارس بمتابعة أى سلوك متطرف للمعلمين واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم، وضرورة الحد من أى خطوات تؤدى إلى التأثير السلبى على الطلاب أو تزويدهم بمعلومات مغلوطة أو قيم هدامة أو فكر متطرف، وطالبت بالتنسيق مع أجهزة الأمن فى المديريات فى هذا الشأن، إذا تطلب الأمر، واعتبار هذا الأمر مهما وعاجلا، وهناك من تحدث عن أن الوزارة طلبت من المديريات تشكيل لجان لفحص مكتبات المدارس لمواجهة الأفكار المتطرفة، ومنحت هذه اللجان صلاحية استبعاد جميع الكتب، التى تحث على الكراهية وتدعو للعنف والتطرف أو تتضمن أفكارًًا تكفيرية أو تسىء للأديان السماوية، فضلًًا عن تشكيل لجان أخرى تابعة لمركز تطوير المناهج تكون مهمتها مراجعة جميع الكتب المدرسية لحذف أى جملة تحض على الكراهية وعدم قبول الآخر، كما كلف المركز بأن تتضمن المناهج بالنظام التعليمى الجديد للطلاب الملتحقين بمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى مقررات تواجه التطرف الفكرى والإرهاب، وتدعم الانتماء والمواطنة.
 
هذا التوجه من جانب الوزارة يحتاج إلى الدعم، لا أن نواجهه بالتهديد، إلا إذا كان من يطلق التهديد والوعيد لديه ما يخيفه.. القضية من وجهة نظرى ليس هدفها مراقبة المدرس، وإنما تنقيتهم من أى شوائب يمكن أن تسىء لهم.
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة