وائل السمرى يكتب: نوستالجيا

الثلاثاء، 02 يناير 2018 03:30 م
وائل السمرى يكتب: نوستالجيا نوستالجيا
إعداد وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نصافح الحياة، نضع يدنا فى يدها، فتنعم علينا ببقايا من عبير، وما أن يخفت من فوق أيادينا حتى يدب الذبول فى أعضائنا وتنتشر الظلمة فى عيوننا، وينمو فى أفواهنا شجر الآهات، حتى يصافحنا الموت دون أن يترك فى يدنا.. يدنا.
 

«دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ»

هى رحلة نقطعها غير مختارين، مسيرين لا مخيرين، نقابل أناسا، ونودع أناسا، ليس لنا أن نختار من نقابلهم أو من نودعهم، ليس لنا أن نختار من متعدد، لكننا برغم هذا نعيش، نعيش على الوهم؟ نعم.. نعيش على الحلم؟ نعم.. نعيش على الصبر؟ نعم.. نعيش على الذكرى؟ نعم، ونعيش أيضا على الإيمان.
 

«نبكى على الدُنيا وما من معشرٍ.. جمعتهُمُ الدُّنيا فلم يتفرقوا»

نحن نؤمن بأننا أحياء، نعيش ونصبر ونتعشم ونأمل، رحلة نقطعها ذهابا، دون إياب، لا يمكننا أن نعود إلى ما فات سوى بالخيال، لا يمكننا اقتطاع جزء مما مضى لنحضره إلى «هنا» حيث نكون، لكننا نأتنس بهذه الذكريات بعد أن عطرها الزمن وعتقها فى قارورة هى عمرنا.
 

«النفسُ تبكى على الدنيا وقد علمت.. أن السعادة فيها ترك ما فيها»

فى قلوبنا ذكرى، وأمام أحلامنا زمن، وما بين الاثنين نكون، لا نمنح فرصة أخرى لنعيش ما عشناه، ولا نأمل فى أن يعود بنا الزمن فنصلح أخطاء الماضى أو نزيدها، نسير فى طريق نعلم منذ بدايته أنه «اتجاه واحد» لكننا مع كل خطوة نقطعها نزداد خبرة ومعرفة وألما وعشقا، نعيش فى الزمن ويعيش فينا الزمن، والأيام حصاد، نحصد غدا ما زرعناه اليوم، ونحصد اليوم ما زرعناه بالأمس، والحياة ليست فيلما من أفلام الخيال العلمى لكى نرجع إلى الماضى ونعدل مسار الأحلام، لكنها فى الوقت ذاته ليست كيانا جامدا مصمتا لكى نحرم من متعة التعلم.
 

«أطل كشرفة بيت على ما أريد..أطل على شبحى قادما من بعيد»

حاول أن تسأل نفسك: ماذا لو وقفت فى أعلى برج رأيته وحينما نظرت من الأعلى لم تجد ما اعتدت على وجوده، فقط وجدت عمرك، أيامك، ذكرياتك، أحلامك، أحبتك، هزائمك، انتصاراتك، إنجازاتك، إخفاقاتك، آمالك، دموعك وضحكاتك، آهاتك وقهقهاتك، أزماتك، انفراجاتك، عذاباتك، معاركك واحتفالاتك، ماذا لو وجدت كل هذا؟ فأى لحظة ستختارها لتعود إليها؟ وأى من الأحبة ستختاره ليكون معك؟ وكيف سترى كل هذا التاريخ الذى مشيته خطوة خطوة حتى صنعت لنفسك طريقا لم يمهده سواك، ولم يتجرع أشواكه إلاك؟
 

«هو الذى رأى كل شىء فغنّى بذكره يا بلادى»

تعلمنا التجارب ما لا يجوز ذكر وقائعه لصغر الوقائع عن عظمة الدرس الذى استوعبته منها، تعلمنا الأيام ونعلمها، فهل يمكنك اختصار هذه التعاليم فى عدة سطور؟ وهل تقدر على تحدى كل هذه التفاصيل لتخرج لنا بحكمة حياتك المجردة؟
 
هذا الملف كان تحديا كبيرا للإجابة عن الأسئلة التى سبق وأشرنا إليها، وهو تحدٍّ لا يقدر عليه إلا أولو العزم من بنى آدم، ولهذا اخترنا فى هذا الملف 10 شخصيات فحسب، لكن كل واحد منهم أمة قائمة بذاتها، من الفن للشعر للسينما للعلم للسياسة للرياضة للرواية والتاريخ، كل واحد شارك فى هذا الملف يتمتع بمصداقية كبيرة تمكنه من الجلوس على مقاعد الشيوخ الكبار ليقول لنا حكمة حياته وتعاليمها، وكل واحد يستطيع بما لديه من خبرة وعلم وتجارب وإبداع وتفانٍ أن يقول لنا كيف بدأ وإلى ماذا انتهى مستعينا بالحنين إلى الحياة، والرغبة فى تقطيرها فى كلمات هى علامات على طريق الوصول إلى الرضا.
 

ربما ننفق كل العمر.. كى ننقب ثغرة! ليمر النور للأجيال.. مرة

فى هذا الملف الذى نفتتح به عامنا الجديد ستجد نوعا آخر من الكتابة، نوعا آخر من الحكى، نوعا آخر من البوح، نوعا آخر من التعاليم، ونوعا آخر من الوصايا أيضا، «نوستالجيا» هو عنوان هذا الملف، والنوستالجيا لا تكون إلى الماضى فحسب، بل تكون إلى المثالية أيضا أو إلى الأصل، وقد قال مولانا جلال الدين الرومى فى بداية مؤلفه العابر للثقافات «المثنوى»: «استمع إلى هذا الناى يأخذ فى الشكاية، ومن الفرقات يمضى فى الحكاية، منذ أن كان من الناى اقتلاعى، ضج الرجال والنساء فى صوت التياعى»، وفى هذا الملف ستجد حكمة الحياة والموت، والحب والحنين، العمل والنجاح واليقين، فى هذا الملف لن تحتاج إلى قراءة عشرات الكتب أو مئات السير الذاتية لتستخرج حكمتها وتتذوق ثمرتها، فقد جمعناها لك فى عدد تذكارى واحد، قام على الكتابة فيه نخبة من أنبل عقول مصر وأكثرها اتساقا مع الذات وإخلاصا لمشروعها الفنى أو الإبداعى أو الإصلاحى، وقد مر بهذه القامات العديد من الخبرات والعديد من التجارب، كما أمضوا من حياتهم الكثير من سبيل من نجاح وعمل، وهو ما انعكس الآن على نفسياتهم بالصفاء أحيانا، والزهد أحيانا، والحكمة أحيانا أخرى، وهنا حكمة عمرهم وحصيلة صبرهم وحقيقة إدراكهم.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة