سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 13 يناير 1962.. ضباط سوريون لعبدالناصر: «سوريا فى خطر.. هى الهدف الذى يظن الاستعمار وأتباعه أنهم قاربوا الوصول إليه»

السبت، 13 يناير 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 13 يناير 1962.. ضباط سوريون لعبدالناصر: «سوريا فى خطر.. هى الهدف الذى يظن الاستعمار وأتباعه أنهم قاربوا الوصول إليه» جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الثانية والنصف، مساء يوم السبت، «13 يناير» عام 1962، حينما دخل ثلاثة ضباط سوريين إلى مكتب الرئيس جمال عبدالناصر فى منشية البكرى بالقاهرة، حسب محمد حسنين هيكل فى كتابه «سنوات الغليان» عن «مركز الأهرام للترجمة والنشر- القاهرة».
 
كان الضباط الثلاثة، العميد «زهير عقيل» والعقيد «محمد منصور» والرائد«فايز الرفاعى»، وهم من قادة حركة انفصال سوريا عن مصر وإنهاء الوحدة بين البلدين يوم 28 سبتمبر 1961، بعد ثلاث سنوات من قيامها «22 فبراير 1958»، ونظرا إلى حالة المرارة التى تركها الانفصال على عبدالناصر، فإن اللقاء لم يكن متوقعا، ووفقا لهيكل، فإنهم طلبوا اللقاء بواسطة الفريق «جمال فيصل» القائد السابق للجيش السورى الذى بقى فى القاهرة بعد الانفصال، ويؤكد هيكل: «ألح الفريق «فيصل»، وعلى أى حال فإن «جمال عبدالناصر» كان يريد أن يسمع بنفسه، وأن يرى، ولهذا وافق وحدد موعد اللقاء، وجاء الثلاثة إليه فى حالة ارتباك شديد».
 
طلب عبدالناصر أن يتم تسجيل اللقاء صوتيا، وفى تقدير هيكل أنه كان يفعل ذلك فى بعض اللقاءات المهمة التى يريد العودة إلى وقائعها بعد ذلك بالتفصيل للدراسة، ويؤكد «شريط التسجيل محتفظ به فى أرشيف إدارة المخابرات العامة، وتم تفريغه وطبع نسخ محدودة منه»، أما عن وقائع اللقاء فبدأت بكلام من العميد «زهير عقل»، فقال «سيادة الرئيس.. إنه كرم منكم أن تتفضلوا بمقابلتنا بعد كل ماحدث، وقد كنا نثق فى أن هذا سيكون موقفكم بالنسبة لنا لما نعلمه من حبكم لسوريا وللشعب السورى، وكان هناك من زملائنا من يقولون إن سيادتكم ترفضون الاستماع إلينا، لأن ماحدث منا قد ألمكم، ولكن سيدى نحن نقسم لكن أن كل ماحدث لم يكن فى حسابنا ولافى تصورنا».
 
رد عبدالناصر «أنا أعلم أن بعضا منكم انساقوا فى هذا الموضوع بحسن نية، وغرر بهم، وصورت لهم الأمور على غير صورتها الصحيحة، ولكن ماحدث لم يعد مشكلة نوايا، إنكم بما حدث، مهما كان من نواياكم، أسلمتم وطنكم إلى الرجعية المعادية لمصالح الشعب والمتعاونة مع الاستعمار»، وتحدث العقيد محمد منصور: «سيدى أقسم لكم أن بيننا كثيرون لا ينامون الليل وهم يشعرون أن الأمة العربية ترميهم بالانفصال والرجعية»، ثم قال الرائد فايز الرفاعى «سيدى إن كثيرين بيننا واجهوا عقاب ضمائرهم قبل أن يواجهوا أى عقاب غيره»، فعلق عبدالناصر «أن الموضوع بالنسبة لى ليس موضوع عقاب.. إنه موضوع أكبر من ذلك، إنه مسألة مبدأ، إننى فى حرب مع الاستعمار والرجعية، ولست فى حرب معكم، لقد استعملوكم، وأنا أعرف أن بعضكم أخذ الأمور بالعاطفة السطحية».
 
قال العميد زهير عقيل «لهذا جئنا إليكم سيادة الرئيس، إن سوريا فى خطر، إن سوريا- سيدى- هى الهدف الذى يظن الاستعمار وأتباعه فى المنطقة أنهم قاربوا الوصول إليه، سوريا -سيدى- هى المقصودة بمحاولة الانقلاب فى لبنان، والذين دبروا محاولة الانقلاب فى بيروت كانوا يريدون دمشق، تمهيدا لمشروع الهلال الخصيب فى أحضان الاستعمار وتحت سيطرته، ومن ناحية أخرى- سيدى- فإن إسرائيل زادت نشاطها المشبوه فى المنطقة منزوعة السلاح، وهم تصوروا الانفصال فرصة سانحة للإسراع فى تنفيذ تحويل مجرى مياه نهر الأردن».
 
كان «عقيل» يقصد فى حديثه عن «محاولة الانقلاب فى لبنان» تلك التى حدثت فى آواخر ديسمبر 1961، ويذكرها هيكل فى «سنوات الغليان»، قائلا «إن بعض القوى فى لبنان أحست أن حكومة اللواء «فؤاد شهاب» تصرفت بطريقة ودية إزاء القاهرة بعد انقلاب الانفصال، فقد سهلت ترحيل المصريين من العسكريين والمدنيين الذين أخرجوا من سوريا بعد الانقلاب، كما أن عناصر كثيرة فى الحركة الوطنية اللبنانية اعتبرت نفسها عيونا وأذانا للقاهرة على مايجرى فى دمشق، وتحالف كميل شمعون الذى عاد من لندن قبل محاولة الانقلاب بثمانى وأربعين ساعة مع الحزب القومى السورى برئاسة «عبدالله سعادة» وجرت المحاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة، واضطر اللواء «شهاب» إلى استخدام الطيران اللبنانى فى ضرب المؤامرة، ودارت معارك بالدبابات، وجرى اعتقال ألفين وخمسمائة من أعضاء الحزب القومى السورى وأنصارهم، وحاصرت قوات الأمن اللبنانية قصر «كميل شمعون» وثبت فيما بعد أن خطة المؤامرة رتبت فى معهد اللغات البريطانى بشملان فى لبنان، ثم تأكد هوية المؤامرة حين أذاعت وكالات الأنباء، وبينها وكالة «رويتر» أن عددا من قادة المؤامرة الذين كان مطلوب القبض عليهم فروا من ميناء بيروت بزورق حملهم إلى مدمرة بريطانية كانت واقفة خارج المياه الإقليمية، ثم أدلى «عبدالله سعادة» باعترافات قال فيها «إن هدف الانقلاب كان التمهيد لتحقيق مشروع الهلال الخصيب بتكوين اتحاد بين سوريا ولبنان والأردن والعراق»، كما قال إن حركته كانت موعودة باعتراف بريطانى فورى فى حالة نجاح عملية الانقلاب»، وكان الهدف البريطانى من تأييد مشروع الهلال الخصيب هو تأكيد حصر مصر فى أفريقيا، وتصفية أى دور أوجود لها فى المشرق العربى».
 
امتدت مناقشات الضباط السوريين مع «عبدالناصر» إلى الواحدة والنصف من صباح اليوم التالى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة