خالد عزب يكتب: سرابيط الخادم.. رواية كثيفة الأحداث والشخوص

الجمعة، 08 سبتمبر 2017 11:00 م
خالد عزب يكتب: سرابيط الخادم.. رواية كثيفة الأحداث والشخوص غلاف الرواية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن دار الآفاق العربية رواية سرابيط الخادم للكاتبة ثناء رستم، الرواية تدور فى عالم غرائبى، حيث يتحرك أبطالها، وتتشابك أحداثها، وينتقل الزمن من ثلاثينيات القرن الماضى لتلقى الضوء على حياة اليهود فى مصر وتواجد الكثير من التنظيمات الصهيونية من خلال عائلة مصرية يهودية اعتنق بعض أفرادها الإسلام، واحتفظ بعضهم بديانتهم.
 
الشخصية المحورية فى الرواية هى يوسف نسيم نقاش، مدرس اللغة الفرنسية، الذى ظل محتفظاً بديانته اليهودية ورفض الرحيل عن مصر، احتفظ بسر طارده طوال سنوات حياته، ليكون السبب فى إنهائها، وسط لغز كيف مات.
 
ترى فى الرواية داود أحد أفراد الأسرة اليهودية يسرد حكايات متوارثة عن العائلة فيذكر: "عائلتنا تعيش فى مصر منذ حوالى ألف عام تقريباً، وهو ما جعلها مصرية صميمة، بعد أن هاجر جدنا الأكبر من العراق، وكان من أتباع "عدنان بن داود" مؤسس الطائفة القرائية، وهرب من اضطهاد الربانيين لهم، حيث شنو حربا لا هوادة فيها ضد القرائين..
 
حدث ذلك عندما أعلن "عنان" مذهبه ورفضه "التلمود" وأن على اليهود الإيمان "بأسفار موسى" الخمسة فقط، وتعرض لحرب شعواء من حاخامات اليهود، واتهموه بالكفر، وطلبوا من الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور سجنه، لأنه كفر بدينه وأنهم لن يرضوا به رئيساً عليهم بعد وفاة عمه، وسيختارون بدلاً منه شقيقه ليصبح رأس جالوت.
 
استجاب الخليفة لهم، لأنه لم يكن يتدخل فى الأمور الشرعية لليهود، فأصدر أمراً بسجنه والحكم عليه بالإعدام نزولاً على رغبتهم. فى سجنه التقى "عنان" بالفقيه الإمام "أبو حنيفة النعمان"  الذى سجن لرفضه أوامر الخليفة لتولى منصب قاضى القضاة.
 
عندما استمتع الإمام "أبو حنيفة" لحكاية "عنان"، أشار عليه أن يخاطب الخليفة، ويشرح له الأمر بأنه ليس متمرداً ولا كافراً، كما ادعى عليه علماء اليهود، وأنه ليس بثائر على رأس الجالوت، إنما هو صاحب دين قائم بنفسه لا علاقة له بدين اليهود، وأنه يخالفهم فى أمور تقربه من الإسلام وتبعده عنهم، ومن حق جماعته التى ترأسها قبل دخوله السجن، أن تتمتع بحرية المعتقد شأن سائر أهل الذمة، وهو بذلك لم يرتد عن اليهودية، وإنما هو باحث ومنقب عن أصلها التوحيدى.
التقط "داود" أنفاسه، وهو يسترجع تاريخ عائلته البعيد التى كانت من أتباع "عنان" وبدا على مروان أنه يستمع بانتباه شديد، لعل هذا الماضى يلقى بشعاعه على الحاضر، ويبدد العتمة التى تحيط بوفاة "يوسف" الغامضة.
 
أكمل "داود" حديثه:
 -  قبل الخليفة الإستماع إلى "عنان" الذى خر ساجداً  أمامه، وسأله: سيدى هل أنت ملكت أخى على دين   واحد أم على ديانتين؟ فأجابه المنصور: على دين واحد، فقال عنان: ولكن أنا وأخى على ديانتين التقاؤهما فى نقطة واحدة وهى التوراة التى نؤمن بأنها أوحيت وكتبت وشكلت على يد نبى الله موسى عليه السلام..
 
المهم أن المنصور عفا عن "عنان" الذى بدأ ينشر مذهبه، مخالفاً الربانيين، فكان متشدداً فى أمور الطهارة والنجاسة، ويلزم من يريد تعلم التوراة أو الصلاة بأن يخلع نعليه ويغسل يديه وقدميه ويلتزم الطهارة، وجعل الصلاة فرضاً واجباً على كل ذكر، ابتداء من بلوغه عشر سنوات وجعل وجوب تأدية صلاة الشكر لكل من أنقذه الله من مصيبة، أو من عليه بالنعمة والفضل، وهو ما يتشابه مع "سجدة الشكر" عندنا..
 
الرواية على قدر محاولتها الاتجاه نحو الواقعية تستلهم من الخرافة أو الأسطورة فتذكر الرواية مايلى:
 
عاد "بيترو" إلى غرفته فى الفندق، يسيطر على عقله مشهد أبو الهول الرابض فى هدوء بصحراء الجيزة، حاملاً بقايا شبه بالملك خفرع صاحب الهرم الثاني..
لم تكن عظمة الأسد الملكى حارس الأماكن المقدسة وحدها التى جعلته مبهوراً، لكنه نجح فى جعل الخوف يسرى بجسده، بعد ما شرح له المترجم أن القدماء كانوا يعتقدون فى قواه الغامضة، وأكده ما جاء على لسان "أبى الهول" فى أحد النقوش "إنى أحافظ على هيكل مقبرتك، وأحرس حجرة دفنك، وأطرد الغرباء المتطفلين، وأرمى بالأعداء إلى الأرض وأسلحتهم معهم، وأطرد الشرير من هيكل قبرك، وأهلك خصومك من مخابئهم، ساداً إياها، فلا يخرجون منها ثانية".
 
فكر فى قوى أبى الهول القادرة على كشف مهمته، وشعر بالندم الشديد لزيارته، فصورته انطبعت فى ذاكرة "أبى الهول" الحاضرة منذ آلاف السنين.
 
كان "بيترو" مهووساً بالسحر والخرافات، ويعتقد أنه لا توجد أسطورة على وجه الأرض، ليس لها ظل من الحقيقة.
 
حملت الرواية دراما رعب فى العديد من فقراتها جسدتها الروائية فى أحد المشاهد بالرواية على النحو التالى:
تنبهت حواس "مايا"، وتابعت البرنامج الذى يعرض حكاية مرشد سياحى شنق نفسه فى شقته، وبدت أمه متماسكة، وتكافح لكى تغالب دموعها من أن تنهمر أمام المشاهدين، وهى تؤكد استحالة أن يفكر ابنها فى الانتحار، فقد كان يرتب لمستقبل أطفاله، وانتهى من تأثيث منزله، واختار مدرسة لطفليه، وفى صباح يوم وفاته كان لديه موعد مع مديرة المدرسة.
 
قبل انتهاء البرنامج، واجهت "نبيلة" الكاميرا بثبات، وطالبت السلطات بالبحث عن قاتل غامض نجح فى التسلل إلى منزله والتخلص منه، بدون أن يترك أثراً واضحاً.
 
فى تلك اللحظة، شعرت "مايا" أن نظراتها مثبتة عليها، وأنها تخاطبها شخصياً.
أغلقت التلفزيون، وانهمكت فى البحث بين المواقع الصحفية على الإنترنت، لتتبع قصة انتحار "سالم". اكتشفت أن له شقيقاً يعمل صحفياً فى موقع "الحدث".
تملكتها حيرة أربكتها. كانت ترغب فى معرفة علاقتها بالمنتحر الذى لم تعرفه يوماً فى حياتها، ورغم ذلك امتلك الحق ليقتحم عليها حياتها التى أصبحت مضطربة فى الآونة الأخيرة، وتحولت حيرتها إلى غضب من المجهول، الذى يرغب فى توريطها فى قصة لا تعرف لها بداية من نهاية.
 
هدأ غضبها قليلاً بعد أن قررت شيئاً لابد أن تفعله فى صباح اليوم التالى.
 
هذه الرواية لا شك أن النقد الأدبى سيجعلها محل جدل، فالروائية كثفت أحداثها وشخوصها بصورة جيدة، هذا ما قد يراه البعض ضد تركز الرواية فى شخوص وأحداث محددة تجعلها سهلة.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة