سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 سبتمبر 1964 إسرائيل تهدد العلماء الألمان فى مصر بخطابات مجهولة وانفجار «مفخخ» فى وكيل بريد المعادى

الجمعة، 22 سبتمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 سبتمبر 1964 إسرائيل تهدد العلماء الألمان فى مصر بخطابات مجهولة وانفجار «مفخخ» فى وكيل بريد المعادى ولفجانج لوتز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الثامنة والنصف صباحا يوم 22 سبتمبر «مثل هذا اليوم» من عام 1964، حينما كان محمد رجب بدران، وكيل مكتب بريد المعادى، جالسا فى حجرته وأمامه كومة من الخطابات، والشرطى محمود عبدالرحمن يقف بجوار المكتب ليسأله عن خطاب وضعه أمس فى صندوق البريد، ويريد استرداده، لأنه لم يعد يريد إرساله، وحسب الكاتب الصحفى محمود مراد فى كتابه «الحرب الخفية - قصة العلماء الألمان فى مصر»: «قبل أن ينطق الشرطى بطلبه حدث انفجار شديد، وسقط وكيل البريد تحت المكتب والدم ينزف من جبهته وانكفأ الشرطى، وتم نقل وكيل البريد إلى المستشفى، حيث شوه الانفجار وجهه، وفقدت العين اليمنى معظم إبصارها».
 
ضل هذا التفجير طريقه، فالخطاب كان مرسلا إلى مكتب بريد المعادى، وعليه المرسل إليه وعنوانه «شارع 10 منزل 73» حسب تأكيد مراد، مضيفا أنه لما ذهب ساعى البريد إلى العنوان يوم 21 سبتمبر، اكتشف أنه خطأ، فعاد به إلى المكتب لينفجر فى اليوم التالى، وكان الشخص المقصود بالخطاب هو خبير ألمانى يعمل فى صناعة الصورايخ، وكانت المخابرات الإسرائيلية هى التى أرسلته بواسطة جاسوسها الألمانى فى القاهرة «ولفجانج سيجموند لوتز».
 
والقصة تبدأ من عام 1957، حينما اجتذبت مصر سرا علماء ألمان ليساهموا فى تنفيذ خطة طموحة فى الصناعة الحربية، ووفقا لمراد كان هؤلاء ممن شيدوا صناعة السلاح فى ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد هزيمة هتلر تفرقوا فى شتى بقاع الأرض، وتسابقت دول فى مقدمتهم أمريكا لاجتذابهم، ويؤكد «مراد»، أن مصر نجحت فى استقطاب بعضهم وأبرزهم و«ولفانج بيلز» الساعد الأيمن لـ«براون» أبوالصواريخ الألمانية الذى اجتذبته أمريكا.
 
كانت إسرائيل ترصد ما يحدث، وتخطط لإفشاله، وكان الجاسوس «لوتز» أهم أدواتها، وحسب «مراد»، فإنه وصل الإسكندرية يوم 7 يناير 1961، بوصفه «مدرب خيول» وجنسيته «ألمانيا الغربية»، وكان ضابطا فى جيش النازى، واختفى بعد هزيمته فى الحرب العالمية الثانية، وعمل مدربا للخيول وجمع ثروة طائلة، ويريد أن يجرب حظه فى حياة جديدة».أما حقيقته فهى: «ولد من أب ألمانى وأم يهودية ممثلة درجة ثانية، وهجرها الأب، وكان عمر الابن 11 عاما، فهاجرت به إلى إسرائيل، والتحق بالجيش الإسرائيلى، وأصبح ضابطا فى حرب 1948، وانتقل للمخابرات الإسرائيلية «الموساد»، ودربته بالتعاون مع المخابرات الألمانية ليأتى جاسوسا إلى مصر، واستقر فى فيلا بشارع الهرم مع زوجته «مارتا» التى تزوجها بموافقة «الموساد»، وتردد على نادى الفروسية بالجزيرة، وتعرف على كثير من أبناء الجالية الألمانية، واستأجر مساحة بمزرعة لتربية الخيول، لكن مهمته السرية كانت، متابعة ومعرفة كل شىء عن العلماء الألمان فى مصر.
 
نفذ «لوتز» خطة تهديد العلماء بالخطابات، وذلك بوضعها فى صناديق بريد بعيدة عن سكنه، كما حدث فى خطاب «بريد المعادى» يوم 22 سبتمبر، الذى شهد أيضا إرسال خطابين، واحد إلى الخبير «شتانج» وينص على: «نبعث إليكم بهذا المكتوب، لأنه بلغ إلى علمنا أن إقامتكم فى مصر لا تقتصر على أداء عملكم فى الدائرة المحددة لاختصاصكم فى صناعة الطائرات، بل تعدتها إلى المعاونة بصلة مباشرة فى أعمال الاستعدادات الحربية، أما اعتقادكم بأنكم ما كنتم تستطيعون العمل فى أوربا فى دائرة تخصصكم، الأمر الذى دفع بكم إلى العمل فى مصر فهو اعتقاد لا أساس له، بل أن نقيضه هو الصحيح، ومما لاشك فيه أنه كان يمكنكم بقليل من الجهد، ونحن على استعداد للمعاونة لكى تعثروا على أنواع عدة من العمل فى غرب أوربا مما لا يتصل مباشرة بالحروب، وغير هذا نتساءل: لماذا لم تفكروا فى تطوير صناعة الطائرات فى غانا مثلا، لقد أوضحنا هنا وجهة نظرنا نحو عملكم الحاضر، ويمكنكم أن تفهموا أنه من الخير لكم المبادرة باتخاذ ما يناسب من الإجراءات، إن لدينا معلومات بأن عقد عملكم ينتهى فى سنة 1966، ولكن هذا ليس سببا يمكن اتخاذه لاستمراركم فى عملكم الإجرامى.. التوقيع/الجدعونيون».
 
فى نفس اليوم أيضا «22 سبتمبر» كان هناك خطاب آخر إلى الخبير «جوزيف هايزج» يشمل تهديدا بقتله وقتل زوجته وابنتيه: «نرجو إحاطتكم علما أن اسمكم أدرج بقائمتنا السوداء، حيث تشتمل على أسماء أولئك الذين يعاونون مصر فى إنتاج الأسلحة المدمرة، وكلما بكرتم بترك العمل فى خدمة مصر، كلما كان هذا بمثابة منجاة لكم». 
 
 فى يوم 5 مارس 1965 تم القبض على «لوينز»، وعوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة فى 21 أغسطس 1965، وبسجن زوجته ثلاث سنوات.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة