محمود عبد الوهاب جاد يكتب: على حافة الهاوية نتغير

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017 04:00 م
محمود عبد الوهاب جاد يكتب: على حافة الهاوية نتغير قبر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى واحد من أروع المشاهد السينيمائية، اصطحب الطفلُ "جاكوب" الرجلَ الفضائى "كلاتو" إلى قبر أبيه، وطلب من هذا الفضائى .. صديق الأرض الذى هبط إليها فى صورة إنسان .. أن يستخدم قواه الخارقة فى أن يعيد الأب إلى الحياة مرة أخرى. طفل فى العاشرة من عمره لا يدرك بعد حقيقة الموت لكنه يعيش بين ألم الفراق وأمل أن يعود الغائب من موته كالعائد من السفر.

 

لكن جاء جواب الفضائى مخيباً لآمال الطفل، وأخبره بكل أسف أن هناك أشياء لا يمكنه القيام بها. إلا أن الطفل تجاهل جواب الفضائى وأخذ يتوسل إليه ويرجوه، فما كان بوسع هذا الأخير إلا أن نظر إلى الطفل بعطف وقال له بصوت حزين "جاكوب. حقيقة، لا شىء يموت إلى الأبد. الكون لا يُضيع شيئاً. كل شىء ببساطة يتحول". نعم فالموت ما هو إلا مرحلة فاصلة بين الدنيا الفانية والآخرة الأبدية. لكلٍ منا دوره وأثره فى هذه الحياة، فلنقم بكل ماهو نافع، كما أن دوام الحال من المحال.

 

يبدو أن (جاكوب) قد أدرك الحقيقة المُرة، فبرك على ركتبيه أمام قبر أبيه فى ضعفٍ وانحناء، ثم تهنف وأجهش بالبكاء على أبيه حتى جاءت الدكتورة (هيلين) أرملة أبيه وحاضنته فنزلت على الأرض وضمته إليها وهو ينوح "لقد تركنى وحيداً". نظرت إليه وهى تضع كف يدها على كتفه وتتحسس بظهر كف اليد الأخرى بكل حنانٍ وجنتيه تمسح له دموعه وهى تخاطبه "لا ياحبيبى. أنت لست وحيداً، وهو لم يتركك، إنى أراه فيك طيلة الوقت". لقد تأثرتُ بالمشهد حتى أنى بكيت. لم أشعر للحظة أنه مشهداً تمثيلياً، فقد أجاد الطفل الدور بكل واقعية وصدق .. لما لا وهو (جِيدن سميث) الابن الأكبر للمثل العالمى (ويل سميث). فكما يقولون ابن الوز عوام .. لا أدرى إن كان بكائى تعاطفاً مع الطفل، أم اشتياقاً لأبى الذى ما إن تذكرته بكيت رغم مرور أكثر من عقدين على رحيله ورغم أنى كنت فى الثانية عشر من عمرى. فالأيام قد تُنسيك كل شىء إلا من رحلوا عنا من أحبتنا.

 

مشهد القبر كان بمثابة النقطة الفاصلة فى الفيلم الأمريكى (اليوم الذى ظلت فيه الأرض صامدة) والذى دارت أحداثه حول (كلاتو) الذى جاء من الفضاء لكى ينقذ الأرض من تدمير البشرية لها. كانت مهمته أن يطالب البشر بتغيير سلوكهم وإلا سيقضى عليهم فى سبيل أن تحيا الأرض. أما الدكتورة (هيلين) عالمة الأحياء الفلكية، فكانت مهمتها دراسة هذا الفضائى بتجنيد من الحكومة الأمريكية. وكانت (هيلين) أول من صافح (كلاتو) كما ساعدته فى الهرب عندما احتجزته الحكومة الأمريكية وتعاملت معه عسكرياً بدلاً من إقامة الحوار، لكن فى اللحظة الأخيرة تُغير الحكومة من سياستها بعد أن أدركت الخطر الأكيد، وأن العمليات العسكرية تزيد الأمور سوءً، فانصتوا إلى (هيلين) بأهمية الحوار والتغيير لإنقاذ البشرية من الدمار. حدث ذلك فى الوقت الذى تأثر فيه (كلاتو) بما دار عند أمام القبر، فتحركت مشاعره تجاه البشر، واستجاب أخيراً إلى محاولات (هيلين) بوقف الدمار عن البشرية. ثم رحل عن الأرض وهو يقول "على حافة الهاوية، نتغير".

 

إنها رسالة من صناع الفيلم للبشرية عامةً والحكومات خاصةً بأن الموت قادم لا محالة، فإما أن تجدوا إرادة التغيير، وتسعوا لحل المشاكل بإقامة الحوار السلمى بعيداً عن الحلول العسكرية، وتصلحوا فى الأرض، وإلا فسوف تُدمرون البشرية بأعمالكم. ألم يحن الوقت لنتوقف عن تدمير عالمنا؟ ألا نتغير قبل أن نصل إلى الهاوية؟










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة