"الغنوشى" يخلع "عباءة الإخوان" طمعا فى سرقة تونس.. حركة النهضة تستعد مبكرا لـ"معركة الرئاسة".. زعيمها يوطد علاقاته الدولية ويبدأ خطة جذب المستقلين فى "البلديات".. ومراقبون: الجماعة تتلون وفكرها المتطرف لا يتغير

الأحد، 13 أغسطس 2017 02:30 م
"الغنوشى" يخلع "عباءة الإخوان" طمعا فى سرقة تونس.. حركة النهضة تستعد مبكرا لـ"معركة الرئاسة".. زعيمها يوطد علاقاته الدولية ويبدأ خطة جذب المستقلين فى "البلديات".. ومراقبون: الجماعة تتلون وفكرها المتطرف لا يتغير راشد الغنوشى زعيم إخوان تونس
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخول القصر له بروتوكول.. الإلتزام به حتمى على كل من يرغب فى ذلك، وهو أمر يعلمه راشد الغنوشى زعيم إخوان تونس جيدا وبدأ التخطيط له بشكل حثيث، حيث لم يستطع إخفاء تطلعاته للوصول لمنصب الرئاسة على الرغم من أن الانتخابات يبقى عليها أكثر من عام، وكشفت تحركاته فى الآونة الأخيرة أن الحركة الإسلامية فى تونس مازالت متمسكة بحلم السلطة الذى ظل لسنوات يراودها وتعمل جاهده للوصول له رغم المعوقات.
 
 
رئيس الحركة والعقل المدبر لإخوان تونس أشعل المعركة لقصر قرطاج مبكرا عندما خلع ثيابه التقليدية وبدل قناعاته السياسية، وكشف بشكل جلى عن أن النهضة لم تتخلى عن طمعها فى السلطة وأنها إذا كانت تركت المقاعد الأمامية خلال العامان الماضيان طواعية، فأن ذلك كان من باب المهادنة السياسية بعد أن تعرض الإسلام السياسى فى المنطقة العربية إلى انتكاسة، فالحركة التونسية أثبتت أنها استطاعت أن تخفض رأسها للموجه حتى تمر، وتنازلت عن الحكم فى تونس وعادت إلى المرتبة الثانية لتحتفظ بمكانها فى الحكومة والبرلمان وترتيب صفوفها الأمامية استعدادا للقفز على الكرسى الرئاسى.
 
 
ظهور الشيخ الإخوانى مرتديا رابطة العنق للمرة الأولى فى حوار الأسبوع الماضى لم يكن إلا إعلان صريح عن أنه انتهى من الإعداد السياسى للمنصب الرئاسى ولم يبقى سوى أن يسوق لنفسه على أنه رجل دولة، وعلقت صحيفة الشروق التونسية على هذا قائلة "إن الغنوشى لم يعتد على ارتدائها وهو ما يجعل تغيير موقفه منها يحمل رسائل فمظهر السياسى عادة ما يكون له علاقة بتطلعاته".
 
 
وأضافت الصحيفة أن تبديل ثياب الشيخ والتزامه برابطة العنق صحبه تغيير فى الرسائل السياسية التى بدت أوضح مما سبق، حيث وجه عدد من الرسائل السياسية المباشرة كان أهمها إثارته لقضية الانتخابات الرئاسية، ودعا صراحة رئيس الحكومة يوسف الشاهد لعدم الترشح لرئاسية 2019 وهو أحد أبرز المنافسين على الساحة التونسية لسباق الرئاسة.
 
 
تلك الدعوة دفعت بالمتابعين إلى طرح فرضية استعداد الغنوشى لترشيح نفسه لهذه الانتخابات، فيوسف الشاهد يحتل منذ أشهر رأس القائمة فى استطلاعات الرأى حول نسب رضا التونسيين وبدأت تلتف حوله قواعد شعبية تناصر الحملة التى يقودها على الفساد ، وحول نوايا التصويت يبدو الأوفر حظا مقارنة بمن ظهرت عليهم مؤشرات الرغبة فى الذهاب نحو قصر قرطاج على غرار السياسى محسن مرزوق وحافظ قائد السبسى نجل الرئيس الحالى.
 
 
ولم يعد خافيا أن حديثا يدور فى كواليس اجتماعات حركة النهضة حول ترشح الغنوشى لرئاسة 2019، خاصة بعد تمسكه بإنجاح خيار إدخال تغييرات جذرية على الحركة، حيث حمل المؤتمر العام الأخير تغير جذرى فى الفكر الأيديولوجى بعد أن قررت الفصل خلاله بين الشأنين، السياسى والدعوى، وتبرأت تماما من الإسلام السياسى والتنظيم الدولى للإخوان والذى أصبح اسمه مقترنا بالإرهاب بعد أن نجحت مصر فى إسقاط حكم الجماعة وكشف الوجه القبيح لها.
 
 
الغنوشى أكد فى تصريحاته أن حركة النهضة تبرأت من توصيفها بـ"الحركة الإسلامية" أو "الإسلام السياسى"، واصطفت وراء مفهوم جديد يسمى "الإسلام الديمقراطى"، وقال "إن الإسلاميين فى تونس جزء من المجتمع والنهضة حزب وطنى وتونسى ولا يمكن تعريفها خارج إطار تونس الديمقراطية والتوافقية"، وهو ما اعتبره المراقبون رسالة معدة للاستهلاك الداخلى وللتصدير الخارجى وترتكز على اعتبار النهضة ليست جزءا من جماعة الإخوان التى أصبحت مطاردة حاليا فى المنطقة ومحاصرة دوليا.
 
 
رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهارونى، أكد طموح رئيس الحركة بل وأعرب عن دعم النهضة لها، حيث قال "الغنوشى له من الكفاءة والوطنية اللتين تخولان له الترشح للانتخابات الرئاسية "، مؤكدا أن القانون الأساسى للنهضة ينص على أن حق الترشح لهذه الانتخابات هو لرئيس الحركة، أو لمن يعينه قبل أن تتم تزكيته من طرف مجلس الشورى.
 
 
وشدد على دعم مجلس شورى الحركة لتصريحات الغنوشى التى أطلقها مؤخرا وأثارت جدلا فى الأوساط التونسية وفى مقدمتها دعوته لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وقال الهارونى إن تصريحات الغنوشى تمثل حركة النهضة وكامل مؤسساتها.
 
 
هذا الدعم الذى منحه مجلس شورى الحركة للغنوشى جعله يتحرك بثقة خاصة على الساحة الدولية والعربية، وأصبح له نشاط مكثف من خلال جولات خارجية وتدخله فى أزمات المنطقة بحثا عن دور إقليمى، واستطاع أن يكون شبكة علاقات تنافس علاقات الدولة نفسها، وداخليا تستعد الحركة إلى الانتخابات المحلية والتى ستمكنها من تثبيت سيطرتها على أهم مجالات سلطات الدولة المحلية، وفى هذا الإطار غازلت الحركة المستقلين للترشح على قوائمها لضمان قاعدة عريضة ومتنوعة تمكنها من السيطرة التى تسعى لها.
 
 
كل تلك الخطوات وضعها المراقبون فى إطار التطورات التى تتطلبها السياسة، إلا أنهم اعتبروا أن هذا الترشح قد يكون سلاحا ذا حدين بالنسبة للحركة الإخوانية، حيث اعتبر البعض – وفقا لصحيفة الشروق التونسية - أنه سيساهم فى تحقيق أحد أحلام الإسلاميين فى تونس التى عجزوا عنها طيلة السنوات الماضية وهى تولى منصب رئيس الجمهورية، كما أنه سيرضى طموح الغنوشى الذى يرغب فى تتويج مسيرة مشواره السياسى التى امتدت على عشرات السنين ويدخل به التاريخ من بابه الكبير، خصوصا أن رئاسية 2019 قد تكون فرصة لن تتكرر فى ما بقى من مشواره السياسى وقد لا تتكرر أيضا بالنسبة للنهضة وهى فى وضعية سياسية مريحة وقوية كالتى تعيشها الآن.
 
 
إلا أن الصحيفة حذرت من أن القرار بقدر ما له من مزايا شخصية وأخرى سياسية بقدر ما يمكن أن تكون له ارتدادات سلبية،  فالتونسيون جربوا الإسلام السياسى على مستوى الحكومة خلال عام 2012 لكنهم وقفوا على فشله نسبيا وهو ما كاد يدخل البلاد فى منعطف خطير، لولا تجربة الحوار الوطنى التى أعادت تعديل الأوتار السياسية نسبيا.
 
 
فرغم محدودية صلاحيات رئيس الجمهورية، إلا أن وصول أبرز رموز الإسلاميين إلى الرئاسة لا يجب أن يتحول فى ما بعد إلى أداة للمس بمكتسبات التونسيين من حرية وديمقراطية أو بنمط العيش أو بثوابت الجمهورية ومدنية الدولة، فالصورة التى يحاول الشيخ التونسى الترويج لها حول الاعتدال والتزام الديمقراطية ومبادئ الدولة لا تعنى خروجه من تحت عباءة الحركات الإسلامية المتأثرة بشدة بفكر الإخوان، فتلك الجماعات تتلون بين آن وآخر للحفاظ على بقائها ولكنها لا تتغير فكريا وعقائديا.
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة