د. سامى عبد العزيز

إحنا ليه ما بنفرحش لبعض؟!!

الخميس، 10 أغسطس 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس حدثا مفردا يمكننى تجاوزه، وليس موقفا عابرا يمكننى التغاضى عنه، وليس ظرفا طارئا يمكن عبوره بسرعة، ولكنها ظاهرة أصبحت منتشرة، وطقوس أصبحت مستمرة، وحالات شعورية أصبحت دائمة، وهى أننا لم نعد نفرح لبعضنا البعض، ولم يعد يسعدنا أن يحقق أحدنا نجاحا.. الناس لم تعد نفوسها صافية، ولم تعد مشاعرها نقية، ولم يعد صدرها واسعا، بل ضيقا حرجاً كأنه يصّعد فى السماء.. أكثر من موقف عاصرته مؤخرا لإنجازات تم تحقيقها سواء من جانب أفراد أو جانب مؤسسات، وأرى الناس من حولى لا يفرحون، ولا يسعدهم النجاح، تماما كما لخصها عميد الأدب العربى ذات يوم، عندما أهدى كتابه إلى «الذين لا يعملون، ويؤذى نفوسهم أن يعمل الآخرون»!
 
المؤكد أن دائرة الفشل تجذب الأفراد وتجعلهم يعيشون فى دوامة.. الفشل يؤدى إلى الفشل، وليس أصعب على نفس المرء من أن يكون فاشلاً ويرى أمامه نموذجا ناجحا.. يتمنى فى قراراة نفسه أن تبلع الأرض هذا الناجح، وأن ينمحى من الموجود تماما حتى لا يساوره هذا الإحساس بالفشل.. أقدر ذلك، وأعلم أنه داء يمكن علاجه، غير أن المرء يتعجب عندما لا نفرح بالإنجازات العامة، نحن لم نعد نفرح للمجتمع، كما لم نعد نفرح للأفراد.. وهى حالة غير إيجابية على الإطلاق، وهى حالة تشدنا إلى الأعماق، ولا مفر من الغرق.
 
للدكتور أحمد زويل رحمه الله «الذى تمر هذه الأيام ذكرى السنوية الأولى له» مقولة شديدة الصدق لتوصيف حالنا، إذ يرى أن «الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل»، وفى حالة العجز عن إفشال الناجح فنحن لا نفرح له، ولا نسعد بنجاحه، ونشيع الحزن فى أرجاء المعمورة..
 
هل هى حالة مزاجية عامة للشعب المصرى مؤخراً؟ هل أصبح طبيعيا ألا نفرح لبعضنا البعض، وألا نسعد بنجاح الدولة ككل؟ المشككون فى كل مجال، وفى كل إنجاز يملأون الأرض صياحا، وصوتهم دائما الأعلى.. الداعون إلى الفشل والحزن صوتهم أعلى من الداعين إلى السعادة والاستبشار.. إنجازات الزعيم الوطنى سعد زغلول فى كوم، وعبارته الشهيرة «مفيش فايدة» فى كوم تانى.. أصبح الناس فى بر مصر يتذكرونها أكثر من أسمائهم.. لدينا ولع غير عادى بالكآبة والحزن والتأييس.
 
البلاد التى اخترعت منصب وزير السعادة لم تصنعه رفاهية، ولم تضفه دلعا.. بل هى أدركت أن الشعوب التى لا تفرح لا تنجز.. الاكتئاب لا يحقق فائضا، ولا يحقق إنجازا.. السعداء فقط هم الذين ينجزون، ويبنون، ويتقدمون.. الذين لا يفرحهم إنجاز الآخرين يأتى عليهم الوقت ولا يفرحون بإنجازهم الشخصى، يتساوى لديهم الفشل والنجاح.
 
هل تتذكرون «قاسم السماوى» الشخصية الشهيرة للرائعين أحمد رجب ومصطفى حسين، وعبارته الشهيرة «جتنا نيلة فى حظنا الهباب»!.. الشخصية السماوية منتشرة فى ربوع بلادنا تنفث سموم حقدها وفى حاجة لمن يردها عن غيها.. إذا ضعفت الخصال الحميدة فى شخصية المصرى وفى مقدمتها الفرح لنجاح الآخرين من ناحية، والفرح لنجاح المجموع من ناحية أخرى فلن ننجح فى يوم من الأيام.
 
فى بعض الأحيان، تصيب الأمم حالة من حالات الاكتئاب مثلما يصيب الفرد تماما، وتحتاج إلى تغيير المود، وإلى غير قليل من الفرفشة، لإعادة ضبط المصنع.. افرحوا لأنفسكم، وللآخرين، فالفرح هو مقدمة التقدم إن شاء الله.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة