حسن طلب يتحدث عن قصيدته "شىء عبر لا شىء" بعدما ألقاها فى ألمانيا والنمسا

السبت، 29 يوليو 2017 06:00 ص
حسن طلب يتحدث عن قصيدته "شىء عبر لا شىء" بعدما ألقاها فى ألمانيا والنمسا الشاعر الكبير حسن طلب
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

احتفت كل من ألمانيا والنمسا، فى بداية شهر يوليو الحالى، بالشاعر الدكتور حسن طلب من خلال أمسية "حسن طلب شاعرًا.. ومارتن هايدجر فيلسوفًا" والتى نظمتها وزارة الثقافة النمساوية بالتعاون مع وزارة الثقافة الألمانية.

 

وانطلقت الفعالية بمسرح أوبرا ولاية بافاريا مسقط رأس الفيلسوف الكبير "مارتن هايدجر"، وقام "طلب" بإلقاء عدة مقاطع من قصيدته ألفلسفية (شىء عبر لا شىء)، يتخللها فقرات لنصوص فلسفية لـهايدجر" تحاكى موضوع فلسفة الشىء، وجاء ذلك بمصاحبة خلفية موسيقية من رباعية "بيتهوفن" الوترية، تقدمها الأوركسترا السيمفونى لأوبرا سالزبورج بقيادة صوليست الكمان "فرانك شتادلر"، وبالتعاون مع أوركسترا أوبرا بافاريا السيمفونى.

 

وقال حسن طلب لـ"اليوم السابع" إن قصيدته "شيء عبر لا شىء" قصيدة فلسفية الطابع تنظر من خلال الحوار بين نظرتين، إلى قضية (الوجود) على إطلاقه؛ لتكشف العلاقة بين الإنسان من جهة، والأشياء المحيطة به من جهة أخرى: الأشياء العادية التى نستخدمها فى حياتنا اليومية؛ وقد نحبها ونعتز بها ونفسح لها مكانا فى فضاء الذاكرة؛ وفى هذا السياق قد يتبادل الإنسان والشىء موقعيهما؛ إذ قد يتحول الإنسان إلى شىء عن طريق إنسان آخر؛ حين لا ينظر إليه هذا الآخر إلا على أنه مجرد وسيلة لتحقيق أغراضه الخاصة؛ بينما قد يتأنسن الشىء أو يتشخصن ليصبح كالإنسان موضوعا لعواطفنا، وقد نحاوره أحيانا ونناجيه. إنها علاقة مركبة لم يجرؤ على محاولة استكناه أسرارها غير الفلاسفة الكبار منذ "كانط" و"هيجل" إلى "هايدجر" و"سارتر".

وتابع "طلب" إذا كان من حق الشاعر المعاصر أن يتطلع إلى المغامرة بفنه فى أرض لم يحرثها غير الفلاسفة؛ فإن له فى عباقرة الشعر على مر العصور أسوة؛ وعلى رأسهم فى التراث الغربى شكسبير وجوته، وفى تراثنا: أبو العلاء المعرى؛ وستظل التأملات الفلسفية أقرب الفنون النثرية إلى عالم الشعر.

 

وعن الرحلة إلى النمسا قال حسن طلب "كانت الرحلة فرصة نادرة للتفاعل الحى بين نص شعرى ينتمى إلى ثقافة الشرق من جهة؛ ونص فلسفى ينتمى إلى ثقافة الغرب من جهة أخرى؛ أمام جمهور نوعى مثقف يعرف أين يلتقى الشعر والفلسفة وأين يفترقان؛ وقد بدا هذا واضحا من اهتمام الجمهور بمتابعة إلقائى للنص العربى الذى لا يصل منه للمتكلمين بالألمانية إلا إيقاع اللغة العربية وجرسها الموسيقى؛ ثم متابعتهم لإلقاء الترجمة التى تنقل إليهم الدلالة أو المعنى؛ وقد جاءت الفواصل الموسيقية وكأنها تقيم جسرا إضافيا بين الشعر والفلسفة؛ بقيادة عازف الكمان: "فرانك شتادلر Frank Stadler)؛ ومعه الفنان المصرى المقيم بالنمسا: حسام محمود".

 

 وأضاف "طلب" لعل وزارة الثقافة عندنا تستفيد من هذه التجارب التى تقارب ما بين الثقافات من جهة، وبين الفنون على اختلافها من جهة أخرى؛ والجدير بالذكر أن الجمعيات والهيئات الثقافية المستقلة فى الغرب؛ تنهض بالدور الأساسى فى مثل تلك اللقاءات الثقافية؛ أما وزارة الثقافة فتقوم بالدعم المادى دون تدخل يذكر فى تنظيم تلك اللقاءات وتحديد موضوعها والمدعوين إليها.

 

مقطع من قصيدة: (شىء عبر لا شىء)

: وهو على هيئة حوار بين نظرتين متقابلتين

 - يا سيِّدى: تلكَ الحقيقةُ.. أيْنَها؟

   إنِّى قـرأتُ..

   قرأتُ ثم قرأتُ سِفْرَ الشىءِ.. فاسْتظهرْتُهُ

   لكنَّ شيئًا لم يَبِنْ لِى فى السُّطورِ وبينَها!

   لو بانَ لى شىءٌ لما أنْكرتُهُ

   لا شىءَ يُفْهمُ فى الكتابِ..

   وها هُنا: لا شىءَ يَحدثُ يا رَفيقى!

   ليس من شىءٍ هُنا

   لا شىءَ يَلفِتُ ناظرِى.. لا شىءَ يَقرَعُ مِسْمَعِى

   فَانْظرْ معِى

   لِتَرى شموعَ الشىءِ خافتةَ السَّنَا

   وتَكادُ تلفِظُ آخِرَ الأنفاسِ.. فى ليلٍ

   تُخيِّمُ غاشِياتٌ من حَنادِسِهِ على ناسٍ

   هُمُو بالضَّبطِ كالأشياءِ: خاليةٍ من الإحساسِ!

   إذْ لا شىءَ يسطَعُ عنْدَ شىءْ

        لا شىءَ ينشَقُ ورْدَ شىءْ

         لا شىءَ يقطِفُ شَهْدَ شىءْ

        لا شىءَ يخطُبُ وُدَّ شىءْ

          لا شىءَ يشهَدُ مجْدَ شىءْ

           لا شىءَ ينظرُ وعْدَ شىءْ!

   يا سيِّدى: لا شىءَ يظهَرُ أو سيظهرُ ها هُنا

   لا شىءَ.. لا أو شِبْهَ شىءٍ

   لا .. ولا حتَّى اسْمَ شىءْ!

*** ***

- فَلْتحترِسْ  يا صاحِبِى: لا شأنَ للأشياءِ بالأسماءِ..

   بالمعنى الدَّخيلِ على هُوِيَّتِها

   وباللَّفظِ الذى نحنُ اخْترعْنَاهُ

   فالشىءُ يُخفِى سِرَّهُ عنَّا

   ويَحجُبُ عن شُعاعِ العقلِ معْناهُ

   ......................

   الشىءُ يتركنا نواصِلُ رحلةَ العمْرِ القصيرِ.. ولا نَعِى

   حتى تفاجِئَنا نهايتُها

   فمن زمنٍ أضاعَ وُجودَنا عبثًا.. إلى زمنٍ أضَعْناهُ!

   فإذا تَحايلْنَا

   فأبْدَلْنا بعصرِ ثقافةِ الأشياءِ: عصرَ ثقافةِ الأسماءِ

   سوفَ يظلُّ طيْفُ الشىءِ يرقُصُ حولَنا

   فالشىءُ يخدَعُنا.. ونحنُ نَظنُّ أنَّا قد خدَعْناهُ!

   إذْ أنَّهُ يبدُو لنا- فى الجَهْرِ- مُمْتَثلا مُطيعًا ..

   بينما- فى السِّرِّ- يَصْحبُنَا إلى حقلِ الوجودِ

   لِنبذُرَ الأيَّامَ والأعوامَ فيهِ

   وهْوَ مُختبِئٌ بِمِنجِلهِ لِيحصُدَنا.. ويحصُدَ ما زَرعْناهُ!

   الشىءُ يَخلُقُنا.. ويُهْلِكُنا!

   يُدرِّبُنا على اسْتنساخِ أَنفُسِنا

   وتكْيِيفِ الحواسِّ الخمسِ..

   وَفقًا للّذِى كُنَّا- بفضلِ الشىءِ قِدْمًا- قَدْ وعَيْناهُ!

   وكذلِكَ اعْتدْنَاعلى ما يَقْتضِيهِ الشىءُ من أشياءَ

   أَصبحنا صَنيعةَ ما صَنعناهُ!

   فإذا تَعامَى الشىءُ عنَّا.. أو تجاهَلَ ما نُريدُ

  وكان يصمُتُ إن عَصيْناهُ

   فلأنَّهُ لا شكَّ يعرِفُ أنَّنا: يومًا سنَنْظرُ بغتةً

   فإِذا بنا- من حيثُ لا ندرِى- أطعْنَاهُ!

   لِنظلَّ نَرقصُ دونَما حَرجٍ بِحضرَتهِ

   على اللحْنِ البُدائىِّ

   الذى كُنَّا نَسِينا أنَّنا يومًا سمِعناهُ!










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة