عبد الفتاح عبد المنعم

حكاية مشروع الشرق الأوسط الجديد فى الملفات السرية للأمريكان

السبت، 22 يوليو 2017 12:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد ظهر تغيير كبير فى التعامل الأمريكى مع العالم والساحة الدولية والمفاعيل الدوليين، فأصبحت ترتكز فى التعامل مع دول العالم من خلال المفاهيم التالية، كما يقول الباحث محمد ضياء الدين محمد، فى بحثه المهم «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر»:
 
1 - التوسع فى مفهومى الحرب الوقائية والاستباقية.
 
2 - تقسيم العالم إلى أصدقاء وأعداء دون وسطية، وإطلاق التهديد لدول العالم عبر مقولة «إما أن تكون معنا أو تكون مع الإرهاب».
 
3 - بلورة ما يسمى بمحور الشر وإظهاره، والعمل على عزله، حتى يسهل القضاء عليه.
 
4 - التركيز على منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامى كمسرح رئيس لمصالح الولايات المتحدة عبر البحار، وساحة لصراعاتها الخارجية.
 
لقد أدت أحداث سبتمبر إلى ظهور مشروع أمريكى جديد يهدف إلى إعادة صياغة خريطة جيوسياسية جديدة تعيد ترسيم الحدود والتوازنات العالمية، لا سيما فى منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامى، ومن هذا المنطلق جاء «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وتم الإعلان عنه من قبل مجموعة الدول الثمانى الكبرى فى يونيو 2004، وفى العام نفسه فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سوريا، تنفيذًا لقانون أصدره الكونجرس الأمريكى تحت عنوان «محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية»، ونتيجة لهذه السياسات الأمريكية المتقاطعة على المستوى العالمى، والتى لم تراعِ فيها الولايات المتحدة مصلحتها القومية، وتوجهاتها التوسعية الاقتصادية خاصة، بالإضافة لإحكام السيطرة على العالم.
 
لقد أدت أحداث 11 سبتمبر إلى بعث نظرية «صراع الحضارات»، على اعتبار أن هذه الأحداث تمثل تجسيدًا ماديًا حيًا لصراع بين جماعات بشرية مختلفة فى العقيدة والحضارة والدين، وعليه فقد أصبح النظام الدولى بعد 11 سبتمبر عبارة عن صورة لهم تتربع عليها الولايات المتحدة، لتصبح القطب الوحيد فى العالم، حيث بدت السياسة الأمريكية وكأنها تستهدف إعادة تشكيل العالم، وبدا الآخرون وكأنهم فى حالة استكانة واستسلام، ولكن- فى الوقت نفسه- كانت هنالك بوادر مقاومة تنبئ بأن الشكل النهائى لما بعد سبتمبر لم يتحدد بعد.
 
إن الحرب الأمريكية على الإرهاب هى حرب فيما وراء الجغرافيا، لأنها ليست مقصورة على مكان محدد فى الأرض، ولذلك فعند سقوط حكومة «طالبان» فى أفغانستان، تحول الاهتمام الأمريكى إلى العراق، ثم أخذت تبحث عن وسيلة لنقل الحرب إلى سوريا ولبنان، يساعدها فى ذلك التحريض الصهيونى ضد هذين البلدين المقاومين للهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة، ولذلك فإن الولايات المتحدة قادرة على إدارة النظام الدولى والعلاقات الدولية، لأنها تمتلك خبرة متراكمة فى مجال تسيير العلاقات الدولية، والتعامل مع الأزمات الدولية، والتناغم والتكامل بين الرؤية والقوة، والتكامل مع أجهزة ومؤسسات صنع السياسات الخارجية وإدارة العلاقات الدولية، وشكلت أحداث سبتمبر نقطة انطلاق لتغيير فى أنظمة بعض الدول أو الوحدات التى تشكل عضوية النظام الدولى على نحو يكرس أحادية القطب الأمريكية، وسيطرته على النظام الدولى، وينشر «مبدأ الحرية» بالفهم الذى اتخذته الولايات المتحدة معيارًا لسياساتها منذ لحظة انخراطها فى شؤون العلاقات الدولية، حيث تحولت الولايات المتحدة إلى قوة داعمة إلى تغيير النظام الدولى، حتى لو استلزم الأمر عدم احترام مبادئ السيادة الوطنية، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية، وصنع التغيير مع الغير بائتلاف مع الدول الحليفة الجاهزة للتدخل والمؤمنة به، مثل بريطانيا، وإلا فيجب أن يحدث التغيير بتدخل أمريكى منفرد.
 
يرى هنرى كيسينجر، وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، أن اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر2001 هى:
 
الاتجاه الأول: مثلت أحداث سبتمبر نقطة تحول فى صياغة النظام العالمى للقرن الحادى والعشرين، حيث إنها أدت بصورة واضحة إلى تعزيز المكانة العالمية للولايات المتحدة، ودفعت القوى المنافسة، مثل أوروبا الموحدة واليابان وروسيا الاتحادية والصين والهند، إلى التعاون بصورة وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهى مسألة لم تكن متوقعة قبل هذه الهجمات، مما أدى لبناء علاقات شراكة بين هذه الأطراف والولايات المتحدة. ويرى «كيسنجر» أن هذا الوضع أدى للمرة الأولى خلال نصف قرن أن تكون الولايات المتحدة لا تواجه خصمًا استراتيجيًا، أو أى بلد وحيد أو متحالف يستطيع أن يصبح منافسًا لها، بل إن الدول الكبرى أصبحت ترى أن الخطر الذى يتعرضون له جميعًا لا يأتى عبر الحدود، وإنما من الخلايا الإرهابية المزروعة داخل بلدانهم أو من النزاعات الإقليمية، مما يعنى أن الجغرافيا السياسية قد شكلت اتجاهًا جديدًا فى العلاقات الدولية، حيث أصبحت محور ارتكاز فى السياسات الدولية، وسياسة الولايات المتحدة بشكل لم يسبق له مثيل فى العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت السياسة الأمريكية تميل إلى الانفرادية قبل هذه الهجمات، فإن الهجمات أقنعت الجميع بأن الإرهاب أصبح يمثل خطرًا داهمًا، وأن أيًا من هذه القوى لا يملك بمفرده الوسائل الكفيلة بمواجهة هذا التهديد، مهما كان الاختلاف كبيرًا حول المدبرين الحقيقيين لأحداث 11 سبتمبر 2001، وقد اعتبر البعض هذه الأحداث أولى حروب القرن الجديد.. وغدًا نواصل.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة