زينب عبداللاه تكتب: شكرا آل مريم فأنتم الأغنياء ونحن الفقراء.. بنت البواب أضاءت نور الأمل فصدمت عيونا اعتادت النوم على وسادة الظروف.. وأسرتها علمتنا دروسا فى أصول الحب والترابط والتربية بالفطرة السليمة

الثلاثاء، 18 يوليو 2017 03:27 م
زينب عبداللاه تكتب: شكرا آل مريم فأنتم الأغنياء ونحن الفقراء.. بنت البواب أضاءت نور الأمل فصدمت عيونا اعتادت النوم على وسادة الظروف.. وأسرتها علمتنا دروسا فى أصول الحب والترابط والتربية بالفطرة السليمة الطالبة مريم إحدى أوائل الثانوية العامة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كمن يضيئ النور فجأة فيصدم عيونا اعتادت على الظلام واستغرقت فى النوم على وسادة اليأس وعلقت أحلامها على شماعة الظروف، ظهرت مريم فتح الباب بنت البواب، إحدى أوائل الثانوية العامة التى حصلت على مجموع 99%، وكأنها كائن نورانى جاء من زمن آخر، يحمل قيما وأخلاقا نتحدث عنها ولا نطبقها، قدمت مثلا حيا لكل الشعارات التى نتشدق بها ولا نعرفها،علمتنا هى وأسرتها البسيطة دروسا فطرية فى أصول التربية قد يعجز عن تطبيقها أكثرنا علما وثقافة وخبرة -أو من يدعون ذلك-.

نسفت مريم كل الظروف التى يعلق عليها كل منا أسباب فشله، واستطاعت وأسرتها المكونة من والدها حارس العقار الفلاح البسيط الذى يكاد يقرأ ويكتب بصعوبة، ووالدتها التى لا تعرف القراءة والكتابة وشقيقاتها الأربعة من غرفة بسيطة فى إحدى العمارات التى يقومون بخدمتها وحراستها أن يثبتوا للجميع أنهم يملكون مالا يملكه أكثر الناس غنى وعلما.

 

جاءت كلماتها الصادقة التى انطلقت دون تكلف أو إدعاء،لتحمل كل عبارة درسا عظيما فى الأخلاق.

 

تتحدث بفخر عن والدها: "باقول لزمايلى فى المدرسة أبويا بواب وليا الشرف"، كتبت مريم عنه حين طلبت إحدى المدرسات من الطالبات كتابة قطعة باللغة الانجليزية، مما أثار إعجاب المدرسة بها وبفخرها بوالدها.

 

تشير فى كل عبارة خلال الأحاديث التلفزيونية والصحفية إلى فضل الله وفضل والديها وتتواضع حين تتحدث عن اجتهادها وانتصارها على الظروف، تقول بعزة نفس :"ماعنديش ظروف، إحنا عايشين باشوات وأبويا عمره ما بخل علينا، وفى ناس أحسن منى بكتير وظروفها أبسط من ظروفى".

 

استطاعت مريم أن تحصل على المركز الأول دون دروس خصوصية: "كنت باذاكر واجتهد علشان أعرف المعلومة من الكتب، ولو كنت طلبت من والدى دروس مكانش هيتأخر"، كانت تذاكر فى محل مفتوح على الشارع ويتناوب والدها ووالدتها على الجلوس معها والتخفيف عنها، حتى تنتهى من مذاكرتها وتعود لسكنها لتنام.

 

لم يتوفر لها ما يتوفر للكثيرين غيرها من وسائل تساعدهم على الراحة أثناء المذاكرة وتمنحهم كل أسباب التفوق وحين لا يحققونه يبحثون عن حجج ويفتشون عما يتوهمون أنه ينقصهم ليلقوا بالمسئولية على غيرهم.

 

لم تحقق مريم هذه النجاح والتفوق وحدها، ولكن ساعدها كل فرد من أفراد أسرتها المترابطة فى زمن عز فيه الترابط الأسرى، ذكرت مريم دور كل منهم فى تفوقها، لا تخلو عباراتها من كلمات الشكر والعرفان لوالدها ووالدتها وما يفعلانه من أجلها هى وشقيقاتها: "تعبت وسهرت ومكنتش باشوف النوم علشان أفرح أبويا وامى ومهما عملت مش هاقدر أوفى 1% من اللى عملوه علشانى"، تصف مريم والدها بالأب المثالى وتصف والدتها بالأم المثالية.

 

نشأ والدها الفلاح فى بيئة ريفية تعتبر إنجاب الذكور عزوة وقد يتزوج الرجل أكثر من مرة أملا فى إنجاب ذكر، ولكن والدها المتحضر بالفطرة رأى أن بناته الخمسة ثروة يمكنه أن يستثمر فيها، حرص على تعليمهن رغم أن أهل القرية التى نشأ فيها بالفيوم لا يحرص أغلبهم على استكمال تعليم أبنائهم، لكنه حرص منذ جاء للقاهرة ليعمل حارس عقار على أن يعلم بناته، يقول بفخر: "مريم واخواتها ثمرة حياتى، شغلى وتعبى وراس مالى كله فى عيالى، واخواتها هيطلعوا متفوقين زيها".

 

وعدت مريم والدها وهى فى الصف الأول الإعدادى بأن تجعله يفخر بها وأن تجعل كل الناس يتحدثون عنه وعن أسرتها وأن تثبت للجميع أن البنت يمكنها أن تحقق ما لا يستطيع الولد تحقيقه، وأوفت بوعدها وجعلت مصر كلها تتحدث عن حارس العقار وابنته وأسرته التى تمتلك مالا يمتلكه أغنى الأغنياء "البركة والترابط والأمل والحب وعزة النفس والشعور بالغنى".

 

كل فرد من أفراد أسرة مريم يعمل من أجل الأخر يحرص على سعادته وراحته، وينسب كل منهم الفضل فى النجاح للأخر، تترك أختها الصغيرة إيمان الطالبة المتفوقة فى الصف الثانى الإعدادى مذاكرتها أيام الامتحانات لترتب مكتب شقيقتها حتى تساعدها على المذاكرة فى جو مريح، وتعمل مكانها لتساعد والدتها، لا يهمها إذا نقصت بعض درجاتها بسبب انشغالها فى العمل على راحة شقيقتها طالبة الثانوية العامة.

 

تتحدث الأم بحب مع بناتها، تغلبها الدموع وهى ترى ابنتها فى الفضائيات ومصر كلها تستمع لها والجميع يتمنى أن يرى أبنائه مثلها، وحين تتحدث الأم تصف ابنتها بالفتاة المثالية وترجع الفضل لزوجها وتعبه وحرصه على رعاية بناته وأسرته.

 

تختلف أسرة مريم عن أسر كثيرة، يرجع كل منهم الفضل فى النجاح والتفوق للأخر، بينما يلقى أفراد معظم الأسر مسئولية أى فشل على بعضهم البعض، فيحمل الأبناء أبائهم مسئولية أى مشكلة أو تعثر ويتهمونهم بالتقصير، و لا يركز العديد من الأباء إلا على عيوب أبنائهم ونقاط ضعفهم، ويجلد كل طرف الأخر.

 

"اللى يعيش فى أسرة زى أسرتى مايحتاجش حاجة، ولا يحس بأى عقد، ولازم يتفوق، كل اللى حواليا بيهتموا بيا ويشجعونى، إحنا عايشين فى غرفة واحدة أحسن من قصر كل اللى فيه مشتتين، معظم الأسر بتركز فى الدروس وناسيين الترابط والمتابعة".. هكذا لخصت مريم الفرق بين أسرتها وأسر كثيرة.

 

"ماعنديش فيس بوك ولا تويتر ومابشغلش نفسى بالسوشيال ميديا عندى تليفون علشان اتصل بابويا واطمنه عليا".. وهكذا تحدثت مريم عن أحد أسباب تفوقها، وأحد أهم أسباب انشغال الشباب وسرقة وقتهم.

 

تعلمت مريم من أسرتها أصولا وعادات قد يعتبرها من فى مثل سنها تقييدا لحريتهم، فيقدمون على فعل الكثير من التصرفات دون علم أسرهم، وعندما عرض عليها رئيس تحرير جريدة الجمهورية السفر ضمن رحلة تنظمها المؤسسة لأوائل الثانوية العامة إلى أوربا، شكرته وأكدت أنها لن تستطيع الرد إلا بعد استئذان أسرتها ومشورة والديها.

 

وكما تشعر مريم بالعرفان والولاء لوالديها وأسرتها، تشعر بالانتماء لوطنها، رغم أنها لم تستمتع بما يستمتع به الكثيرون غيرها، أكدت أنها تريد أن تقدم شيئا لمصر، وأن تصبح طبيبة وعالمة تنفع وطنها، قائلة: "بلدى وفرت لى تعليم مجانى فى المدرسة، وهتوفر لى تعليم مجانى فى الجامعة، مش مهم إمكانيات التعليم ده، بس لازم أعمل حاجة لوطنى وأرد الجميل".. تعلمت مريم الانتماء للوطن ولم تفعل مثل غيرها من الشباب الذين يتوفر لهم مالا يتوفر لها، ولكنهم يقضون أغلب أوقاتهم أمام "الكى بورد" يسبون الوطن والظروف على مواقع التواصل الاجتماعى.

 

تتخذ من الدكتور مصطفى مشرفة قدوة لها وتؤكد أن ظروفه كانت تشبه ظروفها، فكان يمشى إلى الجامعة حين سافر إلى الخارج لاستكمال دراسته حتى يمكنه توفير بعض الأموال لإرسالها إلى أسرته البسيطة فى مصر.

تشعر مريم بالغنى وتتحدث وكأنها تملك الدنيا، لأن والدها عم فتح الباب الذى يعتز بعمله ويخلص له ويربى أبنائه من حلال ولا ينظر إلى ما فى يد غيره رباها على الرقى وعزة النفس، ردت بأدب واعتزاز بالنفس على عرض أحد أصحاب المصانع الذى أراد أن يهديها على الهواء 10 أطقم ملابس لتذهب بهم إلى الجامعة، فشكرته وأكدت أنها لا تحتاج شيئا وأنها وافقت على الظهور فى الفضائيات بهدف توصيل رسالة للجميع بأن الثانوية العامة ليست بعبع وأنه يمكن للإنسان التغلب على الظروف لتحقيق حلمه.

شكرا لمريم التى أضاءت نورا انطفأ منذ زمن فصدمت عيونا تعودت على الظلام، وشكرا لوالدها وأسرتها التى أعطتنا دروسا لا حصر لها وعلمتنا ما نجهله وذكرتنا بما نسيناه، شكرا أل مريم فأنتم الأغنياء ونحن الفقراء.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

تحيا مصر

انتى فخر لمصر

والله يابنتى اتمنى ان تكون ابنتى يوما ما مثلك

عدد الردود 0

بواسطة:

مدحت

رائعة

فعلا مريم ، وكأنها كائن نورانى جاء من زمن آخر، يحمل قيما وأخلاقا نتحدث عنها ولا نطبقها، قدمت مثلا حيا لكل الشعارات التى نتشدق بها ولا نعرفها

عدد الردود 0

بواسطة:

ابواحمد

بسمة

يا مريم انت البسمة علي شفاه الوطن والنور علي جبينه بل انت التجسيد الحقيقي للوطن الذي ينهض مهما حاصرته الصعاب . شكرا لك فقد أعدت لنا الأمل فى غد مشرق أما والدك فإنني اطبع قبلة علي جبينه و اشكره علي أنه اهداك للوطن

عدد الردود 0

بواسطة:

Great

الف الف مبروك

بس انا عندي كلمة صغيرة ... السنة اللي فاتت كان فيه ابن بواب برضة... و السنة اللي قبلها كان فيه ابن ساعي....هو ايه الغريب يعني هما ناس زي كل الناس بلاش نحس ان فيه معجزة حصلت هما مش اقل من اي ناس هما زي كل الناس فــ عادي انهم ينجحوا و يتميزوا .... بلاش نقول ان الناس اللي مالهومش لازمة نجحوا و تميزوا عيب كدة ........

عدد الردود 0

بواسطة:

بنت مصرية

الظروف هى شماعة الفاشلين !!

بداية الف مبروك يا مريم وديما من تفوق الى تفوق يا رب , هو طبعا مش هدف الموضوع اننا نقول للناس ان الناس ( اللى ملهمش لازمة تفوقوا ) لأن أصلا مفيش ناس ملهمش لازمة !! ولا احنا شايفينها معجزة ان حد فقير يتفوق , لأنه عادى جدااا , بنى آدم زى كل الناس , لو عنده اسباب التفوق هيتفوق , واسباب التفوق مش من ضمنها الغنى المالى !! انما هدفنا هنا اننا نقول للفشلة اللى بيعلقوا فشلهم على شماعة الظروف , انه ايا كانت الظروف , لو صاحبها عنده العزيمة والأجتهاد والأيمان والسعى للنجاح هينجح !! لأن لكل مجتهد نصيب , مش مهم بقى المجتهد ده غنى او فقير , سليم او مريض , البهوات اللى قاعدين جمب تلال ملازم المدرسين الخصوصى وبيقولوا اصلنا سقطنا علشان ظروفنا كانت وحشة !! بنقولهم غيركم كان بيذاكر من غير مدرسين على الرصيف فى الشارع ومع ذلك طلع من الأوائل يا دلوعة مامى منك له !! غيركم كان بيذاكر على سرير فى مستشفى وهو مركب كانيولا ومعلق كيماوى او بيعمل جلسة غسيل كلوى ونجح يا حيلة بابى منك لها !! متقولش ظروفى كانت وحشة , قول انك فاشل , ودور على أسباب فشلك وصلحها علشان تتحول لأنسان ناجح , متقضيش بقية عمرك فى دوامة فشلك معلقه على شماعة ظروف وهمية لحد ما يضيع منك عمرك وانت واقف تتفرج عليه !! مبروك يا مريم , الف مبروك .

عدد الردود 0

بواسطة:

midooo

برافووو

وشكرا لمريم ووالدها المحترم ..

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

عظيمه يا مصر

عظيمه يامصر ب أبناءك والف مبروك يا مريم تفوقك يا بنت الاصول اكرمتي والديكي فا أكرومك ربنا

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد مصطفى

عنوانك جارح

أيها الكاتبه زينب عبد اللاه لاتحقري من صفتك للوالد العظيم الذي خلف وربى وأنجب الاولى على الجمهورية بصفه بواب فكان يمكنك ان تختاري لفظ أفضل من ذلك لان بالتأكيد هذا الأب العظيم والام الفاضله اتقوا الله في مصدر رزقهم وبالتالي ربنا طرح البركه والصلاح في بناته فكل الشكر لمريم وابو مريم وأم مريم وأخوات مريم وكل من ساهم في نجاح وتفوق مريم وخالص شكرنا لله عز وجل الذي كلل جهودهم بالنجاح والتفوق

عدد الردود 0

بواسطة:

Dr.Amal

زلزال مريم فتح الباب

ثقه وفخر واحترام مريم بنفسها وباسرتها اوقع زلزالا مدويا فى مصر واصاب الكثيرون من مدعى الغرور والتفاخر بالمال والاملاك فى مقتل وأثبت للجميع ان : - السعادة ليست بالمال والاملاك والسفر الى اوروبا وامريكا للتنزه والشراء وإنما السعادة لها معانى ارقى واسمى لا يعيها فاقدون الترابط الأسرى، - العزيمه والاجتهاد والتحدى والإيمان بالله لإثبات الذات هى متعه الحياه التى لا يضاهيها متعه، - فشل الملتيمديا والمنتميين اليها لأنهم طول الوقت يجرون خلف كذب ووهم وسراب،

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو عبد الرحمن

مبروك الف مرة

مبروك لمريم وابيها وامها واخواتها علي تفوقها برغم الظروف القاسية واتمني من الله ان تكون ابنتي مثل مريم بارك الله لكي يامريم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة