"الزواج القبلى السعيد".. قصص الحب والارتباط وسط الصحارى وعلى قمم الجبال.. المجتمع البدوى يرفض "قهر النساء" ويرفع شعار "المرأة نصف المجتمع".. وإجبار الفتيات على الزواج حالات فردية وليست قاعدة

السبت، 01 يوليو 2017 08:00 م
"الزواج القبلى السعيد".. قصص الحب والارتباط وسط الصحارى وعلى قمم الجبال.. المجتمع البدوى يرفض "قهر النساء" ويرفع شعار "المرأة نصف المجتمع".. وإجبار الفتيات على الزواج حالات فردية وليست قاعدة فتيات يتجولن قبل المشاركة فى حفل زفاف
جنوب سيناء محمد حسين ومحمد سالمان – تصوير حسن محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"أخطر القصص عن ضحايا الزواج القبلى".. "المرأة المقهورة فى المجتمع البدوى".. بالتأكيد صادفتك عناوين مشابهة لهذا النمط أثناء مطالعتك للمواقع الإخبارية، ولا شك أيضًا أنك شاهدت فيلما أو مسلسلا دراميا يتناول قصة فتاة بدوية تحاول الهرب من أهلها لرغبتهم فى إجبارها على الزواج من ابن عمها !.. كل هذا وأكثر شكّل صورة ذهنية لدى الكثيرين عن هذا المجتمع.. فهل هذه هى الحقيقة الكاملة؟.

لكن هل لا تزال هذه الصورة الذهنية عن معاملة الفتيات داخل المجتمع القبلى، كما هى مثل هل يتم إجبارهن على الزواج من أقاربهن إعمالاً بالعادات البدوية المتوارثة؟ أم لا .. وكيف يتم الاتفاق على الزواج أصلاً؟. وهل المرأة البدوية مقهورة ولا تبدى رأيها فعلا ؟.

 

روعة الطبيعة فى مدينة سانت كاترين

تطور الزمن

الطريق إلى التجمعات البدوية نفسه قد يُغير جزءا من صورتك الذهنية عن أحوال البدو، فعندما تشاهد أطباق الرسيفرات فوق المنازل حتى فى الأماكن الجبلية، وإذا دخلت لمنزل ربما تجد شبكة الواى فاى فى انتظارك، ناهيك عن انتشار استخدام السوشيال ميديا بين فئة الشباب.. تلك اللمحات السريعة تُشير إلى أن الزمن ترك أثره على أهل تلك البقاع، وهذا ما أكده شباب ومشايخ القبائل المختلفة لـ"اليوم السابع" فى حديثهم عن الزواج القبلى أو العرفى مثلما يفضلون تسميته وتطوره عن الماضى. 

 

أحد البيوت فى مدينة سانت كاترين

قصص العشق والهوى

يقول رمضان سالم، أحد شباب قبيلة الجبالية فى سانت كاترين، ويتولى إدارة كافتيريا صغيرة فى المدينة: إن الكثير من الروايات الخرافية عن حياة البدو تتمثل فى أنهم يسكنون الخيام، ولا يفعلون شيئا سوى رعى الغنم، لافتًا إلى أن يوجد بيوت بدوية تتابع كل القنوات العالمية، ولديهم شبكات واى فاى وأبنائهم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى.

ويقول الشاب البدوى :"الزواج أصله التفاهم بين الطرفين لذا يجب وجود تعارف بينهما أولاً ليُحدد كل طرف إمكانية استكمال حياته من عدمه"، مضيفًا :"توجد لدينا قصص حب قبل الزواج، ويوجد أحاديث تتم عبر الشاب بين المخطوبين، هنا يوجد مجتمع متحضر لكن يحترم عاداته وتقاليده".

ويُضيف رمضان :"أنا حاليًا خاطب منذ سنتين وسأتزوج عندما تتيسر الأحوال، والاختيار تم بعد قصة حب، وهناك تفاهم بينى وبينها ونحاول اتخاذ قراراتنا عبر المناقشة خاصة أن خطيبتى تتميز بالثقافة العالية رغم حصولها على مؤهل الإعدادية فقط، ودائمًا ما تدعمنى من أجل التطور فى عملى والتركيز فيه".

رمضان سالم يدير كافتيريا والده

 

القاعدة الثابتة

"قد تختلف العادات من القبائل إلا أن القواعد الثابت لا تتغير أبدًا".. هذا ما أكده يوسف القرشى، أحد شباب قبيلة القرارشة بوادى فيران والحاصل على بكالوريوس إعلام، مؤكدًا أن الخطوبة لديهم تعنى التوجه إلى بيت العروسة وطلب يديها وإذا كانت هناك موافقة يتم نحر شاه يُحضرها أهل العريس كدليل على أن العائلتين أصبحا أسرة واحدة، مشيرًا إلى أن فترة الخطوبة قد تطول لأن العريس يتحمل كل شىء على نفقته.

الشاب يوسف القرشى فى مجلس قبيلته

ويؤكد الشاب القرشى أن مصطلح إجبار الفتاة على الزواج، لا توجد نهائيًا فى القاموس لأن هذا مخالف للشرع ببساطة، مضيفًا أن مرحلة نحر الشاة فى العرف القبلى تعادل كتب الكتاب، مشيرًا إلى أن الفتيات يمكنه التراجع طوال فترة الخطوبة لكنها فى نفس الوقت حالات نادرة، وعادةً ما تتعلق بسوء سلوك العريس، لافتًا إلى أن المرأة لها مكانة كبيرة، لذا دائمًا ما يطالب بتعليم الفتيات وسط قبيلته لاسيما أن الأم عندما تكون متعلمة تُساعد فى تطوير مستوى ابنائها، وتدفعهم للمضى قدمًا فى مراحل التعليم المختلفة.

واتفق فى الرأى مع الشاب القرشى الرجل الخمسينى عبد الله صباح، مشددًا على أنه هناك العديد من الخرافات تثار حول عن المجتمع القبلى منها سوء معاملة النساء رغم أن الحقيقة غير ذلك تمامًا، فالفتيات عندنا لدينا لهن حق الموافقة والرفض فى الزواج، وأيضًا نحاول تعليم بناتنا بقدر الإمكان، والدليل وجودهم فى المدارس المختلفة، مشيرًا إلى أنه إذا وجد إجبار فتاة على الزواج فهى حالة فردية بكل تأكيد مثلما يحدث فى أى مكان أو محافظة أخرى.

نادية محمد، مسئولة المجلس القومى للمرأة فى مدينة سانت كاترين، ترى أن الصورة عن المرأة البدوية المتداولة فى بعض وسائل الإعلام ظالمة ولا تقول الحقيقة كاملة عنها، قائلة :"المرأة هنا نصف المجتمع بشكل قاطع لا يقبل التشكيك، كل البدويات يعملن سواء فى المشغولات اليدوية أو الحرفى الأخرى مثل الرعى والزراعة ومساعدة عائلاتهن".

وتضيف مسئولة المرأة :"السيدات هنا لديهن رغبة فى تطوير أنفسهن، والدليل أنى عندما أطلب عدد محدد من الوديان المختلفة لحضور ورشة مشغولات يدوية على سبيل المثال، أجد أعداد كبيرة راغبة فى الحضور سواء الأرامل أو المتزوجات وأيضًا البنات الصغار اللاتى لديهن شغف فى التعليم والتطور".

وتعليقًا على إجبار الفتيات فى المجتمع البدوى على الزواج من أقاربهن، تقول نادية :"زمن الزواج العشوائى انتهى منذ فترة بعيدة، لا توجد قاعدة لدى القبائل البدوية تنص على إجبار الفتيات فى الزواج، فالأمور هنا لا تختلف كثيرًا عن باقى المحافظات مع الاحتفاظ بالطباع القبلى الأصيل".

فتيات يتجولن قبل المشاركة فى حفل زفاف

وتابعت السيدة البدوية :"لدينا فتيات رفضت إتمام الزواج قبل موعد حفل الزفاف بأسبوع، وهناك حالات أخرى انفصلوا بعد شهور من الزواج، ولن أذهب بعيدًا فأنا مثلا متزوجة منذ 15 عامًا ولم يتم إجبارى على شىء على العكس تمامًا أتاح أبى لىّ الفرصة للتعارف أولأ قبل الموافقة المبدئية ثم أقامنا فترة خطوبة لمدة خمسة أشهر قبل الزواج".

وتعليقًا على إمكانية حصولها على فرصة التعارف مع زوجها كونها من متعلمة رفضت نادية محمد تلك الفكرة، قائلة :"لدى خمس أخوات منهن اثنتين متعلمتين، والثلاثة الأخريات غير متعلمات ومع هذا اتبع والدى نفس النهج مع الجميع، عندما يتقدم شخص تتاح فرصة للتعارف المبدئى ثم تقام فترة خطوبة لمدة خمسة أشهر حتى يُتخذ القرار النهائى".

وأضافت :"دائمًا ما يشترط الأب على الفتاة اتخذ قرارها بتأنى وهدوء حتى لا تتراجع عن رأيها سريعًا خصوصا أن البدو يعيشون كعائلات، وحدوث خلافات يؤثر على وحدتهم كثيرًا لذا يكون الاباء حريصون على نجاح الزواج قدر الإمكان"، مشيرة إلى أن هناك فترات خطوبة ربما تستمر لعامين أو ثلاثة أحيانًا حتى يستطيع العريس تكوين نفسه.

جلسات السمر بعد تناول وليمة العشاء

 

أهلا بالتوثيق

بالنسبة لجزئية توثيق عقود الزواج العرفى، عاد يوسف القرشى ليؤكد أن التوثيق هنا أمر شكلى يتم من أجل إتمام الأوراق الحكومية فقط، وغالبًا ما يقوم الشباب بالتوثيق بعد الزواج بفترة إذا احتاج استخراج أى مستندات رسمية سواء السفر أو العمل أو أشياء من هذا القبيل.

ولتوضيح فكرة التوثيق بشكل تفاصيل تقول نادية محمد باعتبارها مسئولة داخل المجلس القومى للمرأة القائم على ذلك الملف فى المجتمعات القبلية،: "السبب الرئيسى فى عدم التوثيق هو التكليف المرتفعة للمأذون، لذا يفضل الكثيرون الانتظار حتى يفتح الباب ويقومون بعملية التوثيق لأنها تكون مدعومة من المحافظة وتتكلف فقط 200 جنيه تقريبًا".

وأضافت نادية إلى أن البدو يحكمهم عرف أشد قوة من القانون ويسرى على الجميع، ويضمن التكافل بين الجميع، وكل شخص يأخذ حقه عن طريقه، وكذلك الزواج يكون على سنة الله ورسوله، لافتة إلى أن التوثيق يكون هدف الحصول على الدعم الحكومى مثل البطاقات التموينية وغيرها مما توفره الدولة للمواطنين. 

وأكدت مسئول المجلس القومى فى مدينة كاترين :"عندما أتحدث عن التوثيق أجد الكثيرون يأتون من الوديان المختلفة، من مختلف الأعمار والأكثر بين الشباب"، موضحًا :"قمنا مؤخرًا بتوثيق 41 عقد زواج الأكبر سنًا كان أعمارهم 53 عاما و50 عاما و48 عامًا بينما الأصغر حديثى الزواج منذ أربعة أو خمسة أشهر وأعتقد أن الاستجابة للتوثيق عالية".

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة