بعد إعلان مصر والسعودية والأمارات والبحرين قطع العلاقات مع قطر فى جميع المجالات وسحب السفراء ومناشدة مواطنيهم الخروج منها حيث أدركت الدول الأربع أن الأخيرة لن تعود عن عنادها، ونفد صبرها بعد خرق الأخيرة للاتفاقيات التى وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون، كما أنها لم توف بوعودها وتهربت كثيرا من مواقفها، خاصة عدم تنفيذ اتفاق الرياض.
التناقض بين مواقف الحكومة القطرية يمثل خطرا كبيرا
وذكرت وكالة أنباء البحرين أن العديد من مواقف الحكومة القطرية متناقضة ولم تعد محل قبول فى هذه المرحلة الحساسة التى تمر بها المنطقة، فاتخاذ موقفين علنيين تظهر فيه الصداقة والمودة بالكلمات وسرى تخطط فيه للتآمر على دول مجلس التعاون والدول العربية لن تتقبله الدول الأربع لأنه أصبح يشكل خطرًا غير مسبوق على مستقبل الأمة العربية، فهذا العبث لابد من وضع حد له، هكذا قررت الدول الأربع وتبعتها العديد من دول العالم فى تأكيد أن هذا التلاعب القطرى لابد له من نهاية وإلا فإن القادم أسوأ.
وأضافت الوكالة أنه كان يجب أن تلتقط القيادة القَطرية الرسائل الواضحة من وراء عقد قمم الرياض الثلاث والبيانات الصريحة التى جاءت بمثابة خريطة طريق للتحالفات والعداوات فى الإقليم، لكن الغريب والملتبس، أن تظل سياسة القيادة القَطرية، كما كانت قبل قمة الرياض، وهو ما يشى بأن تلك القيادة، لم تأخذ على محمل الجد، التحديد الصارم الجديد للأهداف الاستراتيجية الجديدة للتحالف الأمريكى السعودى الجديد.
ووظفت قيادة قطر المال لصناعة النفوذ والمكانة، وهو ما يتجلى أنه ارتد على علاقات قطر خصومات وعداوات شملت: البحرين والمغرب ومصر والأردن والسعودية والإمارات وليبيا وسوريا ولبنان والعراق والسلطة الوطنية الفلسطينية وغيرها.
أسباب الغضب على قطر
وأوضحت الوكالة أن سمات السياسة القطرية هى التخبط، والتورط فى العنف، والمراوغة، وتبديد ثروة الشعب القطرى على ملفات وفصائل وجماعات وأطراف لا مجال لاستمرارها ولا استقرارها، وهو ما أسفر عن انفجار السخط والغضب عليها بهذه الطريقة غير المسبوقة، مضيفه أن التخبط القطرى يظهر فى أبرز وجوهه فى أنها رغم كونها عضوا بمجلس التعاون الخليجى وتعلن تمسكها به، تعمل فى الحقيقة على هدم هذا المجلس بالتدخل فى شئون أعضائه وانتهاك مواثيقه، فحينما تمت الدعوة لإنشاء مجلس التعاون الخليجى كان الهدف منه هو إعلاء مصلحة وأمن واستقرار الدول الخليجية والوقوف صفا واحدا لمواجهة أى خطر خارجى ومساندة بعضها البعض عند حدوث الكوارث وغيرها من متقلبات الحياة اليومية، وقد كان هذا عمل مثمر، إذ استطاع قادة هذه الدول من تكوين رابطة تشبه إلى حد كبير الاتحاد الأوروبى واستمر هذا المجلس يسير فى الاتجاه الصحيح، ويصدر قرارات فى صالح جميع الدول الخليجية وأمنها واستقرارها ورخائها وعزها.
وتشير الوكالة أن قطر أرادت التميز والانفراد بالزعامة، فسلكت الطرق الملتوية حتى تستطيع تحقيق هذا الحلم الزائف، فما كان منها إلا أنها نقضت العهد مع دول مجلس التعاون الخليجى، بل حتى نقض العهود مع دول الجامعة العربية، وبدلا من أن تسير وتشارك فى الدفاع عن الوطن العربى سارعت إلى مد يدها لدولة الإرهاب إيران وأذرعها فى المنطقة وعقد الاتفاقات والمعاهدات السرية معهم، والتى فى مجملها تهدف إلى السعى لزعزعة استقرار الخليج والعالم العربى بمساعدة الأموال القطرية فى إعداد الإرهابيين من شتى بقاع العالم ومن مختلف الجنسيات وبمساعدة آلتها الإعلامية الخبيثة.
وأردفت الوكالة أن مملكة البحرين عانت كأكثر من غيرها من جراء هذا التخبط القطرى، حيث ظهرت قطر فى العلن وكأنها تحاول حماية أمن واستقرار المملكة، وفى السر تقدم الدعم المادى والإعلامى للجماعات الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومما يثير الشك أنها الدولة الخليجية الوحيدة التى لم تلتزم بتسديد التزاماتها التى تعهدت بها ضمن برنامج التنمية الخليجى بدون أى مبرر يدفعها لذلك، فى حين التزمت دول الخليج الثلاث الأخرى به وهى المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، وعلى العكس قامت بتجنيس مواطنين بحرينيين من أجل الإخلال بالتركيبة الديموجرافية للمملكة، فأى عبث هذا الذى تمارسه قطر؟ وألا تدرك أن هذا يرتد عليها فى النهاية، وأن أمن المملكة هو من أمنها وأمن الخليج؟
وتعتبر ثانى الدلائل على هذا التخبط القطرى هو إعلانها رغبتها فى توطيد العمل العربى المشترك بينما تقوم بمحاولات مضنية لتفتيت العالم العربى وزعزعة استقراره، فتقوم بدعم جماعة الإخوان الإرهابية بها، وتأوى قياداتها المطلوبة أمنيا للقضاء المصرى، وتوفر لهم الدعم المالى لينشروا الإرهاب فى مصر كما توفر لهم المنبر الإعلامى، حسبما ذكرت الوكالة.
ونفس الدور تمارسه قطر فى العديد من الأقطار العربية ومن أبرزها ليبيا واليمن والعراق الذى صادر حقائب فى إحدى الطائرات القطرية فى مطار بغداد والتى كانت تحت غطاء دبلوماسى وتحوى 700 مليون دولار كانت بغرض تسليمها لقيادات فى أحد تنظيمات الحشد الشعبى الشيعية العراقية ذات الصلة الوثيقة بإيران بدعوة أنها فدية للإفراج عن رعايا قطريين مخطوفين، كما سبق ذلك دفع قطر مبلغ 300 مليون دولار لقيادات فى ميلشيا كتائب حزب الله فى العراق وقيادات فى الحرس الثورى الإيرانى الموجودة فى العراق وذلك فى نفس توقيت إعلان عدد من قيادات ميليشيات الحشد الشعبى العراقى أنهم يجهزون للانتقال إلى السعودية بعد انتهائهم من الحرب مع تنظيم "داعش".
قطر تدعم الإرهاب سرا
ويأتى ثالث الدلائل على التخبط القطرى هو حديثها عن مكافحة الإرهاب بينما تدعم الجماعات الإرهابية وتقيم علاقات قوية مع أنظمة إرهابية وفى مقدمتها النظام الإيرانى ففى العام الماضى، وقّعت قطر على اتفاق أمنى متبادل مع طهران يتيح لقوات الأخيرة العمل داخل المياه الإقليمية القطرية، لتستخدم طهران هذا الغطاء القطرى فى خلق خلايا نائمة وعميقة فى الداخل القطرى ذاته ولتصدير الإرهاب إلى باقى دول الخليج.
كما تقيم قطر علاقات قوية مع أذرع إيران الإرهابية رغم تصنيفها خليجيا وعربيا ودوليا بأنها منظمات إرهابية كحزب الله والحوثيين الانقلابيين فى اليمن وتستضيف مقرا لحركة طالبان، والغريب فى الأمر، أن قطر تدعم تنظيمات متناقضة فى الهدف وفى الأيديولوجية كتنظيمات داعش والحشد الشعبى، وتنظيم الإخوان وحزب الله رغم البون الشاسع بينها، مما يؤكد صدق الاتهامات الموجهة لها بإذكاء الطائفية فى المنطقة.
التخبط فى سياسات قطر
ورابع الدلائل على ذلك التخبط أن الدوحة التى تنادى عبر قنواتها الإعلامية وعبر مراكز الفكر التى تستضيفها على أرضها أو التى تدعمها خارج قطر بالديمقراطية والحريات وغيرها من الشعارات البراقة وتوجه هذه الأدوات التى تدعمها لانتقاد أى دولة تريدها، دون أن تمتد سهام النقد لقطر وكأنها بدون نواقص، هى نفسها التى تأتى فى ذيل دول العالم من حيث الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
إن هذه الدلائل السابقة وغيرها الكثير يؤكد التخبط فى سياسات قطر وتناقضها فى وضع لا يمكن أن تحتمله المنطقة أو تحتمله قطر نفسها، فنتائج هذا التخبط كارثية، وعلى قطر أن تعى ذلك جيدًا، وأن تعيد النظر فى جميع سياساتها، وأن تقوم بتنفيذ التزاماتها تجاه باقى دول مجلس التعاون الخليجى والدول العربية، ومن أهم هذه الالتزامات وضع حد فورى لتنامى العلاقات مع دولة الإرهاب إيران بعد أن ثبت تورطها فى زعزعة أمن واستقرار الخليج ودعمها للتنظيمات الإرهابية للقيام بعمليات تخريبية فى البحرين والسعودية والإمارات والكويت وغيرها من دول المنطقة، والتعهد بعدم ممارسة أى دور سياسى يتنافى ويتعارض مع سياسات دول الخليج، وأن تلتزم باتفاق الرياض فى 2014 والذى وقعت عليه وأن تلتزم بتنفيذ مختلف بنوده، وطرد جميع العناصر الإرهابية التى تؤويها، ووقف التحريض الإعلامى بإغلاق القنوات الإعلامية الخبيثة كالجزيرة وأخواتها، والاعتذار الرسمى لجميع الحكومات الخليجية عما بدر من إساءات عن هذه القناة التى تقف وراء تسميم علاقات قطر بدول الخليج وبعدد كبير من الدول العربية.
وأضافت الوكالة أن مقاطعة قطر ستؤتى ثمارها، ولا بد أن يعى المواطن الخليجى والعربى أن تلك الخطوة تم اتخاذها بعد رصد تجاوزات قطر ودعمها للإرهاب والانفصاليين وللفوضى فى المنطقة، وأن هدفها الأول هو إرسال رسالة واضحة للقيادة القطرية بأن تصرفاتها السابقة غير مقبولة، وأن لها تكلفة ولها ثمن، ولابد من إعادة النظر فى السياسات القطرية فى المنطقة.
مطالبات بعودة قطر لمحيطها العربى
وطالبت الوكالة قطر أن تختار بين أن تكون دولة منبوذة فى محيطها وفى عالمها العربى وفى المجتمع الدولى أو أن تكون دولة عضوا فى مجلس التعاون وتلتزم بآلياته وسياساته داخليا وخارجيا، وعليها أن تعى جيدًا أنها لن تتحمل نتائج الخروج من البيت الخليجى، ولن تنعم بأمن أو استقرار إلا وهى عضو فيه، وألا تعول على شبكة تحالفاتها مع تلك الأنظمة والتنظيمات الإرهابية، فهى أن فعلت ذلك فستكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فالتعاون مع النظام الإرهابى الإيرانى والتنظيمات الإرهابية الأخرى وإيواء عناصرها كمن يربى ذئبًا فى بيته متوقعًا أن يحميه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة