قصواء الخلالى

مات أبى ، فهل عاش أبوك اليوم ؟

الأحد، 04 يونيو 2017 09:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام ٢٠١٥ قرر والدى رحمه الله أن يزورنى فى منزلى و أن يقيم عندى للمرة الأولى و لمدة أسبوع ( بحاله) وكانت عادته الزيارة نهارا و السفر ليلا ، كان مختلفا طوال الزيارة وبختام الأسبوع سافر واحتضننى بقوة وأنا أودعه و قالها لى أبى الحازم الجاد للمرة الأولى فى حياته :- هتوحشينى ، فابتسمت وأنا أرى فى عينيه شيئا مجهولا لم أره من قبل ،،، أظنه كان الموت .
بعدها بأيام اتصلوا بى ليخبروننى بوفاته يوم الجمعة بعد صلاة العشاء مباشرة ،، وقتها تذكرت النظرة و الكلمات و كل شىء ،، وسافرنا وأنا لا أعلم كيف وصلت من القاهرة إلى مطروح لأننى كان كل ما أفعله بجانب البكاء ؛ هو الاتصال به عبر هاتفه لعله يجيب !!
حوالى ثمانين مكالمة وأكثر حتى سمعت رسالة ( الهاتف الذى طلبته ربما يكون مغلقا ) وكأنما أشفق على الهاتف و أراد أن يقنعنى بوفاته ،، وأنا التى ما اقتنعت حتى الآن،، وقد احتفظت بهذا الهاتف .
والآن دعنى أنقل لك شعورا جديدا عليك :-
أنت إذا مات والدك ، ستقف شاردا ، تائها ، متوقعا ظهوره مرة أخرى ، باحثا عنه فى الوجوه .. لأيام طويلة ،، ولن تجده .
ستظل مصدوما لفترة ، ثم مع الوقت ستفيق ، و ستتذكر كم أزعجته و كم نسيته و كم أضعت من الوقت بعيدا عنه ،، وستدرك كم أنت بائس و تعيس و وحيد ،، ستدرك كم أنت صغير فى هذه الحياة بعد أن رحل من كنت أنت كبيرا مهما به ،، وأحيانا عليه أيها المسكين .
سيأتيك من يزعجك وينغص حياتك و ستقابل ما يضيق به صدرك ،، لكنك لن تجد من تسند إليه ظهرك مرتاحا مستقيما ،، وستفقد الرأى الصائب الخبير القويم الذى طالما لم تأخذ به أيها الغبى الأرعن ،،، ستكتشف وقتها أن والدك كان سندك الحقيقى فى الحياة حتى وإن كان مسنا ،، لقد كان دعمك الواقعى بانفعاله وحدته و حزمه و اختياراته التى لم تعجب معاليك و طباعه التى كنت لا تتفهمها أحيانا ،،، لقد كان يبنيك و يرى ما لا ترى أيها الصغير ،، و ستفهم وقتها جملة ( انكسر ظهرك ) .
ستلجأ إلى أمك ، الشخص الأكثر تحملا لانفعالك ، الأكثر تقبلا لجفاءك المبرر ، الأكثر حبا لك حتى تمنى الموت و المرض بدلا منك ،، ستذهب صاغرا إلى الشخص الأكثر حنانا و رحمة و عطفا أمام جمودك و غبائك و أمراضك النفسية اللامحدودة .
ستجدها قد وهنت وأصابها من الكبر عتيا ؛؛ ستتصل بها تليفونيا مرة للاطمئنان ،، و ستزورها مرة لأنك مشغول ،، ستسمع نصيحتها مرة لأنك عبقرى زمانك ،، ستنفعل عليها أحيانا حين ترى ما لا يعجبك ذلك لأن صوتك عال و جهورى و قوى ،، لأنك طويل القامة وممشوق ،، وسترحل هى أيضا قبل أن تنهل منها حد الارتواء  ..
هذا حال أغلبية كبيرة من البشر ، بل و هناك أنواع قد أقول عنها ما يدمى القلب أكثر ،،  و قد أحدثكم عن بر الوالدين و فضله كثيرا ،،  وقد أطرح أذكركم بدائرة الزمن التى ستعيد نفسها مع أبنائك الذين سيقدمون لك ما قدمت لوالديك ،، لكننى سأكتب هنا ما قد تفهمه أنانيتنا أكثر .
عزيزى / عزيزتى . الناضج الكبير الواع المسئول :-
- نحن بعد رحيل الأم و الأب الخاسر الأكبر ،، ذلك أننا سنحتاج يوما إلى من يسمع شكوانا ،، إلى من يربت على أكتافنا ،، إلى من يدعو الله لنا بالنجاة و السلامة و الستر ،، إلى من يتحمل ضيقنا و سنفتقد بشدة من يفرح بصدق لنجاحنا و يرمم انكسار نفوسنا ، وفى مثل صدق الوالدين ؛ لن نجد .
 فحاولوا أن تشبعوا أنتم من الحب و المشاعر الحقيقية قبل أن تغيب عنكم ،، لأنكم ستموتون جوعا وعطشا لقلب يحتوى مهاتراتكم و لنفس ترى أفضل ما فينا و تقنعنا بأننا أقوياء.
آباؤنا وأمهاتنا سيذهبون و سنبقى نحن هنا ؛ نرى فى هذه الحياة ما يقتلنا و نبقى أحياء ،، من أذى المقربين و جحود الأبناء و صراع الأشقاء و غيرة الأصدقاء و ابتعاد المحبين و فراق الأهل و الذكريات ،، باختصار سنكبر و ستغيرنا الحياة جميعا.
فأكثر عزيزى المشغول من الحديث معهما ،، من التقرب إليهما ،، احتضنهما وقبل أقدامهما و قل لهما أحبكما و زيدونى حبا قبل الفراق و الاشتياق ،، قل لهما الآن ،، حالا ،، فى هذه اللحظة ،، قل و افعل قبل أن يرحلا و تبقى وحيدا ، نكرة ، لا أحد يشعر بما فى قلبك ،، حتى وإن كنت مهما عظيما كبيرا ،، محاطا بالأبناء و الأصدقاء والمنتفعين ،، ستضيق عليك الأرض بما رحبت و لن تجد متسعا إلا حضن أمك و ستفتقد صوت والدك الناصح الأمين و ستبقى بعد أمك وأبيك وحيدا وحيدا وحيدا .
أما أنا ؛ فقد رحل أبى و أصبحت أخشى من تناقص الوقت مع أمى حفظها الله،، والسؤال :-
هل تشعر أنت بقيمة أمك و أبيك ؟ و هل أنت جاهز لرحيلهما المحتوم ؟
 









مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

هيه كده الحياه

هيه كده الحياه ..حكمه من الإله ..ماشيين بالجراح واللى راح.. ونبتسم للي اتولد وصاح هيه كده الحياه ...الأب وآلام لا يعوضان

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود احمد

البقاء لله

كلنا حتما ذاهبون ولن يبقى الا عملنا فهل من متعظ

عدد الردود 0

بواسطة:

داليا عزت

حين يرحل الاب يرحل سندك وعونك فى هذة الحياة

ما اصعب رحيل الاب او الام من حياة الانسان البقاء لله

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد خالد

ماخرج من القلب وصل الى القلب

كلام من القلب ويظهر الحزن الشديد لرحيل الاب ربنا يصبرك والبقاء لله

عدد الردود 0

بواسطة:

ماهر

الموت

رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته

عدد الردود 0

بواسطة:

m

الله يرحمه ويرخم موتانا اجمعيا

لماذا نفيق متأخرا. الله يرحمه . يارب اجعل مسواه الجنه

عدد الردود 0

بواسطة:

شاعر النيل

سنة الحياة

كما قلت فى العنوان يا قصواء هو قضاء الله علينا وقدره نتقبله رغم قساوته والامه واحزانه وويلاته لا شئ اصعب من فقدان الأم والأب كل الجياة لا تساوى شيئا بدونهما نعم هى احاسيس حزينة جدا ومشاعر غاية فى الشجن نعم احس باحساسك وقلبك النابض مثل قلوبناعلى فقدان الأم وقد فقناها فلم يعد للحياة والله طعم اما وقد اصبحت يتيمة الأب والأم فعسى الله ان يقويك على ما تمرين به .وهو صعب جدا جدا نعم وانا ككاتب وأديب اعلم تماما لغة المشاعر والأحزان واحس بها وارتوى بها .اتمنى ان تعودين كاعلامية مصرية ووجه جميل الى التوهج الاعلامى ببرامج مميزة يا بنت السلوم الجميلة فالتلفزيون المصرى يحتاج دائما للمبدعين والموهوبين ..واختتم ببعض كلماتى .. رغم الحزن والحيرة بنحلم برضة ببكرة وبنبكى على السيرة لكن قلوبنا منكسرة اهين واه على دموعنا دى بتخفف على جراحنا فى عزالأه بنضحك ونخلى عيونننا مبتسمة ..ان شاء الله هناك مشروع لتلحين بعض كلماتى واتمنى ان اكون دائما متميزا فى الكلمة وحريصا عليها

عدد الردود 0

بواسطة:

ابراهيم خفاجى

أدعو الله تعالى دائما أن يحفظ لى ابى وأمى

لقد مررتى بى فى طريق أفكر دائما عندما يأتى وقته وأدعو الله تعالى دائما أن يحفظ لى ابى وأمى ويطيل عمرهما فهما السند الوحيد المتبقى لى واحمد الله تعالى على كل لحظه أعيشها بينهما وأخشى من لحظه لا يعرفها غير المولى عز وجل وادعوه بأن تكون أبعد ما تكون لأننى وبكل بساطة لا استطيع تحمل صدمتها رغم أننا مؤمنين بقضاءه وقدره.... فشكرا لك من الأعماق لقد عبرتى عن ما بالداخل

عدد الردود 0

بواسطة:

منير على

نعم أنها لحظات صعبة

صعبة كأنه حلم لا يريد الإنسان الإستفاقة منه ، يظل الإنسان شاردا الذهن منتظرا عودته من جديد، مع كل حدث مع كل مناسبة تحتاج لوجوده ، معبرا عن دفء صعب الإحساس به إلا فى وجوده ( رحم الله كل الآباء واسكنهم فسيح جناته)

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

ربنايرحمه

ربنا يرحمه ويحسن اليه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة