"صورة صلاح الدين الأيوبى فى الآداب الأوروبية الوسيطة".. كيف رأى الغرب القائد المسلم؟.. الأقلية:مخادع وخائن وقاتل وقواد.. الأكثرية: فارس وكريم ومحب للإنسانية ويشرف على علاج المرضى بنفسه

الخميس، 22 يونيو 2017 05:33 م
"صورة صلاح الدين الأيوبى فى الآداب الأوروبية الوسيطة".. كيف رأى الغرب القائد المسلم؟.. الأقلية:مخادع وخائن وقاتل وقواد.. الأكثرية: فارس وكريم ومحب للإنسانية ويشرف على علاج المرضى بنفسه غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثيرت، منذ أسابيع قليلة، ضجة كبرى بعدما هاجم الدكتور يوسف زيدان شخصية القائد المسلم صلاح الدين الأيوبى، والذى يمتلك رصيدا كبيرا فى المتخيلة الشعبية المسلمة، واتهمه بأنه من أحقر الشخصيات فى التاريخ، ويومها خرجت  الكثير من الردود بعضها رافض والآخر مؤيد لرأى الدكتور "يوسف زيدان"، وفى الأيام الماضية  صدر كتاب  "صورة صلاح الدين الأيوبى فى الآداب الأوروبية الوسيطة" عن دار "النابغة" للنشر والتوزيع، للدكتور أحمد درويش، أستاذ النقد والبلاغة والأدب المقارن بكلية دار العلوم جامعة القاهرة.
 
وفى مقدمة الكتاب يقول الدكتور "درويش" مضى على نشر نواة فكرة هذا الكتاب أكثر من 20 عاما، حين كنت أتتبع صورة الآخر فى آداب العصور الوسطى بين العرب والفرنجة".
 
وتابع درويش "لقد لفت نظرى حجم "الأسطورة" التى ارتفعت إليها شخصية صلاح الدين الأيوبى فى آداب الأوروبيين، وخاصة فى الآداب الشعبية، بعد انتصاره المدوى عليهم وطرد الصليبين من المشرق مع حسن معاملة الأسرى والضعفاء".

صلاح الدين الأيوبى ظاهرة 

ويرى الدكتور أحمد درويش أن فترة الحروب الصليبية تقدم نموذجا مثاليا للتأثير المتبادل بين الأدب العربى والآداب الغربية، خاصة منذ بزوغ نجم صلاح الدين وتحقيقه للمعادلة الدقيقة فى شخصية البطل والمتمثلة فى القوة والنبل، وتمتعه بأخلاق الفروسية فى صورتها المثلى، وهى تلك الأخلاق التى كان يظنها الصليبيون وقفا عليهم، وجزءا من ميراث مجتمعات النبلاء والفرسان عندهم، وهو الظن الذى اصطدم بالواقع المخالف.

صلاح الدين الأيوبى ملاك وشيطان

ولدت شخصية صلاح الدين الأيوبى أنماطا من القصص والأساطير المتباينة حول شخصيته دفعت ببعضها  فى البدء إلى أن يختلق أساطير مضادة حول وجوده تدخل بهذه الشخصية إلى عالم المحتالين والغدارين والخونة أكثر من دخولها إلى عالم البطولات والنبالة الخارقة، ويتحول مسار الأساطير، كما سنرى، بعد أن استعصى قبولها النمط الأول، فتحاول جر البطل إلى مجال القيم الصليبية المسيحية ومحاولة نسج حكايات حول أصوله المسيحية والأوروبية فى مرحلة، وحول رحلاته المتخيلة إلى أوروربا فى مرحلة تالية.

بدء الاهتمام بصلاح الدين

بدأ الغرب منذ القرن الثانى عشر الميلادى نسج موجة من الإبداع الأدبى تتصل بشخصية البطل العربى المسلم صلاح الدين الأيوبى وتتخذ أنماطا مختلفة بين الشعر والنثر والقصص والغناء.
 
وبدأ الدارسون الأوروبيون منذ القرن التاسع عشر اهتمامهم بإعادة النظر إلى الأعمال القصصية والشعرية وإلقاء الضوء عليها، وكان من أشهر هذه الدراسات الدراسة التمهيدية التى قدمها الإيطالى فيورافانتى  1891 حول أسطورة صلاح الدين فى الأدبين الإيطالى والفرنسى فى العصور الوسطى، وقام بمناقشتها والتعليق عليها الكاتب الفرنسى الشهير جاستون بارى سنة 1893.
 
يقول جاستون بارى "إن قصص المسيحيين الأوروبيين حول الرجل الذى كان أقوى منافسيهم، والذى حطم مملكة بيت المقدس، هى – بصفة عامة – فى صالحه مع أن بعض القصص، وخاصة القديمة منها كانت عدوانية ضده، وذلك يفسره الغيظ والإذلال الذى أحدثه الانتصار المدوى للسلطان الكردى على أعدائه المسيحيين فى الشام الذين طردهم من ممالكهم، وعند هؤلاء دون شك تشكلت فى السنوات الأولى الأساطير المعادية، وهى التى انتشرت فى الغرب فى اللحظة نفسها التى ظهر فيها نصره المؤزر".

 

الوجه المشرق لصلاح الدين الأيوبى

فى حوليات "إرنول"  تأتى تفاصيل حول الفكرة الأسطورية مؤداها أن "هون فروادى ترون" قائد مملكة القدس، قد استجاب لطلب الأسير المسلم صلاح الدين، الذى كان أسيرا فى قلعته وافتداه خاله، أن يعلمه الفروسية  على الطريقة الفرنسية، فاستجاب له الأمير".

 
كذلك حكاية "هيجو ملك طبرية الصليبى الذى وقع مع مجموعة كبيرة من فرسانه فى أسر صلاح الدين، فأحسن معاملتهم، وأعطى للملك حق أن يختار عشرة من فرسانه يطلق سراحهم دون فدية تكريما له، أما بالنسبة له هو فقد فرض عليه فدية قدرها 100 ألف دينار يدفعها حتى يطلق سراحه، وحاول الملك تدبير الفدية وهو فى الأسر فلم يستطع، فسمح له صلاح الدين بإطلاق سراحه على أن يدبرها خلال عام".
 

الحكايات تصور كرم صلاح الدين ونبل أخلاقه

هنا قصة تصور أحد الأسرى الفرنسيين، الذين وقع مريضا فتم علاجه، ثم رغب فى العودة إلى بلاده، وأمر صلاح الدين الكاتب أن يمنحه مائتى مارك نفقه له، فأخطأ الكاتب وسجلها ثلاثمائة، ثم اعتذر وأراد تصويب الخطأ، فقال صلاح الدين: اجعلها أربعمائة، لكيلا يقال : إن القلم أكرم مني.

فى مجموعة شعرية فى القرون الوسطى فى الأدب الفرنسى تحمل عنوان le menestrel de reime  تقول إحدى الحكايات "إن صلاح الدين كان يتفقد بنفسه المستشفيات، وينفق عليها، وبخاصة مستشفى القديسة جان دارك، وكانت أوامره أن تجاب أية رغبة للمريض مهما كانت صعبة، ولكى يتأكد من ذلك تنكر هو نفسه فى ثوب واحد من الحجاج المسيحيين، ودخل المستشفى، ومكث بها ثلاثة أيام، وكان يرفض الطعام الذى يقدم له ويقول: إنه يرغب فى أكل لحم مهر صغير فوعدوه بتوفيره، فاشترط ان يؤتى أمامه بالمهر حيا ويذبح على مرأى منه فأتوا له بالمهر وأوثقوه وهموا بذبحه، ولكنه قال لهم، لقد غيرت رأيى وأنا أريد لحم الضأن، فنفذوا له رغبته.
 

الوجه القبيح للسلطان.. محرر القدس

تركز الأساطير المعادية على فترة ظهور صلاح الدين ووصوله السريع إلى مقعد الوزارة فى مصر، وانطلاقه من الموقع إلى تجميع القوى الإسلامية، تمهيدا لضرب الصليبيين وإجلائهم عن الشرق.

 

النصوص المهاجمة

قصيدة كتبت باللاتينية وهى مجهولة المؤلف، وقد كتبت على أوراق الكتاب المقدس ويحتمل أن تكون قد كتبت فى نحو 1187 قبل الاستيلاء على بيت المقدس بقليل،  والقصيدة تحكى أن "صلاح الدين تسلل إلى بلاط نور الدين، وأصبح صديقا لزوجته، وبفضلها حظى برضا لسلطان، وفى "بابليون" القاهرة تسلسل خدعة إلى البلاط بعد أن قتل القاضى الذى سهل له الدخول إلى بلاط الخليفة واستولى على المجوهرات واستعان بها على مؤامرته، ثم سم نور الدين، وقتل ابنه الوحيد، وبدأ هجومه القاسى على المسيحيين.

كذلك فى رواية "ريتشارد دى لا سانت ترينى" وهو أحد الرهبان فى مطلع القرن الثالث عشر سنة 1200 والحكاية تتحدث عن الفترة التى تولى فيها صلاح الدين قيادة الشرطة فى دمشق فتقول "إنه تحت حكم نور الدين سلطان دمشق بدأ صلاح الدين نفوذه بجمع جزية شائنة لنفسه مع المومسات الفاسدات فى المدينة ولم يكن يسمح لهن بممارسة مهنتهن إلا بعد الحصول على إجازة منه".
 
وتصور إحدى القصائد التى تسمى "أغنية القدس" الخديعة فى وصول صلاح الدين إلى الحكم على طريقة حكايات ألف ليلة وليلة، فتقول: إن صلاح الدين عندما أراد أن يستولى على مملكة مولانا (الخليفة الفاطمى) لجأ إلى المكيدة، فقد أبلغ الخليفة أنه سينحنى بين يديه للاستسلام، وحين مثل أمامه زحف على أربع قوائم، وعلى ظهره بردعة تصل إلى تاج السلطان، وعندما جاءت اللحظة التى كان عليه فيها أن يقبل قدم السلطان انتزع سكينا كان يخفيها وطعن بها السلطان فى قلبه، والتف حوله الرجال، وأصبح سيد القصر، وكان هناك على باب القصر فرسان مسرجان، يعتقد الناس أنها ينتظران فارسا مخلصا من نسل النبى اسمه "علي"، يجيء ويركبهما ويخلص الناس من ظلم المسيحيين، فركبهما صلاح الدين، واعتقد الناس أنه "على" فاتبعوه".
 

لكن النزعة العدائية لصلاح الدين الأيوبى لا تمثل إلا نسبة ضئيلة أمام الحكايات الأسطورية الكثيرة التى أظهرت الإعجاب به، وحاولت أن تشده بطريقة أو بأخرى إلى عالم المسيحية أو تنسبه إلى أصول أوروبية أو تجعله على الأقل قد تعلم الفروسية على أيدى فرسان الصليبيين فى الشرق.

 
 
                             
صلاح الدين

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة