كيف تشاهد دراما رمضان كمواطن من "المدينة الفاضلة"؟.. تنكر الواقع وتحاكم أبطال المسلسلات كشخصيات حقيقية.. تعتبر أن الاشتباك مع بؤس الواقع أخطر على أولادك من نسيان تربيتهم.. تتهم الفن بإفسادك وتدعو لمقاطعته

الإثنين، 19 يونيو 2017 04:19 م
كيف تشاهد دراما رمضان كمواطن من "المدينة الفاضلة"؟.. تنكر الواقع وتحاكم أبطال المسلسلات كشخصيات حقيقية.. تعتبر أن الاشتباك مع بؤس الواقع أخطر على أولادك من نسيان تربيتهم.. تتهم الفن بإفسادك وتدعو لمقاطعته دراما رمضان
كتبت: سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تشتبك الدراما التلفزيونية، مع الواقع، تحاول أن تقدم الشر كما الخير، تزيح هذا النقاب الكاذب عن المجتمع وتعريه لتكشف لنا زيفه كما صلاحه، وهو هدف الفن ورسالته التي لا يفهمها مواطنو المدينة الفاضلة، هؤلاء الذين تفرغوا لإصدار الأحكام الدينية والأخلاقية على الأعمال الفنية، يحاكمون الخيال بمعايير الواقع، يرفضون تصديق أن كل هذه الشخصيات بفسادها وانحرافها أو حتى بأخلاقها وقيمها تعيش بيننا في مصر، هذا البلد الكبير ذو المجتمعات المتعددة، قيم الطبقة المتوسطة ليست كأخلاق الطبقات الأعلى، سكان العشوائيات لهم منطقهم الخاص وقانونهم الحاكم الذى يختلف بالضرورة مع قانون المتلقى ومع قوانين الدولة نفسها أحيانًا، ولكننا ككل عام نقابل هؤلاء المواطنين الذين يدعون الفضيلة ويغضون البصر عن الفساد كما الجمال، يتصدون للفن بمعاييرهم الخاصة ولا يدركون أن مصر ما زالت تمنح صك النجومية لمن أراد من المحيط إلى الخليج، وأن هذه الدراما التي يدعون لمقاطعتها هي أحد أهم آليات قوتنا الناعمة بل وماضينا ومستقبلنا.

 

خمسة أشياء يفعلها مواطنو المدينة الفاضلة بعد مشاهدة كل مسلسل:

 

·       يحاكمون الدراما بقيمهم وينكرون فضيلة الاختلاف

"الخمرة" ليست مشروب عادى فى حياة المصريين كي يتم تقديمه يوميًا في مسلسل "لا تطفئ الشمس"، يقول أحد مستخدمي السوشيال ميديا، وينسى أن المصريين ليسوا كتلة واحدة، أو أن طبقات أعلى في المجتمع ليسوا من بين الطبقة التى يعيش فيها يشربون الخمر بشكل يومي بل كمشروب أساسي وفاتح للشهية على الطعام، وإذا كان المسلسل يناقش أوضاع تلك الطبقة فليس غريبًا أن يشتبك معها ويدخل في تفاصيل حياتها اليومية، ما تفعله وما لا تفعله، وهو ليس دعوة لشرب الخمر على أية حال، ما يعرض في الدراما مجرد خيال لا ينبغى محاكمته تحت أي شعار.

 

·       يتعامون عن الواقع ويدعون سيادة الأخلاق

"المجتمع مش كدا على فكرة عشان يجيبوا لنا العشوائيات والقرف دا، يقول أحدهم من شقته المطلة على النيل، أو تلك التي تتوسط شارع الهرم حيث الطبقة المتوسطة، وهو يعرف تمامًا أن العشوائيات موجودة في مصر، وأن لسكانها منطقهم الخاص وأخلاقهم وقانونهم، ولكنه يرى في الدراما وسيلة لإفساد المجتمع بينما يدعو هو للفضيلة وسيادة الأخلاق، ويبحث في الدراما عن هؤلاء المواطنين الصالحين الذين يغضون البصر عن النساء، ويقيمون الفروض في مواقيتها، ويخرجون الزكاة والصدقات، دون أن يدرك طبيعة النفس البشرية بخيرها وشرها، وأن الحياة تعني الاشتباك مع الشر كما الابتسام للخير.

 

·       يبحثون عن دراما بالمقاس ويتهمون المسلسلات بتشويه صورهم

انزعج النواب من صورة النائب في مسلسل كلبش، وانزعجت المضيفات الجويات من صورة المضيفة في مسلسل أرض جو، كما انزعج أطباء التجميل من صورة الطبيب في مسلسل لأعلى سعر، وظهر من بين هؤلاء جميعا من قرر مقاضاة المسلسلات السابقة بدعوى تشويه صورته وصورة مهنته والمنتمين لها، وهو يبحث عن دراما بالمقاس لا تشتبك مع الواقع، بل تعمل كأداة علاقات عامة له ولوظيفته وهو يعلم علم اليقين ، أن كل وسط وظيفي به الصالح والطالح ولكنه يخشى على سمعته كمواطن من المدينة الفاضلة.

النوع الثاني من المواطنين، يرى في المسلسلات التي تتحدث عن مجتمع معين لا ينتمي له، مسلسلات بعيدة عن الواقع، فأبطال مسلسل "حلاوة الدنيا" المرضى بالسرطان كلهم من الأغنياء فيسأل لماذا تجاهل المسلسل آلاف المرضى المحتاجين إلى العلاج، متناسيًا أن السيناريست أراد التركيز على طبقة اجتماعية محددة لها مشاكلها وصراعاتها التي تختلف قطعًا مع مشاكل طبقات أخرى تعاني ماديًا ، فالدراما لا تعكس الواقع كله، بل تحاكي زاوية نظر السيناريست وما أراد تقديمه وليس ما تريد أنت رؤيته أو ما تراه بالفعل.

 

·       يهاجمون الدراما لأنها أفسدت أولادهم ويفرضون الوصاية على المجتمع

مواطنو المدينة الفاضلة عادة ما يتهمون الدراما بإفساد أولادهم، فالأولاد في سن خطيرة، والدراما تقدم نماذج سيئة يقلدها هؤلاء الصغار، كما أن المجتمع غير ناضج ليفرق بين الخير والشر، ومن ثم فإن الشخصيات الدرامية ستخرج من التلفزيون وتتجسد في الواقع وتهاجمنا في بيوتنا ونحن منها خائفون، من يفكر بتلك الطريقة يرى المجتمع مراهقا ويحتاج فرض السلطة الأبوية عليه، يظن أن المشاهدين مجرد مراهقين سيتأثرون بكل ما يقدم، هذا النوع من الناس يصر على اتهام الفن بما ليس فيه، فإن فشلت في تربية أولادك فتلك مسئوليتك وحدك، وإن خشيت عليهم من التقليد بإمكانك أن تغلق التلفزيون يا عزيزي، فلن تؤدي فيه امتحانات نهاية العام.

 

·       يدعون لمقاطعة المسلسلات ويشاهدونها في الوقت نفسه

في كل عام تظهر تلك الدعوات لمقاطعة المسلسلات لأنها نشرت الفساد والانحراف، ولأن رمضان شهر عبادة وصوم وقرآن وليس دراما وتسلية، الغريب أن هؤلاء الداعين لمقاطعة المسلسلات يسوقون دلائلًا مختلفة كل عام لتعزيز فكرة المقاطعة، في هذا العام غضبوا من الشكل الذى ظهرت به "نيللي كريم" كمنقبة في مسلسلها لأعلى سعر بل واعتبروه إساءة للنقاب، وغضبوا من العلاقات الاجتماعية في "لا تطفئ الشمس"، وهى كلها دلائل تؤكد أن هؤلاء الداعين للمقاطعة هم أول من شاهد المسلسلات الرمضانية وإلا ما عرفوا الشخصيات وتطورها،  ولكنهم يدعون الناس لما يظنونه البر وينسون أنفسهم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة