يوسف أيوب

حلايب وشلاتين.. القصة من البداية للنهاية 1 - 4

السبت، 20 مايو 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مايو 1997، عقد معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة ندوة «مثلث حلايب رؤية تنموية متكاملة»، التى أعتقد أنها من أهم الندوات التى تناولت وضع مثلث حلايب بشكل متكامل، حتى الآن، طارحة وضع المثلث تاريخياً وسياسياً، فضلاً عن الوضع الجغرافى والاجتماعى لسكان هذه المنطقة، وفقاً لما انتهت إليه بعثة ميدانية أرسلها المعهد للمثلث قبل عقد الندوة بعدة أسابيع، حيث مكثت البعثة هناك أسبوعا، واطلعوا على الطبيعة وعلى مشاكل المنطقة المتعلقة بالتنمية، كما عقدوا حينها لقاءات مع عدد كبير من سكان المنطقة، تعرفوا خلالها على مشاكلهم ورؤاهم للحل، وأيضاً كيف ينظرون لمطالب السودان «غير المشروعة» بضم المثلث.
 
رغم مرور 20 عاماً على هذه الندوة، لكن ما دار فيها من نقاش والموثق فى كتاب صادر عن المعهد، يعد وثيقة تاريخية يمكن لأى باحث عن حقيقة مثلث حلايب وادعاءات السودان الرجوع إليها، لأنها جمعت كل ما يمكن أن يقال بشأن المثلث، على لسان أساتذة كبار فى كل التخصصات، قانون دولى وتاريخ وجغرافيا، وغيرهم من المرتبطين بهذا الملف، وآخرين كانوا حينها أعضاء فى لجنة التفاوض المصرية مع السودان.
 
ولأهمية هذه الندوة وما قيل فيها، فقد عدت إليها، مستدعياً ما قاله المشاركون فيها، خاصة بعدما دأب النظام السودانى الحالى الحديث عن حلايب دون أن يتعظ من دروس الماضى، فما يصدر عن النظام السودانى فى 2017 هو نفس ما صدر عنهم فى 1992 و1958، كلها ادعاءات واحدة لا علاقة لها بالواقع مطلقاً، أخذاً فى الاعتبار أن الحدود المصرية السودانية تمتد على شكل خط مستقيم، وهو خط عرض 22 شمالا من العوينات حتى ساحل البحر الأحمر، وتحدد هذا الخط وفقاً لاتفاقية 1899، ويبلغ طوله 1280 كلم، ووفقاً لهذا الخط، فإن مثلث حلايب هو مصرى، ويدخل ضمن الحدود المصرية.
 
قبل الحديث عن حلايب، فإننى أود الإشارة إلى ما ذكره الدكتور عبدالله عبدالرازق إبراهيم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، فى الندوة تحت عنوان «الجذور التاريخية للحدود السياسية بين مصر والسودان»، حيث قال: إنه بدأ اهتمام مصر بالجنوب فى العصر الحديث، بعد تولى محمد على السلطة عام 1805، وتوسعه إلى الجنوب لكشف منابع النيل فى الجنوب، وكانت رحلاته فى 1822، وتأسيس مدينة الخرطوم بداية اهتمام والى مصر بجنوب وادى النيل، وظلت هذه السياسة تتوسع تدريجياً وتنتقل من إقليم لآخر حتى نجح إسماعيل باشا فى تأسيس إمبراطورية كبرى فى قلب أفريقيا، وسيطر على أوغندا، كما توسع شرقاً ووصل إلى مقديشو بالصومال، وكان هذا التوسع المصرى من العوامل التى أزعجت بريطانيا، والتى رسمت سياستها فى أوائل القرن التاسع عشر على التوسع فى أعالى النيل ومنع أية دولة من الاقتراب من هذه المناطق، حتى يتسنى لها مد خط السكك الحديدية من شمال القارة إلى جنوبها، فيما أطلق عليه خط حديد الكيب- القاهرة.
 
وفى المقابل سجل البريطانيون أول وجود لهم على الساحل الشرقى لأفريقيا، عندما حاصرت وحدة بريطانية سواحل الصومال فى الفترة من 1825 حتى 1833 بسبب قيام بعض البرابرة بالاعتداء على بحارة الباخرة الأمريكية مارى أن، ونظرا لأهمية موقع عدن فقد احتلتها عام 1839 لاستخدامها كمحطة لتموين السفن، وأيضاً لحماية الطرق المؤدية إلى الهند، وحاولت بريطانيا إحكام قبضتها على النيل، واعتمدت على إيطاليا حتى تتفرغ من مشكلات الاحتلال البريطانى لمصر عام 1882، لكن إيطاليا انهزمت فى معركة عدوة 1869 أمام الأحباش، وانهارت كل آمال بريطانيا بعد أن بدأ التقارب بين إمبراطور الحبشة منليك، من خلال حملات فرنسية وحبشية من الشرق والغرب، ونجح الفرنسيون فى الوصول إلى أعالى النيل، ورفع مارشان العلم الفرنسى على قرية فاشودة، وأسرعت بريطانيا بإرسال قواتها نحو دنقلة لتخفيف الضغط على الإيطاليين، وفى نفس الوقت تقدمت القوات المصرية حتى تم القضاء على الدولة المهدية فى معركة جديد فى نوفمبر 1899، ورفع كتشنر العلم المصرى إلى جانب العلم الفرنسى، وأعلن أنه جاء لاسترداد أراضى الخديوى، وكادت أن تحدث مشكلة بين كتشنر ومارشان، لكن صدرت تعليمات بانسحاب مارشان، وعاد كتشنر ليرفع العلم البريطانى إلى جانب العلم المصرى، إيذانا ببدء الحكم الثنائى للسودان عام 1899، وتم توقيع اتفاقية الحكم الثنائى بين بريطانيا ومصر، باعتبارهما حاكمى السودان فى هذا الوقت، لكن نظراً لأن القبائل الرعوية فى شمال شرق السودان وجنوب شرق مصر كانت ولا تزال ذات حركة مستمرة بحثاً عن الماء والكلأ فقد تم تقديم بعض التسهيلات الإدارية لتخفيف قيود الحركة والتنقل لهذه القبائل الرعوية، وظلت السيادة المصرية على هذه المنطقة رغم بعض التصرفات التى كانت تبديها بعض نظم الحكم السودانية، كما حدث عامى 1985 و1991، والمتعلقة بمشاكسات سودانية تدعى ملكية حلايب.
 
أما منطقة حلايب، فهى تعد من المناطق المهمة فى مصر، لموقعها الاستراتيجى الفريد فى الركن الجنوبى الشرقى من البلاد، وتطل المنطقة على البحر الأحمر، ولذلك تعتبر المنفذ الشرقى «وبوابة العبور» نحو السودان وأفريقيا، وتبلغ مساحتها حوالى 12.500 كلم، وتبدو على شكل مثلث قاعدته خط عرض 22 درجة شمالا، وهو الحد الدولى بين مصر والسودان، وفقاً لاتفاقية 19 يناير 1899 التى تعد السند القانونى لتحديد الحدود الدولية بين مصر والسودان، وتنص فى مادتها الأولى على أنه «تطلق لفظة السودان فى هذا الوفاق على جميع الأراضى الكائنة إلى الجنوب عرض 22 درجة شمالا، وهى الأراضى التى لم تدخلها قط الجنود المصرية منذ سنة 1882، أو الأراضى التى كانت تحت إدارة الحكومة المصرية قبل ثورة السودان الأخيرة وفقدت منها وقتياً، ثم افتتحتها الآن حكومة الملكة والحكومة المصرية بالاتحاد أو الأراضى التى قد تفتتحها بالاتحاد الحكومتان المذكورتان من الآن فصاعداً».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة