يوسف أيوب

ملاحظات على هامش مؤتمر الشباب بالإسماعيلية

السبت، 29 أبريل 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهى أمس الأول الخميس المؤتمر الدورى الثالث للشباب بمدينة الإسماعيلية، مؤتمر المصارحة والمكاشفة، مستكملا قطار المؤتمر الذى انطلق فى أكتوبر الماضى بشرم الشيخ ثم مر بمحطة القاهرة وبعدها أسوان، ووصل إلى الإسماعيلية، ويستعد للانطلاق إلى محطة جديدة يجرى من الآن الإعداد لها والترتيب لموضوعاتها التى ستخضع للنقاش بين المسؤولين والشباب.
 
وبعيدا عما قيل عن مؤتمر الإسماعيلية كونه شهد صراحة اعتدناها من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل مداخلاته وكلماته، وكذلك التوصيات التى انتهى إليها، فهناك عدد من الملاحظات استوقفتنى، وأنا أتابع فعاليات المؤتمر على مدى أيامه الثلاثة، أهمها أنه كسر للحاجز الكبير الذى كان يفصل فى الماضى بين وزراء الحكومة والشباب، وأنا هنا لا أعنى فقط أن الشباب كانوا يقولون آراءهم بحرية مجردة وشفافة، وكانوا فى المقابل يجدون آذانا صاغية من الجميع بداية من رئيس الدولة ووصولا إلى كل مسؤولى الدولة المصرية، لكن أيضا لأن المؤتمر استطاع خلق حالة جديدة على الحياة السياسية المصرية تتمثل فى التفاهم بين الوزراء والشباب وكذلك الحوار الهادئ المبنى على قاعدة الوطنية والتفاهم المشترك لما يخدم المصالح العليا للدولة المصرية، فمن منا كان يتخيل بعد ما حدث فى 25 يناير 2011 أن يوافق مسؤول مهما كانت ثقته فى نفسه، أن يقف بين مجموعة من الشباب ليتحاور معهم بل ويلتقط الصور السيلفى دون خوف، خاصة بعدما ترسخ لدى عدد كبير من الوزراء الذين تعاقبوا على المسؤولية بعد 25 يناير صورة ذهنية سيئة عن الشباب، للأسف الشديد رسخها من كانوا يطلقون على أنفسهم ائتلافات شباب الثورة ممن اعتبروا أنفسهم أوصياء على الدولة والحكومة.
 
مؤتمر الشباب استطاع أن يكسر هذا الحاجز، فكان طبيعيا أن يشتد الحوار سخونة بين وزير وشاب على هامش المؤتمر حول قضية معينة ثم ينتهى الحوار بين الاثنين بابتسامته وتبادل للتليفونات لتكون هناك متابعة بين الاثنين على القضية التى كانت محور النقاش، ثم يطلب الشاب أو مجموعة من الشباب التقاط صور تذكارية مع هذا الوزير أو غيره.
 
من حقك أن تعتبر ما أقوله شيئا سطحيا لكن الحقيقة تؤكد أنه أمر مهم لأنه كما سبق وقلت يعبر عن تغيير جذرى ومهم فى آليات الحوار بين الدولة والشباب فى مصر، على أرضية واحدة لا يكتنفها الخوف ولا التهديد أو الوعيد.
 
الأمر الثانى أن المؤتمر يمكن نظر له باعتباره تأريخا لظهور ظهير سياسى جديد للدولة المصرية، خاصة ونحن نعلم جميعا أن الرئيس السيسى رفض منذ أن أعلن ترشحه للرئاسة رفضه لفكرة وجود ظهير سياسى ممثلا فى حزب، وأنه اختار أن يكون الشعب المصرى هو الظهير السياسى له، لكن من وجهة نظرى فإن مؤتمر الشباب  وهو فكرة مبتكرة لكى يتواصل الرئيس مع الشباب والشعب بشكل مباشر لتوصيل الرسائل التى فشلت فى توصيلها غالبية الوسائل لأسباب مختلقة، هو أهم ظهير سياسى الآن للدولة المصرية وللرئيس أيضا، لكنه يختلف عن فكرة الاتحاد الاشتراكى أو التنظيم الطليعة الذى أنشأه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لأن الموتمر لا يعتمد على نفس آليات التنظيم الطليعة فهو عبارة عن فكرة خلاقة للتواصل بين الدولة والشباب، ولم ولن يكون هدفه التحول إلى الحزب السياسى لسبب بسيط أنه يضم شباب من كل التيارات السياسية وأحزاب أيضا، لكنى اعتبره ظهيرا سياسيا لأن النقاش والحوار فيه كاشف لقضايا معينة ربما ليست واضحة لعموم المصريين لأسباب يطول شرحها، وهو نقاش يصل فى النهاية إلى قناعة لدى لمشاركين بحجم التحديات والمشاكل التى تعانى منها الدولة، وبعضهم يطرح حلول لها.
 
الأمر الثالث أن مؤتمر الإسماعيلية رسخ لقاعدة مهمة وهى الاهتمام بالفنون والعادات المصرية المتأصلة، ويظهر ذلك من الفلكلور الذى يتم تقديمه خلال المؤتمر، وقد شاهدنا ذلك فى أسوان حينما رأينا اهتمام بالفلكلور الأسوانى، وفى الإسماعيلية ظهر فلكلور مدن القناة الذى قدمه شباب من الإسماعيلية، والمهم أن الفلكلور يقدمه شباب، كما رأينا فى فرقة السمسمية الشابة، مما يعمق فكرك الاهتمام بالفنون القديمة بشكلها الشبابى، كما رأينا كما قلت فرقة السمسمية التى ألهبت مشاعر الحضور، وكذلك فتاة الإسماعيلية هند الراوى التى استجابت لطلب حضورها من فرنسا، حيث تقيم هناك منذ ثلاث سنوات ولها رصيد فنى محترم جعل حفلاتها فى فرنسا محل اهتمام كثيرين من عشاق الفن المصرى.
 
الملاحظة الرابعة تتعلق بفكرة دعوة شباب العالم للمشاركة فى المؤتمر السنوى المقبل للشباب فى أكتوبر المقبل بشرم الشيخ، وهى الدعوة التى تم إطلاقها فى الجلسة الافتتاحية  باللغتين العربية والإنجليزية من شباب المؤتمر، وهى الدعوة التى استجاب لها الرئيس السيسى الذى ضم صوته لصوت الشباب فى هذه الدعوة، حتى تكون رسالتنا للعالم رسالة سلام وتنمية ومحبة، وهى فكرة فى غاية الروعة لأنها ستحول مؤتمر الشباب من منتج وحالة مصرية خاصة إلى مناسبة عالمية، يتبادل فيها الشباب من كل دول العالم الخبرات، وسيكون المؤتمر السنوى بشرم الشيخ فى أكتوبر المقبل بداية التدشين لهذه الفكرة التى انطلقت من شباب المؤتمر.
 
الملاحظة الخامسة وهى ملحوظة مهمة بالنسبة لى كانت تركيز الرئيس فى مداخلاته على قضية تزييف الوعى لدى الشعب على مدى السنوات الماضية التى أدت إلى نزول المصريين للشارع أكثر من مرة، ولا تزال قوى خارجية تدعمها أخرى فى الداخل تلعب على هذه القضية من خلال بث الشائعات والفتن عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وهو أمر شديد الخطورة، وعلينا أن نعيه جيدا خاصة أن هناك من يسعون إلى هدم الدولة المصرية، مستخدمين أموال طائلة تم تخصيصها لهواة الهدم، وهنا يقع علينا كمصريين أولا وكإعلاميين ثانيا أن ندرك خطورة الموقف، وأن نتصدى لهذه الحملة الممنهجة التى تستهدفنا، حتى لا نقع فريسة لمحاولات الهدم والخطط المحاكة لنا.
 
الملاحظة السادسة أن المؤتمر لم يعد يمثل عبئا على سكان المدينة المستضيفة، وقد سمعت من سكان الإسماعيلية أنهم كانوا يتخوفون قبل انطلاق المؤتمر من إغلاق المدينة خلال أيام المؤتمر الثلاثة بسبب الحضور وعلى رأسهم رئيس الدولة، لكن مع انطلاق المؤتمر كانت الانسيابية هى العامل المميز فى الإسماعيلية، وتحول هاجس العبء إلى حالة خاصة لدى اهالى الإسماعيلية المضيافين، حيث أظهروا كرم الضيافة للشاب والحضور.
 
الملاحظة السابعة أن مؤتمر الشباب فى الإسماعيلية هذه المرة لم يشهد سقفا للمناقشات، بل كانت المصارحة هى العنوان الرئيسى للنقاش والحوار، واختفى الخوف فى الطرح، وكانت مبادرة اسأل الرئيس، الفكرة المبتكرة من القائمين على مؤتمر التى شهدت تفاعلا كبيرا من الشباب، ووجدت اهتماما من الرئيس الذى لم يجد غضاضة فى أن يجيب بصراحته المعهودة على كل ما وصل تطبيق «اسأل الرئيس» من أسئلة فى جلسة كانت أكثر من مميزة، تفاعل معها الرئيس وأجاب عن كل الأسئلة حتى تلك التى كانت تعتبر من المحرمات فى الماضى.
 
الملاحظة الأخيرة أن شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة وصلوا إلى مرحلة من النضج منحت كل الحضور الأمل فى مستقبل مصر، وتأكيد على أن البلد بها شباب قادرين على تولى المسؤولية بعد فترة من الخبرة يكتسبونها من الاحتكاك المباشر مع الدولاب الإدارى للدولة، وقد سمعت من مشاركين كثر فى المؤتمر أثناء متكرر على البرنامج باعتباره آلية مناسبة لضخ دماء جديدة للجهاز الإدارى والحكومى قادرة على الابتكار الذى تحتاجه مصر فى الوقت الحالى.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة