عمرو خالد

الطريق إلى معرفة الله

الأربعاء، 26 أبريل 2017 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحتفظ العقل الباطن للإنسان بملفات عن كل شىء فى الكون، وهو ما يسمى بـ«الصورة الذهنية»، حينما يسمع بأى منها، يبادر إلى استدعائها على الفور أمامه، وفق رؤيته الداخلية التى كونها مسبقًا عنها، فإذا ذكر اسم النبى صلى الله عليه وسلم استدعى أهم الصفات التى يحبها فيه.
لكن ماذا عن نظرتك إلى الخالق؟ 
 
لا بد أن نعترف بأنه خلال المائة سنة الأخيرة، تم تقديم الدين للناس بطريقة مشوهة أصابتهم بتشوش فى الرؤية، بعد أن صورت لنا ربنا على أنه بعيد شديد البعد عنا وعن حياتنا، وذلك من خلال الربط بينه وبين التخويف والتشديد، حتى أنهم جعلوا الأصل فى علاقته معنا الشدة والخوف والغضب.. جعلونا نخاف منه، ومن غضبه، ومن عذابه، أضعاف أضعاف حبه ووده ورحمته وحنانه علينا.. زعموا أنه لا يحقق الأمنيات بل يقهرنا على ما لا نريد.
 
وقدموه لنا على أنه بعيد عن مشاعرنا وأحاسيسنا واحتياجاتنا، فصارت الصورة الذهنية غير الصحيحة عن الله هى البعد، الخوف، القهر.. وما ذلك إلا من ظنون الجاهلية التى ذمها فى كتابه العزيز.. «‏يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ».. فكانت النتيجة هروب الملايين من التدين، أو خروج قساة عنيفين متطرفين ينظرون إلى أن العلاقة مع الله أساسها الخوف، ففقدوا حلاوة حب الله، لأن التخويف يقتل جمال المعاملة مع الله، لذا فلابد من أن نغير الصورة الذهنية عن الله، وذلك لن يحصل إلا عندما نعرفه كما يريد هو أن نعرفه، وليس كما يريد هؤلاء أن يقدموه لنا وفق نظرتهم، ولن يتحقق هذا إلا من خلال ثورة فى عقولنا، وفى نظرتنا لربنا، وأن نعمل على نشرها بين الناس، خاصة بين الأطفال والشباب، فالله هو الرحيم الحنون الودود.. سخر لك الكون لأنه يحبك، ولا يريد منك شيئًا.. حب الله أوجدنا، ولولا الحب لما كنا.. الرحمة والحب هما الأصل وليس الخوف.
 
تصحيح الصورة:
وأول صورة لابد من تصحيحها، هى أن ربنا القريب منا وليس البعيد عن عباده، فالله من أسمائه الحسنى القريب، وعلاقته بالعبد أقرب مما يتصور ويتخيل، يقول: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»، والإمام أحمد بن حنبل حينما سئل: كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ وهل هى مسافة كبيرة جدًا؟ أجاب: لا، هو القريب.. بيننا وبين عرش الرحمن دعوة مخلصة من قلب صادق.. وهو القائل فى الحديث القدسى: «من تقرب إلىّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا». يوم القيامة يقول لك الحق سبحانه: «ادن يا عبد منى»، ويرخى عليك ستره، فلا يسمعك أحد، ولا يسمع فضيحتك أحد.. أتذكر ذنبك ذا؟ نعم يا رب، سترتها عليك فى الدنيا، وها أنا أسترها عليك اليوم.. إنه القريب.
 
آسيا، زوجة فرعون، علمت بقرب الله منها، لم تمنعها قصور فرعون ولا الحراس من أن تتوجه للقريب وتسأله «رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ».. قبل أن تسأل عن النعمة سألت عنه هو «المنعم».
 
جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه؟»، فلم يرد النبى، ونزل قول الله تعالى «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ..»، كان سهلاً على الرسول أن يجيب السؤال، لكنه لم يجب لأن هذا السؤال لا يجيب عنه إلا الله سبحانه وتعالى، لكى تعرف أن العلاقة مباشرة منك إليه، ومنه إليك.
حسن الظن بالله:
ربنا الذى يحقق أمانينا، ولا يقهرنا على ما لا نريد.. هو الذى يحقق الأمنيات.. وعلى قدر حسن ظنك بالله، يحدث لك الخير ويبتعد عنك الشر.. هو القائل فى الحديث القدسى: «أنا عند ظن عبدى بى، فليظن عبدى بى ما شاء..»، النبى صور معاملة الله لنا بصورة الأم فى رحمتها وعطفها على ولدها: «أترون هذه الأم تلقى ولدها فى النار؟ فالله أرحم بكم من هذه الأم بولدها».. تأمل وعود الله ستجدها كلها حنان: «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»، «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ»، «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ».. كلها وعود جميلة.. كل وعود الله فى القرآن «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..» كلها جنة وسعادة.
 
يخوفوننا أكثر لما بعد الموت والعكس صحيح، فالصورة الذهنية الصحيحة عن الله تعالى تتجلى بعد الموت، لأنه سبحانه لا يحب العذاب لعبادة «مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ»، ولا حتى المذنبين، لأن عفوه عظيم.. «كل الناس يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعنى دخل الجنة، ومن عصانى فقد أبى»، «جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل فى الأرضِ جُزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه». حتى آيات الخوف فى القرآن ارتبطت بالحب «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ»، كما أن كل ذكر للجنة مرتبط بالعمل «وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»، الرسول يقول: «من سلك طريقًا يبتغى فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة».
 
تعرف على الله.. إنه القريب الحنون الرحيم الودود المجيب، ثم انطلق بهمة لتحقيق حلمك وهدفك، وتعامل مع الله بحب وحسن ظن كبير، فهو يحبك ويدعمك، لكن عليك أن تتذكر أن إجابة الدعاء شرطها العمل «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ»، المضطر الذى بذل كل جهده، «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى» بالإيمان والعمل. فالمعرفة الصحيحة بالله تدفع المؤمن لمزيد من العمل والجهد، لأنه واثق من الإجابة وليس محبطًا كما يريد الشيطان له أن يكون.. فلا تستجب له، إنه يهدف لأن يصيبك بالحزن والهم والغم.. وهذا ما يمتناه: «الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ»، فى حين أن المؤمنين يقول الله عنهم: «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»، فأقبل على الله بعقل وقلب يحبه بلا خوف، افعل ما يرضيه، وابتعد عما يغضبه، لتذوق حلاوة الإيمان.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الله

الله قريب ولكن الطريق إليه مملوء بالحفر والمطبات والبلاعات

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

اللهم

اللهم الطف بينا في القضاء والقدر

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو احمد

ارض الله الواسعة

من قال ان بيننا وبين الله طريق مملوء بالحفر والمطبات.... طريقك الي الله هو العمل الصالح... طريقك الي الله هو الكلمة الطيبة... طريقك الي الله هو تبسمك في وجه اخيك... فهو صدقه... طريقك الي الي الله هو القاء السلام الي من تعرف ومن لاتعرف ...طريقك الي الله هو نشر السلام في الارض .. طريقك الي الله هو حب الناس وحب الخير وعمل الخير والامر بالمعروف والنهى عن المنكر ... هذا هو طريقك الي الله وهو نفس الطريق الي الجنة .

عدد الردود 0

بواسطة:

مراد

مالكم كيف تحكمون ؟؟

هل انت من تقول ان الاسلام خلال 100 سنة عرض بطريقة مشوهه !!! تدعي التشويه ومصر فيها الازهر الذي علم العالم واخرج الالوف الالوف من العلماء الذين ملؤا الارض نورا وعلما ووسطية على مدى المئات من السنين الاسلام لم يعرف الارهاب والعنف الا بالدخلاء من أمثالك ممن لايملكون العلم الصحيح ويهيمون ويتكلمون ويضلون وهذا طبيعي لان الشغلة بتجيب فلوس كويسه -اتقوا الله في الناس

عدد الردود 0

بواسطة:

ديوسف

وأوجه رسالتي الي اليوم السابع

وأوجه رسالتي الي اليوم السابع لماذا تنشرون مقالات هولاء وانتم تعلمون من هم وما دورهم في تخريب عقول الشباب بالقصص التي ليس لها اي دليل .

عدد الردود 0

بواسطة:

جنة محمدي

من محب عمرو خالد إلى غير المحبين !!

بعد بسم الله .. لماذا تكهرون هذا الرجل الذي نذر حياته كلها للإسلام ولهداية الشباب بالحكمة والموعظة الحسنة .. تعلمون كم من الآلاف اهتدوا إلى الله والتزموا العبادة على يديه .. تعلمون محبيه ومريديه لكلمه الطيب ورسالته الوسطية حصرت له محبيه على مواقع التواصل فقط فجاوز العدد 40 مليونًا بخلاف محبيه عبر التلفاز .. هذا الرجل يتحدث بمنطق جديد في القدوة والموعظة الحسنة لم نعهده على علماؤنا فلماذا تهاجمونه وهو رجل نحسبه على خير والله حسيبه ولم نرى منه خطأ وإن فسرت بعض كلماته عن جهل بأنها خطأ أستطيع أن أرد عليها جميعًا ولكن لا أريد أن أطيل وأدعوا من يرى أنه أخطأ في شيء إلى البحث عن ذلك في كتب العلماء وسيجد انه صحيح بإذن الله .. أكمل دكتور عمرو خالد ونحن وراءك بالملايين في رحاب ريب العلمين .. وربنا يهدي الجميع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة