سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 24 إبريل 2004.. رحيل محمود مرسى.. الاستثنائى فى الفن والحياة وكتابة نعى الوفاة

الإثنين، 24 أبريل 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 24 إبريل 2004.. رحيل محمود مرسى.. الاستثنائى فى الفن والحياة وكتابة نعى الوفاة محمود مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعر الفنان محمود مرسى بالإعياء، قبل يومين من استئناف التصوير فى مسلسل «وهج الصيف»، إخراج هشام عكاشة، فطلب ابنه الوحيد علاء الذى اصطحب زوجته الكاتبة الصحفية أمل فوزى، وأسرعا إليه، وتم نقله إلى مستشفى الزراعيين وفيها: «غادر الحياة دون أن يزعج أحد، وكان طلبه ألا تكون هناك جنازة وأن نعلن الخبر بعد دفنه، وقد كان»، حسبما ذكرت الفنانة سميحة أيوب للكاتبة الصحفية سناء البيسى ««الأهرام 6 سبتمبر 2014 - رحل فى وهج الصيف»».
 
كانت الوفاة يوم 24 إبريل «مثل هذا اليوم» 2004، وفيما فرض الخبر حالة حزن على رحيل هذا الفنان الاستثنائى، لفت أسلوب نعيه إلى ما كان عليه كإنسان، فلم يذكر أنه قريب فلان كنوع من المباهاة والفخر الاجتماعى، وإنما قال: توفى محمود مرسى صديق فلان وفلان، وكتب أسماء العديد من أصدقائه منهم: الكاتب الروائى إدوارد الخراط، والمهندس ميشيل مرقس، والفنانة سميحة أيوب «زوجته السابقة والوحيدة وأم ابنه الوحيد علاء»، والأستاذ محمد سعيد سلامة.
 
كان ذلك تعبيرا عن شخصية كرهت زيف الحياة، لكنها فى نفس الوقت وحسب الناقد كمال رمزى كانت كـ«الغابة»، أى كما يقول: «محمود مرسى بغموضه ورهبته، وبكثافته واستقلاله وطابعه الخاص، وبسحره المتمثل فى قدرته على جذب اهتمام الآخرين، وإثارة فضولهم، يذكرك بالغابة، فهو عالم كامل، مبهم، يمتلئ بالظلال، قد يبدو ساكنا، هادئا من الخارج، لكن ما إن تتوغل فى أحراشه حتى تجد أشكالا وأنواعا وألوانا من الأشجار والكائنات، نباتات تدفع عن نفسها الأذى بأشواك مدببة وثابتة تضرب جذورها فى الأرض بقوة، وثالثة عملاقة، ورابعة ضعيفة هزيلة، أما الكائنات فبعضها مسالم، هادئ أليف وطيب لطيف، وبعضها الآخر عدوانى وحشى الطباع، بالغ الشراسة، مفترس، ومثل الغابة محمود مرسى، أحيانا كالحلم الجميل، الناعم، وأحيانا كالكابوس المروع، الصاخب المفزع، إنه طاقة من الحنان والمحبة والرحمة، عندما يريد، وقوة هوجاء مدمرة ستعصف بكل ما حولها فورا وبلا تردد عندما تنتابها الرغبة فى البطش والعدوان».
 
يضيف رمزى: «الأستاذ بأسلوبه الموهوب، الرصين، الواعى قدم تجسيدا بديعا لغابتنا بكل كائناتها: الأليف، والوحش، الحنون، والقاسى، العادل والظالم الوادع والشرس، الجميل والدميم وياله من درس ثمين» «الأهرام العربى- 8 مايو 2004».
 
بدأ «مرسى» غابته منذ بدء حياته فى الإسكندرية «مواليد 7 يونيو عام 1923»، حيث عاش طفولة قاسية بأثر انفصال والديه المبكر، وحسب رواية صديق عمره ميشل مرقس لـ«البيسى»: «كان والده مرسى بك محمود نقيب محاميى الإسكندرية فى العشرينيات من القرن الماضى، وعضو مجلس الشيوخ، وصاحب صالون أسبوعى يتردد عليه كل خميس أصدقاء الفن والأدب والثقافة والسياسة والطرب، ومنهم الشيخ سيد درويش الذى» استحوذ على أنّات وآهات الأفوكاتو الدامعة المتوجعة ليحوِّلها إلى موال ألم: «أنا هويت وانتهيت وليه بقى لوم العزول»، والسبب، حسب «البيسى» أن «مرسى بك» تعرض لضغوط منزلية هائلة من الزوجة أم الستة أولاد الذكور، لدفعه لطلاق زوجة السر الصغيرة الحسناء التى جاءته زبونة لرفع قضية على الجيران فوقع فى هواها وتزوجها لتنجب له محمود، ثم تزوجت المطلقة الحسناء لاشين بك نصار الذى أنجبت له إسماعيل وصلاح ومصطفى».
 
لم يهنأ الطفل محمود بحياة طيبة فى بيت الأب بعد طلاق الأم، فالتحق بالمدرسة الداخلية وهو فى الخامسة، والسبب كما تذكر «البيسى»: «كى لا يتاح له الخروج من أسوارها إلا مرتين فى العام، عيد الفطر وعيد الأضحى»، ومات الأب ومحمود فى السابعة فاصطحبه زوج الأم لاشين نصار ليمشى وراء النعش بجوار إخوته الست كنوع من إثبات صحة النسب للفقيد».
 
تركت هذه المرحلة أثرها على محمود، لكنه الأثر الذى يحمله إلى أن يكون مختلفا، والاختلاف يعنى التفوق، والتفوق تجلى فى أنه الأول على القطر فى الثانوية العامة بالرغم من حصوله عليها من المنزل، ثم التفوق فى دراسة الفلسفة بآداب الإسكندرية، تلك الدراسة التى عمقت فيه رؤيته بأن لكل حركة فى الحياة معنى، وفى الجامعة تفوق فى أول خطواته للفن ببطولته لمسرحية أوديب لسوفوكليس ترجمة د. طه حسين، ونجحت المسرحية.
 
يتخرج من الجامعة، ثم يعمل فى الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى»، وبعد شهور يعود بلا مال لأنه أذاع خبر تأميم جمال عبدالناصر لقناة السويس بانفعال يرتعد بفرحة النصر، وتبدأ رحلته الفنية مع الإذاعة بإخراج مسرحيات عالمية ومسلسلات، ويبدأ فى السينما بطلا لفيلم «أنا الهارب» إخراج نيازى مصطفى عام 1962، وتتواصل أعماله الفنية ليكون رصيده بطلا لـ25 فيلما فى السينما، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة