يوسف أيوب

الاهتمام بأفريقيا يبدأ من منطقة البحيرات العظمى

الثلاثاء، 28 فبراير 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مصر تتحرك لإقرار السلام فى منطقة البحيرات استناداً لقاعدة أنها لا تزال قلب أفريقيا النابض

 
البحيرات العظمى الأفريقية، هى سلسلة من البحيرات تشمل بحيرة فيكتوريا، أكبر البحيرات العذبة فى العالم من حيث المساحة وبحيرة تنجانيقا، ثانى أكبر بحيرات العالم من حيث الحجم والعمق، وتضم أيضًا بحيرات توركانا، وألبرت، وكيڤو، وإدوارد.
 
وتعد منطقة البحيرات الأفريقية من أغنى مناطق أفريقيا بالماء، ومصادر الثروة، بل هى أغنى مصدر للماء فى قارة أفريقيا، فهى خزان ماء ضخم، وهى أيضًا منبع نهر النيل وهى الغنية باليورانيوم، والكوبالت، والنحاس، والألماس، والذهب، والأحجار الكريمة، وبها شلالات إنجا التى تكفى لسد احتياجات القارة من الطاقة الكهربائية، وتشمل المنطقة حاليًا دول بوروندى ورواندا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وتنزانيا، ورغم ما تملكه هذه المنطقة من ثروات، إلا أنها للأسف الشديد تسودها صراعات عرقية قادت إلى مذابح رهيبة متبادلة بين أطرافها.
 
هذه المقدمة ضرورية لفهم ما حدث فى القاهرة، أمس، حيث نظمت وزارة الخارجية ورشة عمل لمناقشة قضايا منطقة البحيرات العظمى، التى تعانى من العديد من المشاكل، بمشاركة العديد من الدول الأفريقية والمجتمع الدولى، فكثيرون لا يبدو أنهم مهتمون بهذه الورشة، لذلك أردت أن أبدأ بهذه المقدمة التعريفية بالمنطقة ليكون القارئ مطلعًا على أهمية التحرك المصرى، فالمسألة لا تتعلق فقط بكون القاهرة مستضيفة للورشة، لكن الأمر مرتبط بالدور المصرى الفاعل فى هذه المنطقة، التى تمثل العمق الاستراتيجى لمصر فى القارة الأفريقية، خاصة فى مسألة مياه نهر النيل، كما أن القاهرة ترتبط بعلاقات وطيدة وقوية بدول المنطقة والدول المحيطة بها، مثل السودان، جنوب السودان، أوغندا، كينيا وأنجولا، أفريقيا الوسطى، زامبيا.
 
الورشة رفعت عدة شعارات لها، منها بحث التهديدات الأمنية التى تواجه المنطقة، واستراتيجيات عمليات حفظ السلام فيها، ودور المجتمع المدنى فى البحيرات العظمى للمساهمة فى تسوية المنازعات، وإحلال السلام بالمنطقة، فالقضايا والأزمات والمشاكل التى تواجهها هذه المنطقة غاية فى التعقيد، منها على سبيل المثال الأوضاع فى جنوب السودان والكونغو الديمقراطية، والأزمة البوروندية، وتطورات عملية السلام فى أفريقيا الوسطى، وهى المشاكل الطاغية على سطح السياسة الأفريقية، وهناك الكثير من المحاولات الإقليمية والقارية والدولية التى يجرى بذلها منذ فترة للتوصل إلى حلول لها، لكن لم تتوصل أيًا منها إلى النتيجة المرجوة حتى الآن.
 
ميزة هذه الورشة التى تأتى فى سياق تحركات مصرية، أخذت أبعادًا مختلفة طيلة العامين الماضيين، أنها أوجدت لمصر مساحة تحرك جيدة فى هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة لنا، فمصر من خلال عضويتها فى مجلس الأمن، وكذلك مجلس السلم والأمن الأفريقى، كانت أحد المدافعين بقوة عن السلام فى هذه المنطقة، ووقفت القاهرة كثيرًا ولا تزال أمام أية تحركات سواء كانت دولية أو إقليمية يراد منها إفراغ دول هذه المنطقة من ميزاتها أو تركها رهينة لصراعات داخلية تؤدى إلى تفتت هذه الدول وتناحرها والقضاء عليها، بما يتيح الفرصة لبعض الأطراف فى سرقة خيرات هذه الدول.
 
تحركت مصر ولا تزال تتحرك فى اتجاه إقرار السلام فى منطقة البحيرات، استنادًا لقاعدة مهمة، وهى أن مصر لا تزال قلب أفريقيا النابض، حتى وإن أصابها الوهن بعض الوقت لأسباب سبق شرحها فى مناسبات عدة، لكنها الآن تسير وفق تحركات مدروسة فى القارة الأفريقية، تعتمد أساسًا على دفع عجلة التنمية فى القارة، وتحقيق السلام فيها، أخذًا فى الاعتبار المساهمة المصرية بقوات فى بعثتى حفظ السلام فى الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى فى إطار الحرص المصرى على معالجة قضايا منطقة البحيرات العظمى، وتوفير مستقبل أفضل لشعوبها. 
 
لكل ذلك لا أظن مبالغًا إذا قلت إن الاهتمام المصرى بأفريقيا يمكن أن نلمسه من قياس فاعلية التواجد المصرى فى منطقة البحيرات، نعم فهو تواجد ليس بالشكل المأمول، خاصة على المستوى الاقتصادى، لكنه تواجد مقبول فى ظل التحديات التى تواجه الدولة المصرية.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة