نصر فتحى اللوزى يكتب: أسوأ الفساد.. فساد الأصلح

الثلاثاء، 21 فبراير 2017 12:00 ص
نصر فتحى اللوزى يكتب: أسوأ الفساد.. فساد الأصلح الفساد أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الله تعالى فى كتابه العزيز على لسان سيدنا موسى "واجعل لى وزيرا من أهلى هارون أخى اشدد به أزرى واشركه فى أمرى كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا" صدق الله العظيم... لقد كان اختيار الأنبياء والرسل لمن هم فى حاجة إلى مؤازرتهم تسبقه معايير حسن الاختيار ليتحقق لهم ما أمرهم الله به... فكان أول المعايير أن يكون من الأهل وأن يكون قويا فى مواجهة الصعاب وأن يكون جريئا فى كلمة الحق وأن يكون ذى لسان لا ينطق إلا الصدق ثم الإيمان بالله وطاعة أوامره والابتعاد عما نهى الله عنه... لذا كان منصب الوزير من أهم المناصب لتنفيذ السياسات التى بها يتم النهوض بالوطن.. لذا كان ولابد من تحقيق المعايير التى بها يتم حسن الاختيار.. ومنها على سبيل المثال لا الحصر حب الوطن والذوبان انتماء إلى ترابه والإخلاص والتفانى فى آداء الواجب المكلف به والابتعاد عن اللهث وراء تحقيق المآرب الشخصية مع تعظيم الصالح العام... مع وضع سبل العدالة نصب عينيه... ويؤيد تلك المعايير السيرة الذاتية التى تكون خير شاهدا على حسن الاختيار تحت مظلة الدراسة العلمية والخيرة العملية بما يتناسب مع طبيعة عمل الوزارة التى سوف يقود دفة سفينتها بشراع الإطار العام للدولة.

 

ومن هنا يتبين لنا أن الاختيار لا يقع على الصالح فقط وإنما على الأكثر صلاحا أى الأصلح.. ليقود جيشا من العاملين فى المواقع المختلفة لفروع وزارته... فإذا فسد أحد العاملين بدافع الأطماع الشخصية وتحقيق ما ليس له حق فيه فإن الأجهزة الرقابية تكون له بالمرصاد لتقويمه وإعادته إلى طريق أداء العمل كما هو مخطط له.. فإذا أهمل (بعض الأطباء) بأحد مواقع وزارة الصحة فى علاج مريض أو إسعافه مما ألم به فهذا فساد... وإذا تقاعس بعض المدرسين عن القيام بتنفيذ العملية التعليمية على أكمل وجه ليتم تقديم الإنسان المصرى بعد مراحل التعليم المختلفة على أنه وحدة منتج (إنسانى) نهائى كامل المواصفات طبقا للديانات السماوية.. وكامل الجودة فى سلوكيات ينهض بها المجتمع وقابل للتصدير إلى سوق العمل الخارجى... وعلى أسس التربية طبقا للأصول والمثل والمبادئ العربية والمصرية الأصيلة... فإن المعلم يكون فاسدا، وإذا تكاسل الموظف فى مكتبه عن أداء الخدمة للمواطن بسهولة ويسر كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (أحسنوا لقاء الناس ويسروا أمورهم) لأن حسن اللقاء من الضروريات التى تسبق أداء العمل بنزاهة وكرامة، فإن الموظف يكون فاسدا... وإذا لم يقم صاحب المخبز بتقوى الله فى إنتاج رغيف الخبز طبقا للمواصفات المعمول بها من حيث الوزن والجودة، فإن صاحب المخبز يكون فاسدا، وإذا أهمل عامل النظافة فى أداء عمله وترك المكان المكلف بنظافته فإن القمامة سوف تكون مرتعا للزواحف والحشرات مما يعود على المواطنين بانتشار الامراض التى بها تسوء صحة المواطنين، مما يعود بالعجز على الموازنة العامة للدولة يشاركه فى ذلك سوء مياه الشرب وتلوث الهواء... يكون عامل النظافة ومن هم على شاكلته فاسدا... وإذا سلك التاجر مسلك الجشع وارتمى فى أحضان الطمع ورفع الأسعار بدون مبرر غير مراعيا لتعاليم الدين الإسلامى بأن الرحماء يرحمهم الرحمن وأنه أصابه سعار جنى الأموال من حرامه، فاستغل الإنسان فيما يسد رمقه ويستر عورته ويقاوم أمرض جسده.. فإن التاجر يكون فاسدا.. وأما إذا فسد الوزير وهو كان فى الاعتبار الأصلح عند الاختيار فهذا هو أسوأ الفساد.. أيضا إذا فسد مستشار أو مساعد أو نائب الوزير أو أحد العاملين بالمناصب الكبرى هذا أيضا هو أسوأ الفساد... أسوأ الفساد فساد الأصلح Corruption of the best becomes the worst... أن الفساد الذى ينخر فى عظام أمتنا المصرية يختلف من مسئول حمل الأمانة وأقسم القسم بأن يكون أمينا على مصلحة الوطن والمواطنين عن موظف يؤدى عمله وأذله الشيطان ولكن ليس ثمة من فساد الأفضل But there is nothing so ill as the corruption of the best... والأفضل هنا ليس الوزير فقط ولكن كل من يعلو وظيفة بالاختيار... وإذا كان المسئول بسلوكه العملى حقا أصلح فان كل من يعمل معه بالقرب منه أو بعيدا عنه فسوف يكون صالحا.

* اللهم انا نسألك أن تهدى كل من يتم تكليفه بأداء عمل أن يتمتع بضمير يقظا بعيدا عن تزوير المستندات ساعيا إلى التهرب من أداء الحق القومى المتمثل فى ضرائب وجمارك... وأن يعشق الحلال بعيدا عن بيع أراضى وأملاك الدولة بثمن بخس ساعيا إلى تحقيق أرقاما ذات الستة أصفار... وأن يؤدى عمله الحكومى كما لو كان فى عيادته الخاصة أو مكتب استشاراته الليلية... وأن ينتصر على إغراءات وإغواءات الشيطان لرشوة مهما اختلفت مسمياتها وأشكالها وصورها... وأن يكون لسانه بالحق ناطقا... وأن يحارب الفساد مهما كان موقعه... وأن يكون من بين الرحماء الذين يرحمهم الرحمن ويستظلهم فى ظله يوم لا ظل الا ظله.

* اللهم اجعل الفساد تحت اقدامنا انتصارا على الشيطان... وارضاء للعلى القدير... واعلاء لمصرنا الغالية لتحيا مصر... وتحيا مصر... وتحيا مصر.

***

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة