محمد شومان

ملاحظات على بحوث صورة المرأة فى الإعلام

السبت، 23 ديسمبر 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حظيت صورة المرأة فى وسائل الإعلام باهتمام الباحثين الإعلاميين، وقبل التعرف على أسباب ذلك فإن ثمة سؤال يفرض نفسه أولا، وهو: لماذا الاهتمام بصورة المرأة فى الإعلام دون الاهتمام بصورة الرجل؟ وهل يعنى الاهتمام بالتعرف على صورة المرأة دون الرجل نوعا من التمييز ضد المرأة يضاف إلى أشكال ومظاهر التمييز الأخرى التى تعانى منها؟
 
تتلخص الإجابة فى وجود خصوصية تاريخية ومجتمعية لواقع المرأة ومشاكلها فى المجتمع مقارنة بوضعية الرجل والأدوار التى يقوم بها. فهناك قطاعات واسعة من الفتيات والسيدات لم يحصلن على حقوقهن فى التعليم والعمل والممارسة السياسية، ويتعرضن لمظاهر شتى من الاعتداءات والتمييز المادى والمعنوى، وبالتالى فإن استمرار مشاكل المرأة فى المجتمع يفرض على وسائل الإعلام الاهتمام بمناقشتها والبحث عن حلول لها.
 
من جهة أخرى، فإن بعض الفتيات والسيدات فى المجتمع حصلن على حقوقهن فى التعليم والعمل والممارسة السياسية، ومع ذلك فإن هذا التطور لم تعكسه وسائل الإعلام أو تهتم بإبرازه بشكل كاف. ومن جهة ثالثة، فإن هناك دورا تنمويا للإعلام ينبغى أن يقوم به من خلال نشر الأفكار والاتجاهات الجديدة نحو دعم مشاركة المرأة فى جهود التنمية، وتغيير بعض القيم السلبية تجاه مكانة المرأة وحقوقها فى المجتمع. وهذا الدور لم يظهر بوضوح فى موقف الإعلام العربى من المرأة، أو فى الصورة التى قدمها للمرأة كابنة وأم وزوجة لها أدوار متميزة داخل المنزل وخارجه. إن الجوانب الثلاثة تعنى وجود حاجة ماسة للتعرف على صورة المرأة فى وسائل الإعلام بهدف تحليل مكونات هذه الصور، وتقييمها بهدف إزالة ما شابها من قصور، أو تطويرها بما يخدم أهداف تمكين المرأة من القيام بدورها فى التنمية البشرية.
 
والمفارقة أن مسوح الإعلام والإحصاءات تؤكد أن المرأة العربية هى الأكثر تعرضا واستخداما لوسائل الإعلام المختلفة، ربما بحكم الوضعية المفروضة عليها، والقيود الأسرية والاجتماعية التى تحد من حرية حركتها، وبالتالى تفرض عليها المكوث فى البيت لفترات طويلة مقارنة بالرجل، ما يجعلها تتعرض لوسائل الإعلام–خصوصاً التليفزيون–لفترات طويلة. وتقبل الفتيات والسيدات على البرامج ذات المضامين الترفيهية كالمسلسلات والأفلام، وهذه بدورها تحفل بصور مختلفة للمرأة وللأدوار التى تقوم بها. فصورة المرأة هنا تكون مادة أساسية فى هذه المضامين الترفيهية، أى أن صورتها تنتج ويعاد استهلاكها بواسطة المرأة كمستهلكة للإعلام. فإذا كانت بعض ملامح الصورة سلبية فهى إما تصدم إدراكها وتولد لديها مشاعر رافضة، أو ترسخ اتجاهات تقليدية ومشاعر بالدونية، ومن ثم الاستسلام لواقعها.
 
ويمكن رصد اتجاهات رئيسية تبرز فى الدراسات العربية والخاصة بملامح صورة المرأة كما تقدمها وسائل الإعلام المختلفة عبر المضامين والأشكال الإعلامية المعروفة من أخبار وتقارير وصور ومسلسلات إذاعية وتليفزيونية وبرامج ترفيهية أو تثقيفية وأفلام، فضلا عن الإعلان.وأهم هذه الاتجاهات:
 
أولا: التركيز على المرأة كجسد، والاهتمام بالمظاهر الحسية فى تصوير جمال المرأة ودورها فى المجتمع.
ثانيا: استخدام وتوظيف صورة المرأة الجسد الجميل كعنصر لجذب اهتمام الرجل المستهلك أو المستخدم لوسائل الإعلام لمتابعة مسلسل أو برنامج ما، أو حتى لشراء سلعة أو خدمة لا توجد علاقة منطقية بينها وبين المرأة.
 
ثالثا: الاعتماد على صورة المرأة- الجسد الجميل- كنموذج تخاطب به وسائل الإعلام، والإعلان خصوصًا، جمهور المرأة العربية كى تقلده وتصبح مثله.
 
رابعا: حصر المرأة العربية فى الأدوار التقليدية التى تقوم بها، فهى فى أغلب المواد التى تقدم فى وسائل الإعلام العربية زوجة وربة بيت، ولا يحق لها مناقشة الأب أو الزوج أو حتى الأخ. وحتى إذا ظهرت المرأة العاملة أو المديرة فى بعض المسلسلات والأفلام فهى أقل كفاءة فى العمل من الرجل، بسبب المشاكل الأسرية والزوجية التى تحاصرها.
خامسا: تقديم صور غير طبيعية أو غير واقعية، بل وغير منطقية، للمرأة العربية كابنة وزوجة وأم. وتقوم هذه الصور على تشويه واقع ومكانة المرأة العربية ودورها، إما بالمبالغة والتهويل، أو التقليل والتهوين.
 
سادسا: اعتماد الإعلام العربى على خطاب تقليدى فى التعامل مع المرأة يؤكد أدوارها التقليدية فى المجتمع خاصة دورها الاستهلاكى، ويركز هذا الخطاب على مواضيع الموضة والتجميل والأزياء والطهو والرشاقة والإنجاب والتربية. وهى مواضيع قد لا تهم قطاعات مؤثرة من الفتيات والنساء، كما أنها لا تشجع المرأة على المساهمة فى جهود التنمية أو تمكنها من ممارسة حقوقها القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
 
سابعا: قلة ظهور النماذج الإيجابية للمرأة مقارنة بالنماذج والأدوار السلبية أو التقليدية.
 
فى الأخير.. هذا ما انتهت إليه أغلب الدراسات والبحوث العربية وهو حصاد جيد ومهم لكننا مازلنا فى حاجة ماسة إلى إجراء مزيد من البحوث خاصة عن صورة المرأة فى الإعلام الجديد، فثمة صور غريبة تنتشر ويروج لها عبر الواتس آب والفيس بوك وغيرها، كذلك لابد من اعتماد البحوث العربية على عينات أكبر، حيث تغطى فترات زمنية أطول تجرى خلالها مقارنات للوقوف على مظاهر الثبات والتغير فى صورة المرأة فى الإعلام. ولابد أيضا من استخدام نظريات وأدوات ومناهج بحثية أكثر تطورا وقدرة على تحليل مضامين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة اعتمادا على برامج كمبيوتر آلية للتحليل، ما يتيح السرعة والدقة فى تحليل مواد إعلامية كثيرة، وذلك بدلا من استخدام تحليل المضمون التقليدى المعتمد فقط على جهود وملاحظات الباحثين. واقترح بأن يكون التوجه النظرى الذى يجب أن يقود هذه الأبحاث هو احتياجات المجتمع، وضرورة مساهمة المرأة فى جهود التنمية البشرية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة