نشوى رجائى السماك تكتب : "الزحليقة"

الجمعة، 15 ديسمبر 2017 10:00 م
نشوى رجائى السماك تكتب : "الزحليقة" زحليقة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا أنسى ذلك الشعور الذى شعرت به فى لحظات مرت كالدهر. كان عمرى وقتها ثلاث عشر عاما ولم أكن أبدا من هواة ألعاب الملاهى التى ترتفع عن الأرض بمسافة كبيرة ولكننى يومها أحببت خوض تجربة أن أستمتع بالتزحلق من فوق الزحليقة العالية فأنا أصبحت كبيرة وأستطيع أن أفعلها دون خوف.

 انطلقت "أميرة" أختى التى تصغرنى بحوالى عامين تبعتها "نهلة" أختى التى تصغر سابقتها بثلاثة أعوام فى حماس لتصعدان السلم الطويل الذى يوصل لقمة الزحليقة. لم أتأخر عنهما أكثر من ثوان معدودة فتبعتهم صاعدة السلم بهمة و حماس و لكننى و بعد أن أوشكت على الاقتراب من نهاية السلم حينها شعرت أننى قد ابتعدت كثيرا عن الأرض، نظرت نحوها فأصابنى الهلع. حاولت ابتلاع هذا الهلع لأكمل الصعود إلا أن الأمر لم يكن بالسهولة التى تخيلتها فلم أستطع التغلب عليه.

وبينما أنا فى مكانى أصارع هلعى صعدت "أميرة" السلم تتبعها "نهلة" مرة ثانية و ثالثة و حاولتا تشجيعى على إتمام الصعود حيث أنه لا مفر من استكمال الصعود فهو الطريق المنطقى الوحيد لإنهاء هذا الوضع المعلق بين السماء و الأرض.

تجاسرت و بكثير من العناء استطعت التغلب على الهلع و بالفعل فعلتها و وصلت إلى قمة الزحليقة لأركبها فقط رغبة فى العودة بسرعة سالمة إلى الأرض فقد خسرت بخوفى فرصة الإستمتاع بالتزحلق كلعبة ممتعة.

ربما يبدو هذا الموقف بسيطا و لا يستحق ذكره بعد مرور أعوام كثيرة على حدوثه و لكنه علمنى درسا هاما لحياتى و هو أننى حين أخوض معركة أو تحديا أكابد فيه المواجع, فلا ينبغى أن أنظر خلفى إلى ما مر بى من مواجع لأنه إذا فعلتها و نظرت خلفى فربما يصيبنى شيئا يشبه ذلك الذى كبل قوتى و أنا أصعد سلم الزحليقة منذ سنوات طويلة.

هناك أوقات لا ينبغى أن تنظر خلفك إلا إذا بلغت نهاية الطريق التى تنشدها ليكون شعورك عند النظر إلى الوراء شعورا بالإنجاز و القدرة و حتى لا تعطى الفرصة لشعور معيق لك أن يطاردك وأنت تتحسس آلامك أثناء استكمال طريقك.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة