شيخ الأزهر: لو انهارت المسئولية الأخلاقية سينهار احترام الأحكام الشرعية

الجمعة، 20 أكتوبر 2017 11:28 ص
شيخ الأزهر: لو انهارت المسئولية الأخلاقية سينهار احترام الأحكام الشرعية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن نصوص الشرع ليست تفصيلًا، فليس كل إنسان يرغب فى شيء معين ولو كان على حساب الآخرين يقول له الشرع: نعم، يقول الله تبارك وتعالى: "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ"، بل إن القانون نفسه أيضا لا يمكن تفصيله لكل حالة بشكل منفصل وإلا لحدث تضارب، أنا لست مع المرأة ضد الرجل، ولا مع الرجل ضد المرأة، بل أنا مقيد بأحكام الشرع الشريف، ثم كلنا مقيدون بالقوانين التى بنيت على أحكام الشريعة، نحن نتحدث إلى من عندهم إحساس بالمسئولية وإحساس بالآخر الذى كان يوما ما زوجًا له، له حقوق وعليه واجبات تجاهه، وعنده إحساس بأن ظروفًا قاسية فرقت بينهما وأن بينهما أطفالًا لهم حقوق، وعليه أن يتناسى الرغبات الشخصية والنزوات الخاصة.

 

وأضاف فى حديثه الأسبوعى الذى يذاع على الفضائية المصرية، أن المشكلة ليست فى قوانين الأحوال الشخصية ولا فى أحكام الشريعة، بل المشكلة فى الأزواج غير المؤهلين الذين تقودهم نزوات شخصية وأغراض خاصة، وحروب ما كان لها أن تقوم بين عائلتين وبين الأب والأم أو الزوج والزوجة، فما الذى يمنع قائد السفينة وهو الزوج حتى لو سلمنا أنه مظلوم، من أن يتفق مع الزوجة اتفاقا هادئا؟ فحتى الغرب الذى يصرخ البعض مطالبين بالاقتداء به تتم عندهم عملية الانفصال أو الطلاق فى جلسة بين الاثنين، وبعد الطلاق لا تتحول علاقتهم إلى حرب، وفى هذا المقام أود أن أشير إلى أننا لسنا مع طرف على حساب طرف آخر.

 

وأكد الإمام الأكبر أن الواقع يقول: أن الرجل غالبا ما يكون فى المركز الأقوى، والمرأة فى المركز الأضعف هى وابنها أو ابنتها، ومن هنا حمى الشرع هذه المرأة باعتبارها مسئولة عن هذا المحضون، ووضع لها حقوقًا يجب على الرجل أن ينفذها، لأن هناك علاقة إنسانية تستمر بينه وبين زوجته التى طلقت منه، والمشكلة أن هناك أناسا لا يمكنهم الحفاظ على هذه العلاقة الإنسانية، وهى مهمة جدًّا حتى لا ينشأ الولد مهزوزًا وممزقًا، وقلة - من أسف شديد - هى التى تفطن إلى أن الدخول فى حرب كهذه سيدفع ثمنها النهائى الأطفال، قلة هم الذين يقدرون حجم الكارثة، ولذا يجب على الجميع أن يتحمل، حتى يعيش هذا الطفل فى جو إنسانى متسق، يزور والده، ووالده يزوره، ولا يعيش فى جو الخلاف والصراع بين أم ينتمى إليها وأب ينتمى إليه، المسئول هنا ليست الزوجة وليس الطفل، المسئول هو الزوج المطلق أيا كانت الدوافع التى دفعته للانفصال.

 

وتابع : هناك مسؤوليات أخلاقية إذا انهارت لا يمكن أن يصلحها قانون، ولا حكم شرعى، فلو انهارت المسؤولية الأخلاقية سينهار احترام الشرع وبالضرورة سينهار احترام القواعد الأخلاقية، فعندما يشعر الزوج بأن مسيرة الحياة مع زوجته أصبحت صعبة واقتنعت زوجته بذلك وانفصل الاثنان، يجب أن يكون التصرف بناء على مصلحة الصغير، لأنه جزء منهما، أما إشعال الحروب سواء من طرف الزوجة أو الزوج، فالضحية هو الطفل الذى سيدفع الثمن، وفى النهاية قد يتجه إلى المخدرات أو إلى الشارع أو إلى الجرائم، فهل كل ذلك لا يجعلنا نستيقظ وننتبه لنوازن الأمور ونضغط على مشاعرنا ومشاكلنا الصغيرة؟ فنحن لا ننحاز للنساء، لكن نحن نقف مع الشرع وقوانينه، فيجب أن يكون الزوج المطلق مع الشرع ومع القانون والأخلاق العامة، ولو عولجت هذه المشكلة فى إطار الشريعة والأخلاقيات العامة لن تحدث مشكلات، وأول شيء أطالب به المطلق هو أن يتعالى على الحروب الصغيرة لأن ابنه هو الذى سيدفع الثمن، فهذا الولد أو البنت تنسب لك شئت أم أبيت، وأنت المسئول عن أى انحراف سلوكى أو إجرامى يتجه إليه هذا الطفل، وأقل هذه الجرائم أن يكره الطفل والده، هذا الوالد الذى عليه مسؤولية جديدة تختلف عن مسؤوليته عندما كان يعيش مع زوجته ويعيش بينهم هذا الطفل، فمسؤوليته الآن تتعدى إلى كل ما قد يؤثر على نفسية الطفل، إذا نظرنا إلى القضية فى هذا الإطار فسوف تكون المشكلة بسيطة.

 

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أنه لا يتمنى أن يرى من يفشل فى الحفاظ على كيان أسرته، سواء هذا الشخص مصرى أو غير مصرى، عربى مسلم أو غير مسلم، فالأسرة لدينا نحن بالذات فى الشرق لها قداسة خاصة، غير القوانين والأخلاق العامة، لديها قداسة فى تقاليدنا وعاداتنا وأدياننا وشرائعنا، ولا يفترض أن نتعامل بهذه الصورة، ومن ينادى بأن العقد شريعة المتعاقدين، وهو غير فاهم لمذهب أبى حنيفة، ولا يعرف المسألة، هل كتب فى عقد الزواج أنه إذا تم الطلاق يسلم الولد فى سن كذا؟ إذا كان هذا مكتوب فى العقد عند المأذون فلا ضير أن ينفذ، لكن العقد الذى تعاقدت عليه، الحضانة فيه خاضعة لقانون آخر، هذا أولًا، ثم أن البعض يفهم أن العقد عند أبى حنيفة تسلم فيه البنت على تسع والولد على سبع، من قال ذلك؟ هذا رأى من آراء المذهب الحنفى بدليل أنه لا يوجد نص قطعى من القرآن أو السنة، يقول: سلموا الولد فى سن كذا أو سلموا البنت فى سن كذا، ولكن الموجود هو أنه حين يستغنى المحضون عن الحضانة ويصبح قادرًا على أن يلى أمور نفسه هذا هو الفيصل الذى وضعه الشرع.

 

وأردف فضيلته: قد يسأل أحد ما، لماذا لم يحدد الشرع سنًا معينًا لنزع الابن أو البنت؟ لو نظرنا إلى الأحناف فى تحديد سن البنت بتسع والولد بسبع وهو رأى الفقيه الحنفى المعروف بالخصاف، وقد كان مهتمًا بالأسرة فى ذلك الوقت، وله كتاب اسمه الرضاعة، وهو متوفى سنة 261هجرية، أى من حوالى 1200 سنة، وقبل 1200سنة كان الولد ممكن يعتمد على نفسه فى سن سبع سنين، ويتحقق بذلك الغرض الفقهى والشرعى وهو استغناء المحضون عن الحضانة، فكان الولد وقتها يمكن أن يتاجر ويخرج للعمل، لكن الآن الولد فى سن سبع سنين غير قادر على أن يلى أمور نفسه حتى أسلمه، وأقول هذا مذهب الأحناف، ثم أن البعض يقول أن هذا مخالف لقانون الأمم المتحدة، بالعكس قانون الأمم المتحدة يقول أن الطفولة لسن 18.

 

 وأشار الإمام الأكبر إلى أنه إذا قضى الأمر إلى نزع هذا الطفل من أمه وأعطيناه للأب، هل يستطيع أن يقوم على خدمة نفسه فى النظافة والملبس والطعام، وخاصة إذا ضم إلى أب متزوج من امرأة أخرى، فالعادة أنه لا يطلب منها هذا وإذا طلب فهو تكليف بما لا تطيقه، فإذا اطمأن القاضى أن ابن سبع سنين يقدر على ذلك لا بأس، لكن من يستطيع ويجرؤ أن يقول: إن الطفل فى هذا الزمن يستطيع أن يفعل كل هذه الأمور على سبع سنين، ثانيًا أضرب مثًلا، قبل القانون 25 لسنة 29 وهو قانون قائم على الأحوال الشخصية على مذهب الأحناف كانت البنت تسلم على 9 سنوات والولد على سبعة، ويؤخذ بقوة الشرطة، ولكن فى عام 1929 الدولة فطنت إلى أن هذا أصبح غير ملائم فتم رفع سن الولد إلى 9 سنين والبنت إلى 11سنة، وكان من الممكن أن يستمر هذا القانون الجديد 10 أو 20 أو 30 سنة، ولكن عام 1932 أى بعد ثلاث سنوات فقط تغير القانون مرة أخرى، وكان القاضى يحكم أن يبقى الولد مع أمه حتى سن البلوغ، والبنت حتى الزواج، وهذا نص القانون: "للقاضى أن يأذن لحضانة النساء للصغير بعد سبع سنين إلى البلوغ وللصغيرة إلى الدخول إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك، وللأب وسائر الأولياء تعهد المحضون عند الحاضنة وتأديبه وتأمينه" فهذا قانون 1932 أبقى حضانة الولد إلى سن البلوغ والبنت إلى الزواج إلا أنه احتاط بألا يخلى سبيل الغلام إلا إذا كان ناضجًا، يعنى لو بلغ الولد ووضح أن مستوى فكره ووضعه يتطلب حاضنا يبقى بعد البلوغ مع الأم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

جزاك الله خيرا ياشيخنا الجليل

نريد الكثير من هذه التوضيحات لكل الأمور والمشاكل فى حياتنا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة