وائل السمرى

مات سيد حجاب «واختفى النيل الجميل من تحتنا»

الجمعة، 27 يناير 2017 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينى وبين الحزن عمار، بينى وبينه عهد وميثاق، لا منه أنزعج ولا منى يمل، بين وبينه معرفة قديمة، يهل ببوادره كعاصفة صامتة فأعلن حالة الاستعداد، لكنى الآن أشعر أن الحزن لم يأت فى تلك الصورة المعهودة، أتى الحزن بغتة، أتى صاعقا مؤلما، للحزن الآن أنياب يغرسها فى القلب، للحزن مخالب يحفر بها العينين، للحزن أقدام يدهس بها الرأس، للحزن رماح يغرسها فى وجدان من حفظ أشعاره عن ظهر قلب واستراح لرفقته حينا من الدهر، للحزن أبواب فى روافد الدمع فتحها على مصراعيها.
 
مات سيد حجاب مترفعا متألما، صامتا فارسا شريفا، المرابط على حب الوطن مات، تميمة الطيبين وأيقونة العاشقين مات، فيا عم السيد، لم نستوعب بعد جمال وجودك، فلماذا توجعنا بهذا الغياب المرير؟ لماذا اخترت أن ترحل وحدك، وأنت من ملأ حياتنا بالونس والدفء والمحبة؟ لماذا تتركنا و«الشر شرق وغرب داخل فى حوشنا»، وأنت تعرف أن مثلك عزيز؟ لماذا تتركنا وأنت الباقى من زمن الوطن الفاتن لنعيش فى وطن الفتنة؟ ولماذا تركتنا وأنت تعرف أن بوصلتنا مهتزة، وأرواحنا تائهة، وأننا مازالنا على المحك، وأن الفضاء الذى ستتركه لم ينضج بعد لحمل شبيها لك؟
 
يا عم سيد، كيف يصمت هذا الحزن الصارخ وأنت فى أعماق أعماقنا كامن؟ من أين يا صاحبى الكبير نجد الصبر على فراقك الموجع وفى كل شبر من أرض مصر نغمة وفى كل وريد من أوردتنا كلمة، وفى كل جرعة من ماء النيل دمعة تجرى عليك، يا سيدنا وحبيبنا، يا مرجعنا وبوصلتنا، يا شيخ بلدنا وحكيمها ورائيها، يا ابن مصر وأبوها، غيابك أودع فى القلب غصة، والقلب ضعيف، غيابك زرع فى الوطن حسرة والفقد مخيف، كنت معنا يا عم السيد فلم نكن نخشى على الوطن من شىء، فقد رسمت كلماتك حدوده، وعمرت قصائدك وأغنياتك شرايينه، فانتمينا إلى حبيبتك التى من ضفائرها يطل القمر، وذبنا عشقا فى «شموسة صافية نورها ما ينطفيش» فى «الحلوة» التى قلت إن لها «قلب كبير يضم الولاد وزاد وزوادة وضله وسبيل» فمن بعدك يدلنا عليها يا عم السيد، بعد أن «اختفى النيل الجميل من تحتنا.. والمدن والريف وأول عمرنا» وكيف نطمئن على بلد أصبحت بلا «سيد» لوجدان أبنائها ولا «حجاب» يمنع عنها الموبقات؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة